عدنان

احداث اليمن

هذه حقيقة الشعب اليمني اليوم وهذه ثورته!!!

لست أدري كيف حدث هذا ، وكيف تبلورت تلك الصورة لهذا الشعب .. لكنها الحقيقة.. حقيقة قبيحة لكنها تبقى أفضل من الأوهام والأكاذيب والزيف ، على الأقل عندما نلمس الحقيقة لعلنا نغيرها .. من يدري!!
نحن الشعب اليمني أمسينا نعشق الغش ، ونعشق الرشاوى والاتفاقات القذرة تحاك حتى بين الأسر، نذوب في كل ذلك .. نسميه التعاون ، والله في عون المرئ مادام المرؤ في عون أخيه .. نعلَم أطفالنا منذ البداية كيف يستغلون قدراتهم ومواهبهم في الغش وفي خطف الفرص وسرقة مجهود الغير ، ثم القفز على المناصب ، أما اللون الذي يعجبنا سواء أكان في مجال الثقافة أو السياسة فإننا نرتديه وياحبذا لو أنه يخدم مصالحنا وإلا فليس من داعٍٍ كي نتعب فيه .. إننا الشعب الذي لا قيمة عنده لأي مبدأ ولا لأي بشر ولا لأي أرض إلا إنْ كانت تشكل مصلحة شخصيةً له
وعندما خرجت الناس للثورة خرج اليمنيون ، ولنقل أن فيهم من المخلصين والواعين خمسين أو مائة وإنْ زدنا فلتكن مائتين ، إلا أنها كانت الملايين من البشر المحركين كالدمى تحركها ملايين الريالات والأحزاب والاسلحة التي كانت تدفعها عائلة الاحمر ومشائخ عدة اعتادوا استلام رواتب شهرية تقدر بالملايين بل من السخرية أن تقسم آبار النفط في اليمن وأراضي السواحل وأراضي شاسعة لمدن سكنية جديدة بأسماء المشائخ وأصحاب النفوذ والأقارب ، فالبلد في شرع أغلبية الشعب اليمني تمثل الغنائم ، غنائمُ كبيرة للكبار وغنائم صغيرة للصغار ، أما تلك المشاعر حول الوطنية والحرية الحقيقية بين الأمم والعزة والكرامة فهي تهمُ لمن يروج لها بأنه مجنون أو حاقد أو قليل الحيلة لم يستطع الحصول على شيء …. وتتمة الحكاية أن هؤلاء المقتسمين من الأهل وأولاد العم اختلفوا وكان قد وصل خلافهم على نفوذ الدولة وثروات الجنوب إلى أقصى مداه .. فإذا بالثورات العربية تبشرهم وإذا بشعب يمني مميز وفريد فلا وعي ولا إخلاق ولا مبدأ بل إنه جائعُ منهك ، لذا فهو جدير بأن يستغل ويسهل توجيهه بسهولة واقناعه بأمر ثم تعود لإقناعه بأمر آخر فلا مشكلة ، فمع كلمات تدغدغ الأحلام ومع منظر القوة وبقليل من الطعام والقات وبكثير من قلة الوعي يمكنك أن تحدو به حيث تشاء …
إذن فقد كان الحل هو وعاء الثورة مع طبخة يمنية ذات رائحة نتنة .. عندما نضجت وجدنا مكوناتها شريرة وسحرية جزء منها مؤتمر مع معارضة فاسدة جائعة وعائلة الأحمر وجزء منها خليجي تفوح منه رائحة الخادم والجزء السحري أمريكي وصهيوني وغربي ووعود نفطية قالوا للشعب أنها نفدت بينما 80% منه ويفوق المنطقة الخليجية لم يستهل ناهيك عن باب المندب والقواعد العسكرية والسفن الحربية حتى جزيرة ميون أجرناها لمدة 150 سنة لفرنسا ولليهود الوسيم ساركوزي …. ثورة أمسى قائدها ومضبَط أركانها القاتل علي محسن الاحمر أخ الرئيس على عبدالله صالح .. حاجة كدة تشعرك بالحكة في داخل عقلك وبزلزال يبتلع أرضية قلبك ..
ومع أننا كلنا نعرف من هو الشعب اليمني ؟!!.. ورغم هذا فإنهم يتحدثون كل يوم بأننا شعب حضاري وعظيم وشريف … أكاد أجن ؟!!!! من أين يأتون بكل تلك الثقة والجرأة على الأكاذيب ؟!!!! إننا نمشي في المدينة كالققط داخل القمامة ، والناس والله تجلس على قارعة الطريق رغم الروائح العجيبة ، ومن يدري ربما يتحدثون عن عظمتهم وحضارتهم في تلك الجلسات ، وإذا حدثتهم عن عمال النظافة أن يقفوا بجانبهم من أجل حقهم في التثبيت ومن أجل نظافة المدينة والصحة ، تجدهم ينظرون إليك باستغراب !!…. شعبُ تأكله السرطانات أكثر من الدول الأخرى بأضعاف مضاعفة ، حتى امتلأت مستشفيات الهند والأردن بمرضانا أما الفقير جدا فيترك ليموت نهشاً بيد المرض ، ووالله لا يسألون لماذا؟!! وإذا سألت أمامهم هذا السؤال نظروا إليك شزراً وقالوا : السرطان موجود في كل مكان ، دونما أدنى علم لهم بأي إحصائيات .. لا يأبهون لشيء لا لأحوال المستشفيات ولا للأدوية المهربة التي تجتاح البلد ولا لمساوئ الغش في المدارس ولا للقصص المسؤولين عن السرقات بل يتحدثون عنها وهم يضحكون ، والمهم أن يأكل الرجل ويؤكَل غيره … كم أتمنى أن يخبرني أحدهم ماذا فعلت تلك الثورة ؟!!
في الأمس القريب سمعنا امرأة تدعى توكل كرمان من قناة الجزيرة تتحدث بمنتهى الثقة : إننا شعب حضاري وأننا لا نقل عن الشعب المصري والتونسي وأننا واعون مثلهم وسنحقق الحرية التي نحن جديرون بها .. وعندما وجدت أننا لن نحقق إلا حرية فراخ وديوك كل ما نابها أن أقفاصها طليت بألوانٍ زائفة جديدة ، فسافرت تلك المرأة إلى سركوزي اليهودي والذي أمسى الراعي والمدافع عن ثورات عربية مريضة بوحشية أنظمتها وبقلة الوعي أو القبلية أو الطائفية طبعا لست أتحدث عن مصر وتونس ، وهكذا طارت العصفورة الغبية ولست أدري بأجنحة من ؟! ومن كان ينفق عليها كل تلك الشهور ؟! لكنها حطت أخيراً في عش الغول الرأسمالي مستعمر الشعوب الفقيرة ومستغفلها اسمه هذه المرة أوباما ، وظلت تتنقل بين مدن الولايات المتحدة بحثا عن الحرية لبلد تملؤه الأطماع الأمريكية .. ذهبت البلهاء تبحث عن الحرية في البلد الأم الراعي للصهيونية والذي دمر العراق وأفغانسان ولقح محبَلاً كل الدول العربية بالفساد والضعف والمهانة ، وانهالت على عبدربه منصور الصنم الفارغ بما يستحق وكدت أصدق قناعتها ومبدأها ، ثم عادت تؤيده ووضعت ورقتها في صندوق الانتخابات ، ثم صفقت ، لست أدري لماذا كانت تصفق ، لكن طبعاً لابد من سبب وجيه لهذا ، فليس من شيء في الدنيا إلا وله سبب…. وإلا فإن اللعب بمصائر الناس ليس فقط قلة أدب ، بل أيضا قلة ضمير واستهتار … وقد أردت من ذكرها أن أوضح فقط بأن هذه هي نوعية طبقة المثقفين والواعين في اليمن ، وهم لا ينأون بأنفسهم عن دائرة التآمر والاستفادة أياً كان نوعها سواء أكانت حزبية أو مادية أو مناصبية .. هذه هي النوعية لا أكثر ، فما بالنا بمن هم دون ذلك ؟ !!!! وأما الجدة والابتكار فتكمن في التقليد السطحي فقط ، حتى أنهم سموا حزبا جديدا بالحرية والعدالة ، والسلفيون يعتزمون تشكيل حزب .. وهكذا ألا نشبه الغراب الذي ألصق على جسده ريشا سرقه من أجمل الطيور…لماذا لا نصرخ في ضمائرنا حتى تستيقظ ، ونسقط الأقنعة والأكاذيب والأنانية ، ونعالج مشاكلنا فعلا ونحب بعضنا بصدق ، ونحارب الفاسدين بصدق ، ونعشق بلدنا عشقا حقيقيا ، والله أنا من شمال اليمن وولدت في عدن ورأيت كيف كان يعامل الجنوبيون الشماليين كانوا يحبوننا …لا تفرقة البتة لا عنصرية مطلقا ، كنا شعبا واحدا ، كان ثمة الكثيرين من الشماليين في السلطة كالخامري وعشيش وعبدالفتاح اسماعيل وغيرهم …. لماذا فعلتم هذا بالجنوبيين لماذا عاملتموهم وأرضهم كالغنائم وهم الذين استأمنوكم وقدَموا لكم كل شيء مسالمين ورفضوا عروضا خليجية لمنع الوحدة في ذلك الوقت ، لمَ الخيانة والغدر ؟!!… لماذا جازيتموهم هكذا جزاء ؟!!!!
أوهل يظن ظانٌ أنني لست أتمنى أن يغدو شعبي أعز وأشرف وأعظم الشعوب ، أفاخر به الدنيا وأرفع به رأسي وأتباهى به بين كل الأمم .. أولم تعتصرني الغيرة والألم رغم فرحي وحبي لمصر وأنا أرى هذا الشعب يحاول تخطي العقبات رغم كثرة تحدياته ليصنع بلدا حقيقيا ، هناك على حدود إسرائيل … أولم أتمنى أن تكون الأمور في ثورة شعبي نقية وجلية لأخرج مطالبة بحقي وبالحرية … لكنَ العزاء أنني كنت من شعبٍ عظيم يصفه النبي بأنه كان من أرق وأرحم الأمم ، فطوبى لكم من قبل ألف عام يا موتى اليمن

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Saturday, March 17th, 2012 في 06:59

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي