ألَمْ يَحِنْ بَعْدُ عَوْدَة ُالرُوحِ إلَى جَسَدِ الوَطَنِ المَصْلوبِ الأحْزانِ المَسْلوبِ الوِجْدانِ . ؟ ! .
ألَمْ يَحِنْ بَعْدُ صَباحُ الإصْلاحِ التَنْويرِىِّ الحَضارِىِّ الرُؤَى المَعْرِفِيَّةِ وَالتَعْلِمِيَّةِ وَالتَرْبَوِيَّةِ بمُؤَسَّساتِنا التَعْليمِيَّةِ التابعَةِ لِوِزارَةِ التَرْبيَةِ وَالتَعْليمِ التى عَرْبَدَ سُوسُ الفَسادِ بمُديرِيَّاتِها وَإداراتِها حَتَّى خَبايا جِيناتِ نُخاعِها عَرْبَدَةَ الخُسْرانِ بإحْلالِ الطالِحِ مَحَلَّ الصالِحِ . ؟ ! .
ألَمْ يَحِنْ بَعْدُ الخَلاصُ مِنْ هَيْمَنَةِ سَحَرَةِ الدَجَلِ بسِحْرِ غسيلِ العُقولِ بمُعْتَقَداتِ اللا مَعْقول المُدَجَّجَةِ بأسِنَّةِ الجَفاءِ وَالافتِراءِ وَالعَداءِ وَالاعْتِداءِ بالرِماحِ الذَهَبِيَّةِ الخارِجِيَّةِ التَصْنيعِ وَالتَوْجيهِ وَالتَآمُرِ وَالمُؤامَراتِ وَالوَسائِلِ وَالغاياتِ . ؟ ! . فَلِماذا أيُّها المُصْلِحُونَ تُبْقونَ عَلَى مُديرى المُديرِيَّاتِ وَالإداراتِ المُدَنَّسِينَ بوَحْلِ وَلائِمِ الخِيانَةِ وَجَرائِمِ الفَسادِ . ؟ ! . هَلْ سَتَنْتَظِرُونَ ثَوْرَة ً ثالِثَة ً لِنَسْتَكْمِلَ بها الإصْلاحَ التَعْلِيمِى وَالسِياسى وَالاقتِصادِى وَالاجْتِماعِى الشامِلِ الحَقِيقِىِّ المَلامِحِ وَالمَعالَمِ وَالرُؤَى بكُلِّ البلادِ وَالقُرَى بمصْرَنا . ؟ ! .
ألَمْ يَحِنْ بَعْدُ تَطْهيرُ أمْعاءِ وِزارَةِ التَرْبيَةِ وَالتَعْليمِ المصْرِيَّةِ مِنَ الخَلايا السَرَطانِيَّةِ الخَبيثَةِ التى اسْتَوْطَنَتْها اغْتِصابا ً لأماناتِها وَتَجْريفا ً لِكُلِّ مَوْرُوثاتِها وَتَحْريفا ً لِصَحيحِ مُعْتَقَداتِها وَتَزْييفا ً لِتاريخِها الحَضارِىِّ الثَرِىِّ الإنارَةِ وَالتَنْويرِ فينا جيلا ً بَعْدَ جيل ٍ عَبْرَ المَدَى . ؟ ! .
يَظُنُّ الفاسِدُونَ المُفسِدُونَ المُسْرِفونَ المُخْسِرُونَ أنَّهُمْ دائِما ً فَوْقَ كُلِّ القَوانينِ كُلِّها ، وَيَسْتَطيعُونَ خِداعَ أبْصارِ عُيُونِ قَوانينِ الأرْضِ وَآذانِ أوْزانِ ميزانِ قَوانينِ السَماءِ .!!. ” مَكَرُوا … وَمَكَرَ اللهُ … وَاللهُ خَيْرُ الماكِرين ” … وَلَكِنَّ أسْرابَ الجَرادِ الشَرِهَةِ البَغْىِ كَالهَشيمِ بَيْنَ الرَمادِ لا يُمْكِنُها أنْ تَفْهَمَ تَرْجَمَةَ الإنْذارِ السَماوِىِّ الواضِحِ المَعْنَى كَشَمْسِ ضُحَى اليَقينِ لِلإنسانِ وَالجانِ وَالحَيَوانِ وَالجَمادِ . ! ! . وَما زالَ الهَشيمُ بَيْنَ الرَمادِ ، فى أعْيادِ الحِدادِ .!!. فَمَتَى يَتِمُّ اقتِلاعُ الهَشيمِ المارِدِ العِنادِ مِنَ الحُقولِ التائِهاتِ الرُقادِ . ؟ ! . تَعَجَّبْتُ كَثيرا ً بَعْدَ مُرُورِ شَهْرَيْنِ عَلَى الثَوْرَةِ المصْرِيَّةِ الثانِيَةِ التى ما زالَتْ شَبْهَ عاجِزَة ٍ عَن التَغْييرِ وَالتَطْهيرِ وَالإصْلاحِ وَالتَنْويرِ ، فَقِياداتُ العِصاباتِ وَالتَعَصُّباتِ وَالعَصَبِيَّاتِ هُمْ كَما هُمْ فى نَفسِ أماكِنِهِمْ وَنَفسِ مَواقِعِهِمْ بنَفسِ هَيْمَنَتِهِمْ وَجَبَرُوتِهِمْ وَأطْماعِهِمْ وَمُخَطَّطاتِهِم الاسْتِعْمارِيَّةِ المُتَوَحِّشَةِ المُتَوَغِّلَةِ فى خَبايا أعْماقِ النَسيجِ الاجْتِماعِى . ! ! . رَواسِبُ الشَكِّ تَزْدادُ يَوْما ً تِلْوَ يَوْم ٍ ، وَالغُمُوضُ يُشْعِلُ الألْبابَ حَيْرَة ً وَاضْطِرابا ً ، وَالسَوادُ الأعْظَمُ اسْتَسْلَمَ اسْتِسْلاما ً تامَّا ً لِمَخالِبِ القَلَقِ وَالتَوَتُّرِ اكْتِئابا ً . . ! ! . . ما زلنا بانتِظارِ الخَيْطِ الأبْيَضِ الصادِقِ الوَعْدِ وَالحَقِّ وَالصِدْقِ . . تَعِبْنا مِنْ عَدَمِ الفَهْمِ الدائِمِ لِكُلِّ ما يَدُورُ حَوْلَنا . ! ! .
لَيْتَنا نَعُودُ ثانِيَة ً إلَى جُذورِنا الأولَى بكُلِّ بَراءَتِها وَأصالَتِها وَبَسالَتِها وَبُطُولاتِها .
لَيْتَنا نَعُودُ ثانِيَة ً إلَى صِدْقِ الوَفاءِ وَالانتِماءِ وَتَراحُمِ الإخاءِ فى الشِّدَّةِ وَالرَخاءِ .
لَيْتَنا نَعُودُ ثانِيَة ً إلَى الرُوحِ الوَطَنِيَّةِ الأبِيَّةِ . . لَيْتَنا نَعُودُ إلَى رُوحِ أكْتوبَر 1973
الأديب / محمد إبراهيم البنا