1- الفكرة الغربية كانت كالتالي:
– الإسلام السياسي شر.
– لكنه شر موجود وبينتج إرهاباً في أوقات كتيرة.
– الحل الجذري له: إشراكه في السياسة في بلاده التي أنتجته، وبالتالي توجيه طاقاته (السياسية والإرهابية) لمركز جذب آخر غيرنا.
– إشراكه في السياسة وليس بالضرورة سيطرته على الحكم.
– ولكن سيطرته على الحكم لها مزايا مؤكدة:
أ- موازين القوى في غير صالحه فلن يستطيع تنفيذ رؤيته الحقيقية وبالتالي سينكشف أمام قواعده.
ب- يحتاج ليثبت حسن نواياه تجاهنا ليحصل منا على شرعية القبول الدولي وبالتالي نضمن حسن تعاونه على الأقل في المستقبل المنظور.
ج- على الأغلب لن ينجح في التغلب على المعضلة الاقتصادية، وبالتالي سيخسر تأييد ليس فقط قواعده وإنما أيضاً تعاطف المخدوعين فيه.
2- خطأ هذه الفكرة الأساسي هو افتراضها أن التنظيم الدولي للإخوان ثلة من المغيبين غير القادرين على قراءة الموقف وأنهم سيتصرفون طبقاً للمتوقع منهم دون أخذ المبادرة من جانبهم:
– الإخوان أدركوا تماماً المطلوب منهم وحدود قدرتهم على التصرف، ولذلك مثلاً تعاونوا – علناً على الأقل – مع المجلس العسكري ولم يستكملوا “الثورة” لنهايتها الطبيعية.
– بعد الوصول للسلطة – بأصوات عاصري الليمون المصريين المثقفين المتعلمين وليس أصوات الغربيين والأمريكان حتى لا ننسى – سلك الإخوان الطريق الوحيد الذي كان ليجعلهم يفلتون من الفخ الغربي، وهو طريق البدء في السيطرة المباشرة بالدستور والقوانين والرجال المخلصين على مفاتيح الحكم.
– الإخوان لم يكونوا سذجاً: كانوا يعلمون استحالة حل مشكلة الاقتصاد في 4 سنين. ويعلمون استحالة تحدي الغرب وأمريكا وإسرائيل (كما تقضي أيديولوجيتهم) وبالتالي يعلمون أن تماسك تنظيمهم سيكون في خطر. وكانوا يعلمون أن أي إشراك لأي فئة أخرى في الحكم لا يعني سوى عدم قدرتهم على السيطرة الكاملة التي هي أملهم الوحيد في الإفلات من الفخ. وبالتالي لم يكن هناك بديل سوى تأمين وجودهم في رأس السلطة بكل الوسائل وغالبيتها غير مشروعة وغير ديمقراطية.
– هذه هي أسباب عدم قبول الإخوان لتنازلات بسيطة وتافهة من عينة تغيير حكومة قنديل أو تغيير النائب العام أو تقديم أي تنازل في الدستور إلى آخره.
– المعادلة أمام الإخوان كانت واضحة: إنهم يراهنون جميعاً – في الداخل والخارج – على فشلنا وبالتالي إحراق مشروعنا سياسياً وأيديولوجياً. الحل: سنسيطر على الحكم ونؤسس مجالاً سياسياً محكوماً تدور المنافسة داخله بين رجالنا وحلفائنا, والسيطرة على القضاء بالذات ستكون كلمة السر التي ستضمن “ظبط” الانتخابات المقبلة كلها من المنبع (فلترة المرشحين) وبحيث لا يخرج الحكم عن تنظيمنا وحلفاءه الإسلاميين. سنهزمهم بالديمقراطية التي أرادوا هزيمتنا بها.
هذه هي الأسباب الحقيقية التي تفسر سلوك الإخوان العدواني تجاه القضاء ومؤسسات الدولة والإعلام والقوى السياسية والمعارضيين العاديين من الناس خلال سنة حكم مرسي. الموضوع لم يكن سوء تقدير إخواني أو نهم للسلطة. الموضوع كان حساب عقلاني منطقي راشد تماماً.
– الشئ الوحيد الذي استبعدوه هو تدخل الجيش ضدهم مهما حدث. وفي ذلك كان مقتلهم.
3- النهاية الطبيعية للفكرة الغربية إذا استمرت كانت ستكون:
– نظام إخواني/إسلامي سلطوي ذو واجهة ديمقراطية انتخابية محكومة، وبحيث لا يمكن تغييره سلمياً، وكلما طال الوقت كلما تعمقت سيطرته وتوغله في المفاصل المؤثرة.
– إزدهار الإسلام السياسي بدلاً من انحساره في ضوء عدم وجود بديل أيديولوجي جذاب، والأهم في ضوء سيطرته على المجال الثقافي ووسائل إنتاج المعرفة بالتدريج والتي كانت بدأت بالفعل في مجالات وزارات الإعلام والثقافة والأوقاف وبحيث لا يُسمح للبديل الأيديولوجي إن وجد بالتوسع وكسب الأرض.
– في حالة إفاقة الغرب متأخراً وتقريره “الانقلاب” على الإسلام السياسي علناً بوسائل غير ديمقراطية، يكون السيف قد سبق العذل، وتكون مشكلة “الإرهاب” قد تجاوزت كونها ممثلة في تيارات لتصبح ممثلة في دول كاملة على رأسها مصر، ومن يريد وقتها محاربة الإسلام السياسي فعليه محاربة مصر كلها (وقت التهديد الغربي ينجح أي نظام حكم – ولو كان إسلامياً – في إثارة المشاعر الوطنية الحادة لدى معظم المصريين وتوحيد الصف الداخلي).
4 – الخلاصة أن الفكرة الغربية المبسطة والمتركزة فقط على أن الإخوان نبذوا الإرهاب والعنف، تجاهلت أنهم نبذوه لأسباب واقعية تتعلق باختلال موازين القوى بينهم وبين أعداءهم وليس لتغير أصاب أفكارهم المؤسِّسة، وأن وصولهم للسلطة هو قبلة الحياة التي كانوا يحتاجونها لتحويل الإسلام السياسي من رؤية وحلم لواقع مادي وراءه دول كاملة بأجهزتها وقدراتها. وأن الرهان على فشله سياسياً وفقدانه جاذبيته الأيديولوجية وبالتالي سقوطه في انتخابات سلمية، هو رهان خيالي لا يسنده الواقع بأي دليل يوحد ربنا، ولكم في إيران والسودان وحماس أسوة.. سيئة.
5 – كل هذا المسار السابق انتهى يوم 3 يوليو 2013 وبدأ مسار جديد.