محمد امبابي

احداث مصر

قبل ان تلعن العلمانية

قبل أن تلعن العلمانية تذكر انها هى التى تعطيك الحق لنشر ديانتك بـ بلاد الغرب الكافر، هى من تحمى مقدساتك ودور عبادتك وتجعلك تمارس جميع شعائرك بكل حرية .. من منكم لم ينشر صورة تلك الجدارية بـ ألمانيا التى كتب عليها “التبسم فى وجه أخيك صدقة -النبى محمد” .. ومن منكم لم ينشر صورة الحملة الدعائية لـ زجاجة المياه المعدينة بـ أستراليا التى كتب عليها “لا تسرفوا فى الماء ولو كنتم على نهر جار -النبى محمد” .. أو “البوستر” الموجود في المحكمة العليا بـ الولايات المتحدة والتى كتب عليه “المحكمة الدستورية العليا تكرم النبي محمد لكونه من أعظم المشرعين في العالم” .. هذه الصور أن دلت على شىء فأنها تدل على أن الغرب متسامح “على عكسك” وأحياناً ينشر أحاديث رسولك “اللى انتا مبتعملش بيها”، ألم يتسائل يوماً من يقوم بنشر تلك الصور هل هو مستعد أن يرى بالشوارع وبـ الحملات الاعلانية كلمات لأنبياء قد يكون غير معترف بهم أساساً ؟؟ .. أنها العلمانية التى جعلت الغرب متسامح مع كل الاديان والمعتقدات، كل هذا التسامح جاء نتيجة جهود ونضال أجيال، ثورة “فولتير” على التعصب الديني والإرهاب اللاهوتي، ودعوة “ديدرو” إلى تأسيس العلم التجريبي ومحاربة الذهنية الخرافية المتكلة على السماء، صرخة “كانط” للبشرية الأوروبية في مقاله المشهور (ماهو التنوير ؟)، الذي حضها فيه على النضج العقلي وإمتلاك شجاعة التفكير النقدي وبلوغ سن الرشد، “سبينوزا” وتعطشه للمعرفة وصراعه مع المجتمع اليهودى بهولندا بعد ان نُبذ من مجتمعه واهله وطائفته، كلمات الفيلسوف الإنجليزي “جون لوك” الخالدة عندما قال : “من أجل الوصول إلى دين صحيح، ينبغي على الدولة أن تتسامح مع جميع أشكال الاعتقاد دينيًا أو فكريًا أو اجتماعيًا، ويجب أن تنشغل في الإدارة العملية وحكم المجتمع فقط، لا أن تنهك نفسها في فرض هذا الاعتقاد ومنع ذلك التصرف. يجب أن تكون الدولة منفصلة عن الكنيسة، وألا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر. هكذا يكون العصر هو عصر العقل، ولأول مرة في التاريخ البشري سيكون الناس أحرارًا، وبالتالي قادرين على إدراك الحقيقة”.
والكثير والكثير ممن ناضلوا من أجل علمنة المجتمع الغربى ليصل لتسامحه الذى هو عليه الآن، إن العلمانية تحمي البعد الروحي و التعددية، العلمانية إنقاذ للدين من الكهنوت ووقوف الدولة بالحياد الإيجابي من جميع المعتقدات … العلمانية ليست شراً مطلقاً كما قال لكم شيوخ خليج الرمال وممالك الموز كهنة مستعمرات النفط ، إن إستغلال الوجدان الديني للبسطاء وتجيشه لصراع دنيوي ذلك هو الشر المطلق، وذلك هو التحريف العظيم للدين.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Friday, March 29th, 2013 في 03:58

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي