عواد سالم

احداث مصر

صياغة الدستور والخطر المحظور

عندما بدأ البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى مناقشة كيفية اختيار اللجنة التأسيسية للدستور المعروفة بـ “لجنة المائة” بدأت الصراعات تحتدم بين القوي السياسية في البرلمان وكل الأعضاء يريدون أن يكونوا ضمن لجنة المائة وكأنهم كلهم صاروا فقهاء في الدستور!! هذا العقد الاجتماعي المقدس الذي ينظم العلاقة بين المواطن ووطنه أرفع من كل تلك المهاترات.. فنحن يا سادة نشيد دستور دولة ليست أي دولة إنها مصر التاريخ.. مصر الحضارة.. وقدسية ذلك الدستور مستمدة مما يحويه من مبادئ سامية تمثل فيما بعد أساسا لكل التشريعات ومنه تتفرع كل القوانين.. ولكن مهزلة الترشح للرئاسة تأبي ألا تمر مرور الكرام وتلح علينا أن تكرر نفسها في اللجنة التأسيسية فكل من هب ودب يريد أن يضع دستور مصر.. لك الله يا محروسة هكذا تتقاذفك أمواج الزمن العاتية يمينا ويسارا وأنت صامدة صمود الدهر شامخة شموخ الملوك.
إن نسبة “الفيفتي ـ فيفتي” التي أقرها البرلمان لاختيار أعضاء اللجنة التأسيسية ليست الصحيحة أو العادلة على الاطلاق لعدة أسباب منها:
أولاً: أن المادة “60” من الإعلان الدستوري تنص على أن يختار البرلمان أعضاء اللجنة التأسيسية بالانتخاب.. وهذا دليل قاطع لا يقبل الشك أو التأويل أن يكون أعضاء اللجنة كلهم من خارج البرلمان وإلا نصت المادة على لفظ “منهم” أي من أعضاء البرلمان وهو ما لم يحدث.. أيضا فبديهي لا يجوز أن ينتخب البرلمان نفسه!!
ثانياً: هذا يجعل اللجنة التأسيسية تواجه شبح البطلان لأنها ولدت من رحم برلمان ينتظر الحكم في الطعن المقدم للمحكمة الدستورية العليا ضد شرعية نصوص قانون الانتخاب في حالة الحكم بعدم دستورية قانون الانتخاب الذي أصدره المجلس العسكري بواقع الثلثين للأحزاب والقوائم والثلث للمستقلين ومن ثم بطلان الانتخابات وبطلان المجلس بكامل هيئته وبالتالي بطلان لجنة المائة.
ثالثاً: كذلك البرلمان متغير دائما فبالأمس القريب كان الحزب “غير الوطني” مسيطرا على البرلمان أما الآن فإن الحزب الاسلامي ـ إن جاز لي التعبير ـ هو المسيطر.. ولكن الدستور ثابت لا يتغير إلا في أضيق الحدود حتي يناسب تغيرات اجتماعية ـ مثلا ـ أو أن تحدث ثورة كما هو حادث الآن.. فكيف يؤسس متغير ما هو ثابت؟! فهذا يحدث بلبلة فيما بعد.. قد يسيطر بعد ذلك الليبراليون أو اليساريون على البرلمان فيقومون هم الآخرون بإنشاء دستور جديد.. وهكذا.
رابعاً: البرلمان يمثل السلطة التشريعية وهي إحدي السلطات الثلاث “تشريعية. تنفيذية. قضائية” القائمة عليها الدولة فإذا كان ولابد من تمثيل البرلمان بنسبة 50%.. فالعقل والمنطق يقول انه يجب أن تمثل السلطتان الأخريان بنفس النسبة تقريبا حتي لا تطغي إحدي السلطات الثلاث على الأخرين وتأخذ من اختصاصاتهما.
كل ذلك يجعلنا نجزم يقينا بأن المصلحة العامة كانت تقتضي أن تكون لجنة المائة كلها من خارج البرلمان.. تصيغ تلك اللجنة الدستور الجديد ويعرض بعد ذلك على البرلمان لمناقشته وإقراره وعرضه للنقاش العام مجتمعيا ومؤسسيا ثم يستفتي عليه الشعب.. ليقول كلمته الأخيرة في دستوره الجديد.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Tuesday, March 27th, 2012 في 00:36

كلمات جريدة احداث: ,

ردود to “صياغة الدستور والخطر المحظور”

  1. فهد
    28/03/2012 at 13:08

    كله بقى بيفتى ويعترض ويفسر مواد الدستور والقانون والكل خايف من الشريعه عشان يحافظوا على الحرام اللى عايشين فيه يعنى لو كانت الاغلبيه ليبراليه متنكره للشريعه محدش كان حيتكلم والكل حيسقف حسبلى الله ونعم الوكيل احنا بلد اسلامى مش قبطى ولا وثني عشان كده تذكرو قول الله (فاذنو بحرب من الله ورسوله )صدق الله العظيم اللهم ارسل لنا حججاجا اخر او نمرود او طاغيه يسلط علينا من عندك امين

اترك تعليقاًً على هذا الرأي