عبد القادر شهيب

احداث مصر

انتحار سياسي

ماذا يحدث إذا ما قرر المجلس الأعلي للقوات المسلحة عودة الجيش إلي ثكناته والتخلي عن إدارة شئون البلاد. وذلك استجابة لطلب المئات الذين يتظاهرون بشكل شبه يومي أو الآلاف الذين يشنون هجوماً غير منقطع عبر المواقع الالكترونية ضد المجلس؟!
بدون تفكير نستطيع الاجابة عن هذا السؤال بأن ما سيحدث سيكون مزيجاً من الفوضي الهائلة والمصادمات السياسية العارمة.. وفي هذا المناخ سيكون متاحاً فقط للقوي التي تملك قدرات تنظيمية وخبرات في العمل بين الجماهير لتملك ناصية الأمور في البلاد. والامساك بالسلطة.. والمؤكد أن القوي والتيارات السياسية المؤيدة للدولة المدنية لا تملك لا هذه القدرات التنظيمية ولا الخبرات العملية.. وبالتالي ستكون هي الخاسرة. بينما ستكون القوي والتيارات المتحمسة للدولة الدينية هي الرابحة.
وثمة احتمال لا يمكن اغفال حدوثه أيضاً. وهو أن تتحرك قطاعات جماهيرية واسعة طلباً للخلاص من هذه الفوضي التي ستؤثر بالقطع سلبياً علي أوضاعنا الاقتصادية وذلك بدعوة الجيش بأن يتولي هو السلطة ولأجل غير مسمي.. وبذلك يتبدد هدف الداعين لاقامة سلطة مدنية وليست عسكرية.
وهكذا.. إن اصرار البعض علي أن يعود الجيش الي ثكناته وأن يترك مجلسه الأعلي إدارة شئون البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية لن يسفر إلا عن احتمالين لا ثالث لهما.. سيطرة الإخوان وحلفائهم من السلفيين علي السلطة أو عودة الجيش لتولي السلطة بدعوة جماهيرية واسعة.. فهل هذا ما يسعي إليه الحالمون كما يقولون بحكم ديمقراطي وبدولة مدنية؟!
لذلك.. الموقف الصحيح هو الكف عن هذا الهجوم الذي ينظمه البعض ضد “العسكر وحكمهم”. والتوقف عن مطالبتهم بالعودة إلي ثكناتهم وتسليم السلطة فوراً وفي الحال.. لأنه لو استجاب المجلس الأعلي للقوات المسلحة لهم ونفذ طلباتهم سيكونون هم الخاسرين.. وسيكونون هم النادمين ولكن بعد فوات الأوان!
والأجدي لهؤلاء أن يحاولوا انقاذ ما يمكن انقاذه في الانتخابات البرلمانية القادمة والتي اقترب موعدها.. وليوفروا جهودهم التي يبددونها الآن في مسيرات ومظاهرات لا جدوي كبيرة منها. في حشد الناخبين لتأييد مناصري الدولة المدنية الديمقراطية والسياسي الذكي هو الذي لا ينفر الجماهير منه وإنما يسعي لكسب ثقتها وتأييدها.. والسياسي الناضج هو الذي يكسب الأصدقاء وليس الأعداء.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, November 10th, 2011 في 02:19

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي