دكتور/ جميل جورجي

احداث مصر

الانفلات الأمني وكيفية التعامل معه

إن المقصود من عنوان ذلك المقال هو وضع روشتة أو توصيفة أمنية لكيفية التعامل مع مسألة الانفلات الأمني التي ضربت المجتمع أو ضرب بها في أعقاب ثورة 25 يناير ولكن المقصود هنا هو الكيفية التي ننظر بها إلي موقف ورد فعل رجال الأمن حيال هذه الجرائم المروعة التي تقع وكيفية تأهيل الرأي العام لتقبل هذه الممارسات علي اعتبار أنها ضرورات لابد منها وأنها لا يجب النظر إليها من منظور أو دائرة “التجاوزات” والخوف من أن يكون ذلك الأسلوب هو المعمم أو يتم التعامل به علي إطلاقه مع كافة فئات المجتمع ولاسيما القوي والتيارات السياسية التي لديها حساسية عالية لذلك من منطلق الخبرة السابقة في مرحلة ما قبل الثورة.. كلا الجانبين له الحق فيما يذهب إليه أقصد أن رجل الشرطة له مهمة وهي الحفاظ علي أمن المواطن والمجتمع ضد كل ما يهدده وما قد يترتب علي تلك التصرفات والسلوكيات من أضرار تعيب المجتمع وأفراده.. والحقيقة أن رجل الشرطة في إطار هذه المهمة التي تعد أكثر من ضرورية للمجتمع ولاسيما في مرحلة ما بعد الثورة وذلك الحديث الدائر والذي لا ينقطع في كل الأوساط وجميع الأماكن حول تلك الجرائم التي تقع من قتل وسرقة والتي أصبحت ظاهرة منتشرة تكاد تشمل المجتمع كله وهنا تعلو أصوات المواطن العادي الذي يعد الأمن والاستقرار بالنسبة له في مرتبة قد تزيد عن حاجته للخبز أو للشراب “فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان” لذلك نجد هذه الأصوات التي تأتي في صورة استغاثة لرجال الشرطة أو القوات المسلحة لتوفير الحماية التي أصبحت تأخذ مرتبة الأولوية بالنسبة لرجل الشارع ولكن تبقي هذه المعضلة وهي عندما تمارس الشرطة مهامها وتتعرض للمخاطر في تلك الأحداث التي نتابعها ونقرأ عنها في الصحف حول الاعتداءات التي تتم علي رجال الشرطة أو الإصابات التي تحدث لهم والتي قد ترهق فيها أرواحهم في بعض الأحيان عندما يلبون نداء الواجب في مواجهة ومقاومة البلطجية الذين يعتدون علي الجمهور في الأماكن العامة والطرقات هنا نجد الموقف قد ينقسم فهناك من يثنون عليهم لأدائهم لواجبهم وحمايتهم لهم ولكن قد يري البعض في أسلوب تعاملهم مع هؤلاء البلطجية أنهم قد تجاوزوا وأن ذلك السلوك يمكن أن يكون هو القاعدة في التعامل مع كافة شرائح وفئات المجتمع وهنا تثور بالفعل أزمة الثقة التي قد تصبح فيما بعد بمثابة عقدة وعقبة أمام تحقيق الأمن في المجتمع فهي قد تصبح عقدة لدي المواطن العادي الشريف الذي يخاف من ممارسة العنف بكل أشكاله ضده ومن أية طرف حتي ولو كان من المؤسسة الشرطية وهذه عقدة قد ترتبت علي بعض السلوكيات والممارسات الخاطئة في زمن سابق ولا ندري الجوانب الكاملة للقصة التي تقف وراءها أو أن الكثير من أعمال العنف التي مورست قد كان لها ما يبررها والبعض الآخر لم يكن له ما يبرره.. ولكنه قد انسحب ذلك الجزء السيئ من السلوك علي الكل وقد غذت ذلك العديد من الجهات من خلال وسائل الإعلام الداخلية وعلي نحو أكبر الخارجية وهنا نري أن المعضلة تكمن في كيفية بناء جسور الثقة ولاسيما في مرحلة ما بعد الثورة ما بين الجهاز الأمني الذي نحن جميعاً في مسيس الحاجة إليه الآن والذي لابد وأن يتسم بالحزم والقوة لمواجهة هذا العنف الإجرامي الذي يهدد المجتمع ويسلبه آمانه وسلامته وما بين اطمئنان المواطن العادي بأن ذلك الأسلوب الذي يستخدم لمواجهة الجرائم السلوكية الاجتماعية لن يستخدم أو ينقلب عليه في يوم من الأيام.. علي الرغم من أن البعض قد أثني علي سلوك الشرطة العسكرية ورجال الشرطة الذين تعرضوا لإصابات بالغة وقد قتل بعضهم في مقاومة البلطجية وحماية المواطنين إلا أنهم عندما تعاملوا بعنف مع بعض “هؤلاء البلطجية” قد ثار ضدهم الرأي العام وتم إحالة بعضهم للنيابة علي الرغم من ذلك البلطجي لم يكن ليرحم رجل الأمن في هذه المواجهة لو تمكن منه والنتيجة التي تترتب علي ذلك هي أن أمن المجتمع سوف يسلب ويصاب الناس بحالة من الرعب أن الهدف من ذلك هو ليس تزكية العنف من قبل المؤسسة الأمنية ولكن هو أن يكون هناك نوع من التقدير والتقييم للأحداث وللمواقف بموضوعية وأن يكون هناك مساحة من التسامح لرجال الأمن حتي يستردوا الثقة في أنفسهم ويقوموان بالواجب الذي عليهم ولا يتقاعسوا خشية أن يكون ذلك سببا لإدانتهم فهم إن اتخذوا موقف المتفرجين بناء علي الوضع القائم وغياب الثقة فهم سوف يكفون أنفسهم مغبة الإصابة التي تصل إلي حد القتل وفي الوقت نفسه عدم التعرض للإدانة والمحاكمة سواء الجنائية أو من الرأي العام علينا أن نطبق ذلك المبدأ في هذه المعادلة وهي أن “منطق التعامل يحدد أسلوب التعامل” مع هؤلاء الخارجين علي القانون الذي يسلبون المجتمع أعز ما يملك وهو الأمن والأمان.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Saturday, October 8th, 2011 في 01:41

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي