د.لطفي ناصف

احداث مصر

إهمال سيناء يهدد الأمن ويغري بالعدوان

احتلت أخبار سيناء خلال الفترة الماضية وإلي اليوم مساحات كبيرة من اهتمامات وسائل الإعلام القومية والعالمية ان ما يحدث هذه الأيام من انفلات أمني يدق ناقوس الخطر ويهدد بضياع سيناء إذا لم ننتبه جميعا لما يحدث علي أرض سيناء.
نعم هناك انفلات أمني وهناك عناصر منفلتة تتسبب فيما يجري علي أرض سيناء هذه الأحداث هي ما تهتم بها وسائل الإعلام العربية والأجنبية. الإعلام يتحدث عن تواجد جماعات إرهابية وفي مقدمتها القاعدة ولكن ما يحدث من انفلات أمني له جذور عميقة في المجتمع السيناوي بعيدا عن القاعدة أو العناصر المتسللة حسب ما تنشره وسائل الإعلام وما تتحدث عن عمليات التهريب والتجارة في المخدرات وتهريب السلاح.
نعم هناك انفلات أمني وهناك عصابات خارجة عن القانون مما جعل وكالات الأنباء العالمية تركز علي ما يحدث هذه الأيام في سيناء بنوع من المبالغة.. وسائل الإعلام الإسرائيلية حذرت من تزايد الإرهاب في سيناء وتحدثت عن الدور الذي تلعبه إيران لدعم حركة حماس كما تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن الشعور بالخوف من حرب جديدة مع مصر بعد أن فقدت تعاطف الرئيس السابق حسني مبارك.
نعم نحن نعترف بما يحدث من انفلات أمني في سيناء ولكنا نؤكد ان ما يحدث من انفلات له أسباب أعمق مما تحدثت عنه وسائل الإعلام العالمية.
السبب الحقيقي لما يحدث الآن في سيناء هو تآمر رجال النظام السابق ضد سيناء من خلال وقف وتجميد المشروع القومي لتنمية وتعمير سيناء.
ان المشروع الذي تحمس له الرئيس السابق أنور السادات عام 1974 علي أن يتم اكتماله في عام 2017 وأن يكون خلال تلك الفترة قد تم وصول مياه النيل إلي ترعة السلام وانتقال أربعة ملايين مصري من أبناء الوادي إلي وسط سيناء لتعميره وليكونوا خط دفاع ضد من يحاول الاعتداء علي مصر حيث كانت كل الغزوات التي تعرضت لها مصر قد جاءت من خلال ممرات وسط سيناء.
ان توقف مشروع تنمية وتعمير سيناء كان صدمة لكل أبناء سيناء الذين استبشروا ببداية هذا المشروع الذي توقف دون وجود أي أسباب مقبولة.
لقد تعمد النظام السابق نقل مسار ترعة السلام من مسارها المرسوم في المشروع من منطقة الاسماعيلية لتصل إلي وسط سيناء إلي الساحل الشمالي لسيناء في سهل الطينة مما حرم وسط سيناء القابلة للزراعة من مياه الترعة وتوقف التعمير والهجرة إلي تلك المنطقة.
لقد سألت وزير الري في ذلك الوقت عصام راضي عن أسباب نقل مسار الترعة وبعد حوار معه صرح بأن نقل المسار كان بقرار أعلي منه وان السبب هو طلب البنك الدولي وصندوق التنمية الكويتي المشارك في تمويل المشروع نقل مسار الترعة وإلا توقف التمويل.
وهكذا تم وقف أكبر مشروع مصري علي أرض سيناء لتظل سيناء فارغة من المشروعات وفارغة من البشر لأن أعداء مصر يعرفون ان الفراغ يغري بالعدوان وان فراغ سيناء يعطيهم الفرصة لاحتلال سيناء في أي وقت وأي فرصة.
أطماع إسرائيل
أطماع إسرائيل في سيناء أطماع حقيقية وقديمة وتمت دراساتها بعناية في مراكز إسرائيلية وأمريكية.. فخلال فترة الاحتلال البريطاني لمصر وسيطرة الحاكم البريطاني علي سيناء جاءت فرق علمية لدراسة كل سيناء من الناحية الجغرافية والمائية والنباتية والمناخية والزراعية.
أطماع إسرائيل في سيناء مستمرة وخرجت إلي العلانية من خلال كتابات المتعصبين اليهود الذين جاهروا بطلب التوسع في سيناء لأنها بالنسبة لهم أكثر قداسة من أرض فلسطين.. فعلي أرض سيناء كان موسي وقومه إلي جانب أن أرض سيناء أوسع وأكثر خصوبة من أراضي فلسطين.
لقد تكرر احتلال أرض سيناء من جانب الإسرائيليين مرتين في عام “56” وعام “67” وبعد تحرير سيناء عام 73 شعر المصريون بالأهمية الاستراتيجية لسيناء مما دفع الرئيس السابق أنور السادات إلي إعلان مشروع تنمية وتعمير سيناء.
بعد موت السادات بدأ مشروع تنمية وتعمير سيناء في التراجع وأهمل من قبل كل الأجهزة الحكومية بعد ابعاد اللواء منير شاش عن سيناء والذي كان يتحمس لها وللمشروع القومي… لقد وضعوه في منصب جانبي كمستشار لسيناء في مجلس الوزراء وبعد سنتين شعر ان كل جهوده ومقترحاته عن سيناء مهملة من الجميع فقدم استقالته حتي لا يكون مسئولا عن اهمال سيناء ومشروعها القومي.
هذا الاهمال المتعمد من جانب الأجهزة الحكومية والقيادات العليا في الدولة يجعلنا نتساءل.. لماذا تخلوا عن هذا المشروع؟ ولكن لم نجد اجابة.. وإذا كنا قد شعرنا بخيبة الأمل في مشروع تنمية سيناء فمن الأولي أن يكون أبناء سيناء هم الأكثر هماً.
في هذه الأيام وفي شهر يناير عام 2010 تحدثت إسرائيل علنا عن حصتها في أراضي سيناء وفي أراضي الضفة الغربية.
عرضت إسرائيل مشروعا لمبادلة أراضي سيناء وأن تتخلي مصر لها عن مساحة 720كم مربعا من أراضي سيناء مقابل مساحة من الأراضي في صحراء النقب.
اليوم نحن نحذر مما يحدث في سيناء وأن نسعي إلي الاهتمام بأبناء سيناء وأن نعطيهم كل الفرص لتملك أراضي شبه الجزيرة.
اننا ضد كل ما يحدث في سيناء من فوضي ونطالب بالضرب علي أيدي المخربين واستخدام كل القوة لوقف تصرفاتهم التي تسيء إلي مصر ونعطي الفرصة لإسرائيل لتحقيق أطماعها في سيناء.
لقد ضحي أبناء سيناء بأرواحهم من أجل مصر ونحن ندين لهم بما حققوه في الحروب الإسرائيلية وما قاموا به من بطولات عظيمة من أجل تحرير أرض سيناء التي هي جزء لا يتجزأ من التراب المصري.
لقد مرت 40 عاما علي تحرير سيناء.. وعلينا أن نسارع إلي تحقيق مطالب أبناء سيناء المشروعة والعمل علي تمليكهم أراضي سيناء حتي يستزرعوها ويدافعوا عنها كما فعلوا في المرات السابقة.
نتوجه إلي كل أبناء سيناء ان يوقفوا كل التصرفات التي يمكن ان يستفيد منها الأعداء لأننا نثق بوطنيتهم ونثق في حبهم وانتمائهم لمصر.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Saturday, August 20th, 2011 في 03:09

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي