على جمجوم

احداث مصر

ما العمل؟

ان ثورة 25 يناير المصرية المجيدة قد أيقظت معظم أفراد جيلى الذى عاصر ثلاثة عصور من الحكم الديكتاتورى القاتل_ويالها من يقظة_فهى يقظة بعد موت أو شبه موت،حيث كنا أستسلمنا ليأس جبان مريح وهو مريح لأنه ساخر،والسخرية كانت تدعمها مبررات منطقية كنا نراها واقعية وكنا نطمئن الى صحتها أو نكاد.ثم حدثت المعجزة التى لم تكن فى الحسبان وهو اندلاع ثورة شعبية كاملة بقيادة شباب لم نكن نعرفه ولا بزلنا من الجهد لكى نعرفه_هذا الشباب معظمه قد تفتح وعيه على عصر مبارك فقط_ولم يعاصر عهد عبد الناصر ولا عهد السادات،كذلك تفتح وعيه على ثورة فى الاتصلات وتكنولوجيا المعلومات متمثلة فى الفضائيات والأنترنت والفيس بوك والتويتر فأ تقنها ايما اتقان،وهذا فارق آخر يتميز به هذا الجيل من الشباب_فثورة الاتصالات التى كانت متاحة لجيلى كانت لاتمثل ربع ولا عشر ثورة الاتصالات التى أتيحت لجيل شباب الثورة،فبينما كان أفراد جيلى يعقدون المقارنات بين الثلاثة عهود الديكتاتورية التى عاصروها المذكورة آنفا بسخرية نظرا لتشابه أسلوب الحكم فيها جميعا_وهو الحكم الفردى_نجد شباب الثورة يعقدون مقارنة بين رزايا ومآسى حكم مبارك وبين الدنيا على الفضائيات وعلى الأنترنت والفيس بوك والتويتر فى عملية من التواصل الأجتماعى غير المسبوق،فكانت صدمة المقارنة هذه لاتطاق،فهى أشبه بحالة اجتماع النقيضين بالنسبة للعقل فهو لايطيقها_أضف الى ذلك أنهم “شباب” ولم يعايشوا الا نظام ديكتاتورى قمعى وحشى واحد لاثلاثة أنظمة من مثل هذا النوع مثل أفراد جيلى_هذه كانت مقارنة لابد منها وهى لايقصد منها التماس أعذار لجيلى ولا تقليل من شأن شباب الثورة _ولكنها نوع من تقرير حال.لقد ردت ثورة 25 يتاير فينا جميعا الروح_فلا أقل من أن يساهم كل منا بشىء_وهأنذا أحاول أن أساهم بقلمى.نحن نحاول الآن أن نشخص بعض من أحوال المصريين.أول شىء سوف نتجه اليه من أحوال هو حالة التعليم ومؤسساته فى مصر فسنجد أن نظام السادات ونظام مبارك قد جعله فى الحضيض بحيث يمكننا أن نقول نظام التلقين أو نظام التعليم فهما مترادفان فى مصر_لايوجد ابداع ولا بحث علمى اطلاقا فى مصر,فتعيينات عمداء الكليات ورؤساء الجامعات كانت تتم بشروط جهاز أمن الدولة لاشروط الكفاءة،وعليه فان هذه القيادات كانت أسوأ قيادات لأن القيادى الكوفىء عادة يكون شخص جاد وبالتالى شريف لايقبل التزوير_ولما كان التعليم والبحث العلمى يلعبان الدور الأساسى فى تكوين عقل الفرد وشخصيته،فى تصنيف الأمة من حيث الشموخ أو الانحطاط.فطبقا لهذه الظروف حدث تخريب فى العقول المصرية،وانحطاط للجامعات والبحث العلمى،أدى لأنحطاط مركز مصر العالمى بخصوص الجامعات والبحث العلمى.واذا أخذنا مؤسسة الثقافة والأعلام فسنجد نكبات وفواجع_فمن الأسعار الفلكية للكتب بصفة عامة بالقياس لعصر عبد الناصر_حيث كانت الكتب بقروش وهذه كلمة حق،كما كانت أمهات الكتب متوفرة وبأسعار معقولة بحيث كان المرء بوسعه أن يكون ثقافة متكاملة،تلك أحد ميزات العهد الناصرى_أما منذ عهد السادات الى عهد مبارك_وخاصة عهد مبارك_فانه فضلا عن الارتفاع الفلكى لأسعار الكتب بصفة عامة،فانه من العسير توافر أمهات الكتب ولو بأسعار مرتفعة ممايدل على أنه هناك تربص من قبل النظام للثقافة وكيف لا؟ فالجهل هو أكبر ضامن لكراسى الحكم،كراسى الظلم والطغيان.وقد صاحب كل ذلك عملية نهب ممنهج ومنظم لخير وثروات البلد بحيث أصبح معظم الناس يعيشون تحت خط الفقر_وتفشت العنوسة والاضراب عن الزواج خاصة بين المتعلمين والمثقفين الغير قادرين على تلبية رغبة العروس من شقة ومهر وشبكة حسب العادات العتيقة فى مصر،وخوفا من انجاب أطفال بلا مستقبل يعيشون فى حرمان_وعلى النقيض من ذلك أستمر الزواج والانجاب فى قطاعات الشعب الفقيرة المحرومة من التعليم ومنعدمة الثقافة ليزيد معدل تزايد السكان فى تلك الشريحة ويزيد معدل الجهل بصورة مخيفة لنسبة مئوية فى تعداد السكان فى مصر وهذا مؤشر ديموغرافى خطير يمثل قنابل موقوتة كثير منها انفجر فى رزائل اجتماعية والهروب اليائس المريض لنوع بل أنواع من التطرف الدينى وصل بهؤلاء الضحايا فى أنهم يحرمون الموسيقى،وأن تستحوز على ذهنهم آلية فى التفكير معادية للتطور والابداع هى آلية قياس الغائب على الشاهد_هؤلاء الشباب قد هاجروا الى الله على حد تعبير هيكل_أما المتعلمين المثقفين أصحاب الدخول المحدودة لكن ظروفهم سمحت لهم بالهجرة ومنهم نابغين وعباقرة،فقد هاجروا،مع العلم أن كثيرا من القادرين ماديا والمتعلمين قد هاجروا أيضا لأن البلد مفلس من أى مستقبل علمى،فكما أسلفنا لايوجد بحث علمى فى مصر.والآن نأتى الى مؤسسة أخرى تعتبر ركيزة من الركائز الأساسية لرفعة أو انحطاط أى دولة ألا وهى المؤسسة القضائية،فهى الأخرى مؤسسة فى الحضيض يسيطر عليها جهاز أمن الدولة الجبار ومحسوبيات كل من هم ذو نفوذ وقريبين من قصر الرئاسة،جهاز تتفشى فيه الرشاوى والمحسوبيات الى آخر مدى_أعتقد أنى وصفت منظومة من الحكم تتوافر فيها كل أركان الفساد.مايعنينى الآن هو أوضاع المجتمع المصرى كناتج لكل هذه المفاسد والعفونة.سنجد تيارات دينية لاتعرف ولا تفهم ولا تستسيغ ثقافة الاختلاف مثل السلفيين والأخوان المسلمين وجماعات قبطية متشددة،علما بأن ثقافة الاختلاف هذه هى جوهر الديمقراطية المنشودة،علاوة على الاحتقان الطائفى الذى يمثل قنبلة موقوتة فى مجتمع نسبة الأمية فيه 40 % علاوة على هذا جهاز الثورة المضادة الذى يتكون من بعض قيادات أمن الدولة وجيوش البلطجية
المنتشرين فى كل أنحاء القطر والذين يعملون تحت أمر هؤلاء الضباط وسط هذا المجتمع الملتهب بالجهل لحد الأمية فى 40%من سكانه وبقية السكان_بأستثناء القلة الناجية من المتعلمين والمثقفين_ذى تفكير أحادى لاحوارى عدائى لايتسامح مع الفكر المختلف_وسط احتقان طائفى مخيف_انها صورة قاتمة ولكنها حقيقية.ومما زاد فى الاحباط أن المجلس العسكرى بدلا مايدعو لعمل دستور جديد،أقدم على خطوة تعديل دستور 71 الذى أدعى أنه معطل بدلا من قوله أنه دستور ساقط بفعل الثورة حيث استلم الجيش السلطة بشرعية الثورة لأنه لاتوجد فى الدستور مادة تقول أن رئيس الجمهورية المستقيل يسلم السلطة للجيش بل توجد مادة تقول أنه فى هذه الحالة يتسلم رئيس مجلس الشعب سلطة رئيس الجمهورية،وحيث أنه لم يحدث هذا فان القول بأن الدستور معطل وأن المجلس العسكرى تسلم السلطة فهو بذلك مجلس غير شرعى_ولكى يكون شرعى يجب أن يعتبر أنه تسلم السلطة بشرعية الثورة وعليه فان دستور 71 قد سقط،ومن ثم لامعنى لاجراء تعديلات فى مواد لدستور ساقط_انها مأساة بحق لأنها ناتجة اما عن جهل حقيقى أو جهل متعمد لغرض ما فى نفس يعقوب.ومايزيد الصورة قتامة أن مسلسل التزوير قبل الثورة استمر بعد الثورة ولكن بخفة يد هذه المرة.فقد صمموا استمارة الاستفتاء الذى أجرى يوم 19 مارس وفيها دائرة باللون الأخضر لون الزرع وبعض الفواكه،وهى الدائرة الدالة على التصويت بالموافقة،والأخرى دائرة سوداء بلون الحداد والموت والشؤم وهى الدائرة الخاصة بعدم الموافقة_النتيجة أن أى مواطن لايعرف القراءة والكتابة سيختار الدائرة الخضراء.الذين صمموا الاستمارة يعرفون دلالة الألوان كما يعرفون أن من وسط 40 % من الأميين سيكون هناك أصوات ستصوت بالتأكيد مختارة الدائرة الخضراء أى لامفر من التزوير ولا كأن هناك ثورة قامت ولا دماء شهداء أريقت.وهذه أحد عيوب الديمقراطية،أن أصوات أمية كثيرة تصنع الفارق،رحم الله الفيلسوف اليونانى أفلاطون،فقد كان يكره النظام الديمقراطى لأسباب متعددة هدا أحد الأسباب.أخيرا : ما العمل؟

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, April 7th, 2011 في 16:04

كلمات جريدة احداث: , , , , , , , , , , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي