أنشر هذه المقالة الهامة للدكتور/طارق على حسن،رئيس قسم الغدد الصماء بجامعة الأزهر : Thursday, March 24, 2011
ماذا دهانا ؟ رحلة تساؤلات بعيدة عن نشوة الفرح بانتصار ثورة 25 يناير
ماذا دهانا؟
كلما نصب عدو لنا فخا هرعنا لنسقط فيه ثم نبكي و نولول و نتهم
ماذا دهانا؟
لا نعرف التاريخ ولا نقرأه ولا نتعلم منه ولو ذرة
معرفتنا دائما معرفة اللحظة
لاتتراكم عندنا المعرفة و لا نتعظ الويل لنا ماذا دهانا؟
نعرف فقط ما نريد أن نعرف و ما يناسبنا للفخر بالأمجاد أو للبكاء و الولولة علي الأطلال
إما فخر عنتري أجوف أو ولولة عاجزة ميلودرامية
بلا تعبئة أو فكر أو تخطيط أو هدف معقول إلا الشعارات و الهتافات
ماذا دهانا؟
نصب الأعادي فخ الشيعة و السنة و فخ الطوائف و الملل و النحل
و تسارعنا للكوارث مسارعة المشتاق إلي المصائب و العنف و التمزق
نشكو عنف الآخرين علينا و تفوقنا علي الجميع في العنف علي أنفسنا في السر و في العلن حتي سئم العالم منا و أغمض عيونه عن جراحنا و الصرخات و أصم الآذان
ثم حدثت المعجزة و تحقق الحلم المستحيل حلم المحبة و الاخاء و المساواة و التعاون
تحقق بالشعب الذي تفتحت عبقرياته وقدم شهدائه معجزة تفعيل أن الشعب مصدر السلطات….
تحققت المعجزات و عرف الشعب امكاناته المعجزة المكتومة لأيام عظيمة ثم ماذا؟
أصبح العالم كله يتغني إعجابا بمعجزة ثورة التحرير في مصر ثم ماذا؟
نصب الأعادي فخ النهضة إلي الوراء
ليضللونا عن مسالك اللحاق بالركب والتفوق عليه بما نملك من عناصر تفوق لا نعرفها ولا نريد أن نعرفها و ننكرها، نكرهها نخشاها و ندمرها بكل اعتزاز و فخر وكلها تهددنا بالنمو و التطور و التغيير و هذا يصبح كارثة !
ابتلعنا الطعم قبل الثورة بكل فخر وحماس و تحميس وهرعنا إلي كارثة أن السلفية هي طريق النهضة ثم ماذا
ماذا دهانا؟
قبل الثورة نسينا أن ناموس الخالق سبحانه أن لا شيء يعود إلي الوراء أبدا
واكتشفنا بكل إخلاص، وكأننا ملكنا مفاتيح النهضة و العدل المفقود بعد عذاب التخلف والتناحر و الشقاء و الظلم أن الدين الحق و نصرة الدين، تكون بالعودة إلي الوراء
غرقنا في الشعارات و المظاهر والأوهام بينما يضحك أعداؤنا يبطنون التحريض و التشجيع علي نهضة الطريق المسدود نهضة الطريق إلي الخلف هي أقصي ما يتمناه أعداؤنا لنا فهم مستفيدون يجمعون الثمار و المزايا في تنويعات جديدة من الاستغلال و الاستعمار والسرقات و الميزات غير المشروعة علي حسابنا في عجزنا و جفاف منابع العلم و المعرفة و الابتكار عندنا ونحن نتفنن فن النظر إلي الخلف… وبعد الثورة ماذا؟
ماذا دهانا؟
يا أهل الإخلاص
كتاب الله يطبع و يوزع و يترجم ويقرأ في كل أركان الأرض
خبروني بالله عليكم ماهي إذا دار الحرب و ماهي دار السلام؟ أم يخدعونكم لغرض؟
والحرب أصبح لها أبواب جديدة لم تخطر علي بال و لم تنزل في كتاب و أخطر الأبواب أخطر أبواب الصراع هو باب السلام الجهاد الأكبر الذي يتغير لو تعلمون مع تغير العصور و الأجيال و المعطيات
لقد تغير الحال و تغيرت التحديات يا أولي الألباب و فتحت الأبواب للدعوة و كل الدعوات وللإنسان أن يختار و الرسالة لم تعد تنقل علي الجلود و العظام وبالصحيفة علي الجمال والمطايا بل تنقل في لمح البصر إلي الصين و اليابان و القمر فهل نفقه أو نعتبر؟ فهل وعي أولي الألباب قبل الثورة و بعدها؟
و نصرة الدين تأتي بتقديم أمثلة المجتمعات الفاضلة الناجحة البديعة حيث يسود العدل و العلم وتسود الحرية و كرامة الإنسان كل انسان.
قبل الثورة نصب الأعادي فخ الغزو و عودة الاستعمار فسارعنا إلي الفخ لتحرير كويتنا الذي ما احتاج وما كان يحتاج للتحرير إلا من غباء أسطوري ليس له من داع و ما كان أولي بتحريره إلا أنفسنا ثم انزلقنا كالسكارى في فخ غزو العراق و تدميره ماذا دهانا ماذا دهانا؟ ثم ماذا؟
و الآن ماذا ينتظرنا و قد تركنا أنفسنا مراكب بدائية بلا اتجاه، بلادفة و بلا قوي دفع أو تحريك في المحيط المتلاطم الجبارقبل الثورة و لكن ماذا بعد الثورة؟؟
تحركنا أهواء الكبار حسب مصالحهم و التخطيط و نحن لا نملك إذا لم نفعل و نحقق اتمام النجاح الهائل و الناقص لثورة التحرير، إلا أن نخترع بين الحين والحين شعارات أخري ومظاهر تشفي الغليل و تقوم بالتخدير بينما نعود بالتدريج غير المحسوس إلي ظلام الجهل و التجهيل و العجز و التعجيز و ممارسات العصر القاتم الجاف
ماذا دهانا؟
ماذا ينتظرنا؟
ماذا سيفعلون بنا؟ إذا تركنا مقاليد الأمور و المبادرة تنفلت من بين أيدينا؟
أين يأخذنا الزمن و أهواء الكبار؟ فقدنا البوصلة والدفة
نحن ننظر و ننتظر! فلسنا من الكبار
عندنا كل عناصر العظمة و النماء و الثراء والتأثير و لسنا من الكبارو بعد الثورة كسرنا حاجز الخوف و كسرنا كل القيود… فهل هناك من يحل الفزورة؟
قوانا و العبقريات مأسورة في غياهب الظلام و المتاهات و الطباشير والقمع والكلام فماذا بعد الثورة؟؟؟ وهل من حل للفزورة؟
أين المسار و أين المصير و هل نهتدي إلي تحرير بمعني تفعيل و اتمام ثورة التحرير و تخطي المتاهات و المؤامرات والتربصات و نري فعلا تفعيل “الشعب مصدر السلطات” و الحكومة خادمة الشعب و القيادات عاملون بالخدمة العامة؟
انبثقت ثورة التحريربعد أن جاوز الظلام الحالك أقصي المدي
وكان أن إهتدي البعض ممن شربوا من الظلم و الفساد ما يفوق الطاقة إلي مسالك الاحتجاج السلمي المصمم و الصبور والمستنير
و بعبقرية عجيبة مكبوتة و مخنوقة منذ عقود تحول الاحتجاج من مظاهرات إلي ثورة عمت البلاد من أقصاها إلي أقصاها
و بحس عبقري و تلقائية معجزة تحولت الثورة من : الشعب يريد اسقاط الحكومة
إلي الشعب يريد اسقاط الرئيس
إلي: الشعب يريد اسقاط النظام و في ذلك قمة الوعي المستنير
نعم نعم حدثت المعجزة و بعد عقود من العجز و الكسل و الاستسلام و الجفاف تحول الشعب المصري إلي صاروخ ثوري نووي انطلق إلي القمر و ما بعده
ماذا دهانا إذا لنجد بعد الفرحة الطاغية
مصر مرة أخري يحكمها مجلس عسكري، و مهما حسنت النيات و عظم الاحترام فليس الحكم و لا السياسة من مهام العسكريين و لا القوات المسلحة…
ماذا دهانا لنجد مصر يمزقها انفلات أمني و تهددها فتنة دينية و فتنة طائفية وانهيار اقتصادي، ويتباري فيها من يتباري من سلفيين و فلول النظام والحزب ليركبوا علي موجة الثورة ودماء الشهداء وليخطفوا الاستفتاءات ويحددوا خريطة الطريق بما يتفق مع مصالح و خطط معلنة ومخفية و يجري التبرير لممارسات و قوانين ظاهرها التصدي للانفلات الأمني بينما تحمل في باطنها إعادة صلاحيات القمع و خنق الثورة و إيقاف قوة دفعها البديعة و قد كان الثوار يطمئنون أنفسهم بعد كل انتكاس أو خديعة أو اختطاف: لا تقلقوا فميدان التحرير موجود”هيروح فين؟” و ها هو “يروح” ويحرم مع القوانين و المراسيم التي تنزل علينا بلا شفافية و بلا حوار حقيقي .. ماذا دهانا؟
ماذا دهانا لتندلع الحرائق في مقار أمن الدولة و الشرطة و الحزب ووزارة الداخلية
ماذا دهانا وينبع من فقهائنا من يسوي الديمقراطية بالكفر و المناداة بدستور الحرية يسوونه بالعمل ضد الدين الإسلامي…ماذا دهانا؟؟؟