محمد الشرقاوي

انتخابات مجلس النوب

الفلول و الفلوس

بعض المرشحين في انتخابات مجلس الشعب المقبلة كتب في إحدي لوحاته الإعلانية بالشوارع شعاره لجذب الأصوات وهو: أنا صوت الأغلبية الصامتة.. وسألني صديقي وهو يقرأ معي هذا الشعار: هذا أول مرشح يعلن صراحة أنه من الفلول.. ولما لاحظ دهشتي قال: إن كلمة الأغلبية الصامتة ظهرت علي صفحات الفيس بوك الخاصة بمجموعة إحنا آسفين ياريس التي كانت تدافع عن الرئيس السابق حسني مبارك.. وهي أيضا التي كان يذكرها دائما هؤلاء الذين كانوا يتظاهرون في روكسي رداً علي مظاهرات التحرير.
قلت لصديقي ولكن هذا الذي يرفع هذا الشعار يبدو أنه ليس من الفلول لأنه لو كان كذلك لما كان ساذجاً إلي هذه الدرجة التي تجعله يتحدي الشعور العام ويعلن أنه من الفلول الذين سيقاطعهم الشعب.. كما أن كلمة الأغلبية الصامتة ليست حكراً علي أشخاص بعينهم لأن الأغلبية الصامتة تشير إلي هؤلاء الذين لا يحبون الدخول في صراعات مع أحد.. ويفضلون الحياة في هدوء ويعبرون عن مواقفهم في هدوء أيضا.. وليس معني ذلك أنهم كلهم تيار واحد فبعضم فلول وكثير منهم كانوا مع الثورة منذ اندلاعها يوم 25 يناير.. والحقيقة أننا لم نصل إلي اتفاق حول ماذا كان هذا المرشح فلولاً أم من أصحاب الفلوس الذين يمكنهم الانفاق ببذخ علي حملة انتخابية تركز علي معظم الصامتين وهم الفقراء الذين لا هم لهم غير لقمة العيش التي يحصلون عليها بشق الأنفس.. ولهذا تركوا الحابل بالنابل وراحوا يتفرجون علي ما يجري في البلد الذي يقول إن فيه ثورة من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. وهم يلاحظون أن الحرية تحققت بزوال الرئيس السابق ومحاكمته.. ولكن العدالة الاجتماعية مازالت حبراً علي ورق لهذا كان من السهل ان يصدقوا ما يقال لهم من إن المظاهرات والاعتصامات هي سبب وقف الحال وقطع الأرزاق. وأظن أن المرشح الذكي هو الذي التقط هذا الخيط وراح يعزف عليه.. فهؤلاء الصامتون يحتاجون للاستقرار الذي يزيد العمل ويفتح أبواب الرزق التي كانت مفتوحة في ظل النظام الذي أسقطته الثورة.
يبقي أن نتساءل عن هذا الهاجس الذي يؤرق الكثيرين وهو ما نطلق عليه الفلول.. هل نختلف في أنهم أغنياء البلد؟ وهل نختلف في أن بعضهم كان ينفق علي أبناء دائرته وله أياد بيضاء في هذه الدائرة؟ فإذا كان بعضهم ينجح بهذه الطريقة وليس بالتزوير فلا شك أن البسطاء من أبناء شعبنا لن تفرق معه إن كان هذا الرجل فلولاً أو غير .. ولابد ان نسلم أن كثيرين ممن كانوا ينضمون للحزب المحظور لم يفعلوا ذلك عن قناعة وإنما من باب “معاهم معاهم.. عليهم عليهم” وهذا يعني أن هؤلاء الناس سيكونون مع الثورة لأنهم بالأساس لم يكونوا مع الحزب البائد وإنما هم مع “الرايجة” لأن مصالحهم تقتضي ذلك.. والآن مصالحهم تقتضي ان يكونوا مع الثورة وسينفقون من أجل ذلك الكثير.
اننا نرفض رموز الحزب وأمانة سياسته التي أفسدت الحياة السياسية.. ولكي نكون منصفين لابد أن نعترف بأن الأحزاب الورقية التي كانت موجودة في ظله أفسدت هي الأخري حياتنا السياسية ويجب أن تحاسب وليس الحزب الوطني الديمقراطي وحده.. إذن لابد ان نفرق بين أصحاب الفلوس الذين يريدون الانضمام للثورة لأن مصالحهم الآن مع الثورة وبين هؤلاء الذين يحاربونها.. وهؤلاء هم الفلول.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, November 10th, 2011 في 01:18

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي