أحمد سعد

اخر احداث

شماتة : امريكا و اعصار ساندي

خلال اليومين الماضيين وخلال الوقت الذي أهدرناه في نقاش حول شرعية الشماتة في “الأمريكان” لخسائرهم في إعصار ساندي و ما إذا كان هذا الإعصار غضب من الله و علامة نصر و فتح قريب وقد استغرق الجميع في متابعة مشاهد عنف الطبيعة من خلال القنوات الإعلامية المختلفة .. إستغرقت ايضا و تماما في متابعة هذا الحدث ولكن من خلال قنوات أخرى مختلفة .. كان هدفي في البدئ هو معرفة حال القاطنين بالساحل الشرقي في هذة ا

لكارثة لوجود بعض من أعرف هناك .. ومن البحث عن أخبار المناطق المنكوبة غرقت تماما في تفاصيل عمليات الإخلاء المنظمة و التعليمات الموجهة للمعرضين للخطر هناك .. خلال اليومين السابقين علمت تماما حجم الشماتة التي يجب أن نكون عليها .
كنت قد عزمت على نقل تفاصيل عملية إخلاء مدينة دلاوير جنبا إلى جنب مع تفاصيل خطة تصفية الماء من مترو منهاتن و خطة إدارة الأزمة العبقرية لتجنب خسائر بورصة وولستريت .. كنت قد عزمت أن أصدع أدمغة الشامتين و مدعي النصر الإلاهي بكم مرعب من فيديوهات “الأمريكان” وهم يخلون مدنا كاملة في ثلاث ساعات فقط بطوابير سيارات بلغ طولها أربعة أميال .. طوابير متراصة تتحرك كالثعبان جسدا واحدا لكل حارة من الحارات الخمس مع إحترام و إخلاء كامل لحارة كاملة للطوارئ .. كنت عزمت على ان أغص معكم في قلب موقع Ready.gov الحكومي التابع لوكالة إدارة الأزمات الفيدرالية FEMA التي لا نملك مثلها بعد و استعرض معكم قائمة الموقع قسما قسما لأريكم كيف تعامل السلطة التنفيذية مواطنيها بعيدا عن ألاعيب السياسة و الإنتخابات ..كيف تقودهم لأقرب الملاجئ عبر نظام الملاحة الدولي على موبايلاتهم و كيف تخبرهم تحديدا ما يجب أن يفعلوه لحظة بلحظة في أقسام عملية تبدأ من “أقرب ملجأ متاح الآن ” مرورا ب “خطة تأمين منزلك قبل المغادرة” و “أمن عملك قبل المغادرة” ثم “مجتمع المتطوعين” القائم على التواصل بين المتطوعين لإدارة الأزمة من العامة والذي بلغ عددهم حتى لحظة كتابة هذة السطور مايزيد على الثلاثة آلاف متطوع كل حسب ما يمكن أن يفعل حتى لتجد سيدة عجوز تعرض أكياس بلاستيك تركتها خارج منزلها لمن يحتاجها و رد من شابة أخرى أنها أخذت عدد ب أكياس و بقي 12 كيس.. وحتى نصل الى “العاب عملية لأطفالك أثناء الكارثة “تعليمية بالأساس و تتضمن مسابقة تلوين تحمل شكل المجأ و كيفية عمل ساتر من أدوات المنزل العادية حتى أنا استمتعت بها… كنت سأتحدث كثيرا عن هذا الموقع العجيب الذي حقق خلال الثلاث أيام الماضية معدلات مشاهدة في الساحل الشرقي الأمريكي تفوق فيسبوك و تويتر .. كنت سأتحدث كثيرا عنه حتى وجت أن الموقع “بالطبع” يدعم اللغة العربية ضمن اللغات الإثني عشر التي يتحدثها سكان الساحل الشرقي الأمريكي بجانب الإنجليزية”لم أعلم من قبل أنهم يتحدثون لغة اسمها تاجالوج تاجالوج لكن واضح ان هنالك لغة بهذا الإسم و قد إحترم صانعوا الموقع متحدثيها” .. لذالك سأترك لكم مهمة تصفحه إذا أردتم
كنت سأتحدث كثيرا عن الحساب المبكر الذي بدأ عن الأرواح الستة عشر التي ذهب بها الإعصار .. الأرواح التي يزعم صديقي المهندس المدني أنها لا تذكر في كارثة بيئية تبلغ سرعة الرياح فيها 137 كيلومتر في الساعة .. كارثة لو ضربت مدينة مثل الإسكندرية لمحتها”حسب زعمه” في ثلاث ساعات حيث تبلغ مناعة المباني في مصر40 كيلومتر في الساعة و 70 بحد أعلى ناهيك عن استحالة إخلاء مدينة كالإسكندرية ولو في اسبوع .. أخبرت صديقي السكندري بهذة الأرقام فيضحك ويخبرني “16 واحد بس ماتوا بعد كل القلق دة .. دة الرقم دة بيموت عندنا لما تشتى في نوة شديدة حبتين” .
أقول بدأ الحساب المبكر عن الأرواح الستة عشر التي ذهبت في هذا الإعصار المخيف .. فيدور على الإنترنت “علنا و عيانا بينا” وعلى صفحات الواشنطن بوست سجال حاد بين اشهر مذيعي الأرصاد و علمائها الأمريكيين الذي يخبر انه تنبأ عن الإعصار منذ أسبوع كامل عن طريق الوكالة الأوروبية للتنبأ بالطقس وبين خبراء الأرصاد في المرصد الحكومي الذين يعلقون على مقالته”كومنتات” تم تجميعها لاحقا لتنشر كرد رسمي على مقالته ..بالطبع لن أتحدث عن لغة الحنق الشديد في مقاله بسبب أن من قاموا بالتنبؤ بالكارثة هي وكالة أوروبية وليست أمريكية مع دعوة لمراجعة مصادر الإنفاق على البحث العلمي البيئي في أمريكا لاقت صدى مؤيدا في أكثر من صحيفة أمريكية خلال ساعات فقط .
كنت سأتحدث عن الكثير ثم سأذكر خطبة سمعتها لأحد مشايخنا الكرام”مع كافة الإحترام والتقدير لشخصه و علمه” والتي تحولت لشريط شهير في أواخر التسعينيات كما أذكر بعنوان “أمريكا التي رأيت” والتي يحكي فيها عن زيارة قصيرة للولايات متحدثا عن كل فيتشية جنسية شاهدها هناك مخبرا في آخر خطبته ان هذا المجتمع يحمل بذرة إنهياره بداخله و واعدا بنصر قريب على الغرب الكافر .
كنت سأتحدث و سأخبره كيف علمت أنا خلال علاقة طويلة بمواطنين أمرييكيين تقليديين أنه لم يرى من هذا المجتمع الا مرضاه وقد رأيت كيف يصف أصدقائي الأوروبيين المجتمع الأمريكي على أنه مجتمع محافظ ذو تقاليد إجتماعية صارمة متشددة حتى لأحسبهم يتحدثون عن مجتمع من السلفيين.
كنت سأتحدث عن الكثير و أشارككم الكثير من الفيديوهات و الصور حتى وقعت على هذة الصورة .. مواطنة أمريكية تفر متأخرة من الإعصار .. فتفاجئها إشارة المرور الحمراء .. تقف حتى تأذن لها الإشارة بالعبور لتكمل الفرار .. من هنا يا سادة ساد الغرب الكافر رقاب الشرق المؤمن الجاهل .. من هذا يا سادة يجب أن نشمت و قد خلت بلادنا من إشارات المرور .. وممن يعلمون أصلا ماهية الإشارات او معنى المرور ..اتذكر و أنا انظر الى هذة الصورة و أغلي و أتحسر . أتذكر مثلا قالته جدتي رحمها الله يوما :
“بيت الجاهل خرب قبل بيت الكافر “

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Wednesday, October 31st, 2012 في 19:43

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي