مصر أشرقت

احداث مصر

غاده عبد الرازق ولغة الحوار

كان أبى رحمه الله يعشق صوت أسمهان ويحب أغانيها ، ويكره أم كلثوم وكان ممن يعتقدون أنها السبب فى موت أسمهان فى حادث السياره المشهور ، وبالرغم من كرهه لها ، الا أنه كان يحترمها
وكان من أسباب احترامه لها ،حبه وعشقه للغه العربيه ،،، فقد كانت تنطق العربيه بلسان طلق فصيح بدون أخطاء ، وكان معظم ماتُغنيه قصائد باللغه العربيه الفصحى ، وكان أبى يقول لى أنها ارتقت بالذوق المصرى والعربى عندما غنت القصائد لكبار الشعراء المصريين والعرب
ويحكى لى كيف أن رجل الشارع العادى غير المثقف كان يردد كلمات الاغانى بالرغم من احتوائها على لغة عاليه ترقى بالذوق وتسمو بالحواس وتنطلق بالانسان الى عوالم من السمو والرقى
ويحكى لى أن سائقى عربات النقل كانوا يكتبون على سياراتهم جمل من كلمات أغانيها مثل ( القلب يعشق كل جميل) ، ( أغدا ألقاك ؟ ياخوف فؤادى من غدى) ، (الرضا والنور) وغيرها من أبيات الشعر التى لايستطيع أن يرددها الا كل دارس للغه العربيه متقن لها ومتذوق للشعر العربى ، وهى ببساطه ويُسر وبفنها الراقى استطاعت ان تجذب رجل الشارع العادى الذى يتكلم العاميه ويصعب عليه التكلم بالفصحى لسماع أغانيها، ليس هذا فقط بل جعلته يحفظ القصائد بالفصحى ويُرددها ببساطه ويُسر، فهى ارتقت بلغته وبمشاعره ورفعته الى مصاف لايستطيع الوصول اليها الا عن طريق هذا النوع من الفن الراقى
وبالرغم من كره أبى لها الا أنه كان يحترم وقفتها المحترمه على المسرح وأدائها واحساسها العالى بقدر الكلمات التى تُغنيها وتعرف أنها كلمات تُوزن بميزان الذهب وأنها تتحمل مسئولية توصيلها الى كل متلقى على اختلاف ثقافته ومعرفته
احترمها وقدَر فنها وكان يشهد لها بالاحتشام والاجاده والاتقان ‘، احترمت فنها وارتقت به بعيدا عن الابتذال والرُخص فوصل الى الجميع بما فيهم رجل الشارع العادى الذى ارتقت به
_ تذكرت هذا وأنا أشاهد مسلسل حياه لغاده عبد الرازق
فبالرغم من أن غاده لاتحتاج لكل هذه الملابس ولا لأدوار الاغراء حتى تثبت موهبتها ، فهى موهوبه فعلا ، تتمتع بحضور قوى فى مواجهة الكاميرا ولها كاريزما وجاذبيه ، وأنا أعتقد منذ أول ظهورها أنها لاتحتاج لكل أدوار الاغراء التى قدمتها لكى تثبت موهبتها أو لكى تنتشر ، فطريق الاحترام قد يكون أطول ولكنه هو الأثبت فى الوصول الى الهدف
وبالرغم من أن المسلسل توافرت له عناصر الاجاده من حيث حبكة القصه ،وفريق العمل الذى أجاد كل فى دوره ،وخاصه طارق لطفى وأحمد زاهر وذلك الشاب الذى مثل دور الابن والذى يعد بممثل له مستقبل باهر ، ومن حيث الصوره ، فالصوره والديكور كانوا مبهرين ، وكنا نمتدح الصوره فى المسلسلات التركى التى بهرتنا بجمالها ، ولكن مايلفت الانتباه أن الديكور عندهم يجمع بين الرقى والبساطه فى نفس الوقت ، اما الديكور فى هذا المسلسل فهو باهظ التكاليف ،حتى ليتساءل المرء اين هى الفلل التى يصنع لها هذا الديكور فى بلد مثل مصر
_ولكن مالفت انتباهى وبشده هى لغة الحوار، فهى متدنيه للغايه ،وقد قالت غاده عبد الرازق فى حديث لها مع نيشان فى برنامجه التلفزيونى ( أنا والعسل ) أن المخرج حرص على ان تكون لغة الحوار هى لغة الشارع
وأنا أتساءل أى شارع هذا الذى تتحدث عنه لا أسمع هذه اللغه البذيئه فى الشارع وحتى الناس البسطاء الذين يشتغلون بالعماله يحاولون أن يتجملوا عندما يتعاملوا مع أناس من طبقه أرقى
والمفروض أن الفن معناه الحلم بتجميل الواقع ، فأى جمال هذا عندما أنقل لغه ( منحطه ) حتى ولو كان المخرج قد سمعها فى الشارع كما تقول
_ والمفروض أن المسلسل يتكلم عن طبقه راقيه من رجال أعمال وأطباء ، والمعروف أن لكل طبقه طريقة تفكيرها ، ولغتها وعاداتها التى تميزها عن غيرها من الطبقات ، وقد حرص الفن منذ أيام أفلام الأبيض والأسود على أن يبين الفرق بين الطبقات فى اللغه وفى الحركه وفى العادات وظهر ذلك فى صوره جميله راقيه فى مسرحية ( سيدتى الجميله ) لفؤاد المهندس
الفن ياساده حتى عندما ينقل الواقع لاينقله بحذافيره والا أصبح فيلما تسجيليا أو وثائقيا ، وانما المفروض أن الفن يرتقى بالواقع أو يُجمله أو ينتقده ، وحتى النقد لايكون بطريقه هدامه ولكن بطريقه بناءه تُوجه الناس للأجمل والأرقى والأفضل
_مايبقى فى ذاكرة الأمه عن الماضى استقينا كثيرا منه من الأفلام السينمائيه ، والا كيف عرفنا شكل الحياه فى الماضى ؟ فقد عرفناه من أفلام الأبيض والأسود ، وشكل الشوارع والأزياء ، هذه الأفلام نقلت صوره عن الحياه المصريه للعالم العربى الذى عشق اللغه العاميه المصريه وتعلمها من الأفلام والأغانى والمسلسلات ، وعشق الأحياء المصريه والمدن المصريه وعرف عنها الكثير ، وارتبط وجدانه بها وبحكاياتها وعايشها كأنه يعيش فيها
فلو كانت هذه الأفلام لغتها ( منحطه وبذيئه ) لكانت صبغت أجيال بأكملها بالبذاءه
_أرجوكم احرصوا على لغة الحوار فاللغه تعكس طريقة التفكير وأسلوب الحياه ، وهذه اللغه يرددها الصغار دون أن يدروا ، وتجرح شعور الكبار الذين تعودت أذانهم على لغة نظيفة راقيه ترقى بوجدانهم ومشاعرهم
مصر أشرقت
amal abdalla

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Wednesday, September 18th, 2013 في 20:53

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي