انسان

احداث مصر

كلمات لا تُقرأ وأرجو أن تكون خاطئة

قبل عامين رأيت ملايين البشر الغاضبين ، المتأملين .. تدفقوا من نوافذ الحرمان و الجامعات و الأزقة ، ترك الفلاح فأسه وأغلق بائع الرغيف الدكان وأجَل المحامي ملف القضايا الصغير ولملمت البائعة المسنة حاجياتها القليلة وشدت أسفل ظهرها وبطنها بقطعة قماش وعلا صوتها ينافس قمم الجبال ، وأسند الطبيب مريضه عليه واستعد للمسير .. جمهور غفير يفوح وطنية أياديهم دافئة مثل الصيف وعيونهم ثمار توعد بالكثير .. قلوبهم ساعات لها عقول تقود دون ..من أو كيف .. دون خطةٍ أو سيف .. أخبرونا أن الشعب ثار لأجل شابٍ فقيرٍ .. يجوب الشوارع بعربة خضارٍ هزيلة وأن يد الحكومة قتلته قهراً فهبَ الشعب كالمارد يبطش بالطغاة ويطرد الرئيس ويحاسب أهله وحزبه ويحمل على عاتقه حماية الممتلكات والوطن .. وتعالت الأصداء ثورة .. ثورة أحرار ، فأرتدتني السعادة الغامرة لها فستان وجمعت معي على رقبتها عقدٌ ثمين من لآلئ زمان ..فكنت أشرع أرتب البيت وأكنس الأرض وأنا أبكي من الفرح وأردد في نفسي ليتني كنت تونسية ، وأنه الوقت قد حان .. وأن الرجال العربية قد وعت و نهضت من سباتها وما من شيءٍ سيثنيها مرة أخرى عن النور والبصيرة .. وشرعتْ تهطل حبات البرد الرقيقة بهيئة أجراس نرجسٍ مصرية ملايين وملايين غطت الميادين والسويس والاسكندرية… ثمانية عشر يوما غطت فيها زهور الأمل الأرض وسقوف المنازل والحقول العطشى للزراعة الحقيقية والاراضي الشاسعة الفارغة بلا قمح وثمار او مصانع بل وغطت عقول الطلاب الصغار و غطت كل ارض فلسطين وبيت المقدس وكل كنائس الأرض المباركة ، غطت البلدات البعيدة والقريبة في العالم العربي والاسلامي غطتهم تدفئهم وتعدهم .. تنزلت على قلب كل عربي فينا وأحيت تربته التي أخذت تنادي الربيع بشغف العاشق الذي نسى كل شيءٍ حوله وراح ينادي ليلة العرس الحبيب وهو يقدم من بعيد .. حبيبٌ أشار من شباك المجد والحرية ثم توارى
وانتهى الحلم .. ببلدٍ يغرق في الديون والتبعية أكثر من ذي قبل ، وآخرون يغرقون بالأساطيل الامريكية ويتمرغون كالخنازير في أحبار الموائيق الغربية وأذيال القمصان الخليجية .. وبلد يتوجب عليه أن يأكل نفسه ويُستنزف فيه الظالم المستبد والمظلوم معاً ، ذاك يضعف والآخر يموت وتهلك داره وكرامته وبعد وقت ينسى ثورته وخططه وأدواره ..ويطل الامريكان والغرب بعد أن تقاسموا الادوار مع الروس والصين فيرددون مثلما كانوا أيام فلسطين ماذا يرددون ؟ كلمات أمست تمر كالغيم الفاسد الذي يخبئ المكر والعذاب …
عندما يكثر الاعداء ينهشون فيك يتوغلون في جسدك لا يراعون إلا مطامعهم .. أحزاب كثيرة تعوي وأنظمة فاسدة وحكام أنذال ..اسرائيل .. إيران .. قوى عالمية إما أن تأكلك او تموت هي ، فإنك حينها إذا رأيت نفسك تهبَ وتظن انك صحوت فهي صحوة الموت بأملٍ كاذب .. كالمريض الذي يشعر أنه بخير وأنه رُدَ إلى الحياة فيأكل و يشرب شربة ماء ..

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Wednesday, October 31st, 2012 في 20:30

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي