عبد الوهاب عدس

احداث مصر

الرفض

لماذا أصبحنا نرفض الحقيقة.. ونبحث عما يقودنا إلي الفوضي والخراب.. لماذا نرفض الاستقرار.. ونبحث عن أوهام.. تقودنا إلي الظلام.. ومضاعفة المعاناة.. وتعميق الانقسام والكراهية.. لماذا نرفض ان نعترف بأن من في الميدان يبحثون عن شعبية زائفة.. بالرغم من انهم يعلمون ان الميدان.. أصبح سهماً ضد الثورة.. ومن اخطاء الثوار المتكررة.. وعلي حساب معاناة الفقر والحرمان لغالبية الشعب.. الذي لم يستطع الوصول للميدان!!
رفضنا أحكام البراءة وأيضاً رفضنا المؤبد لمبارك والعادلي.. وتحول الرفض للحكم.. إلي مظاهرة لعزل أحمد شفيق.. والإقامة في الميدان.. بصرف النظر عما يسببه من أذي وضرر.. نرفض البحث عن الحقيقة.. لنعرف من الذي قتل الثوار.. في بدايات الثورة.. من الذي هاجم جميع أقسام الشرطة.. وأخرج من في السجون.. واستولي علي الأسلحة والذخائر.. وفر هارباً حتي اليوم!!
الاسوأ.. من كل ذلك.. اننا نرفض التغيير.. الناس لا تريد ان تتغير.. فمازالت الرشوة في كل المصالح والهيئات والمؤسسات الحكومية.
بالفعل نرفض التغيير.. لا أحد يريد ان يعترف بحق الآخر.. في الاختيار.. أو التعبير.. أو النقد.. طالما جاء علي غير هواه.. أو اعتقاده.. والأخطر ضد مصالحه.. فالكل تحول إلي ثورجي.. أو زعيم.. يبحث لنفسه عن دور.. أو مساحة يقف عليها.. لماذا نرفض الاعتراف باخطائنا؟! وبأن الثوار اخطأوا.. في حق انفسهم.. بالأنقسام.. وبالخروج من الميدان بأكثر من 20 ائتلافاً ثورياً.. وأيضاً بطول فترة الثورة.. المستمرة منذ عام ونصف.. وهذه المعاناة من انفلات أمني.. وأيضاً أخلاقي.. وانهيار اقتصادي غير مسبوق.
هل نرفض العمل بشفافية.. وتستقبل جماعة الإخوان المسلمين.. أحمد بن ناصر بن جاسم مدير المخابرات العسكرية القطرية.. في سرية.. ودون الافصاح عن سبب الزيارة.. في هذا التوقيت المريب.. خاصة ان الرجل.. دخل مصر.. دون تنسيق مع المخابرات المصرية.. يوم 25 مايو الماضي لمدة 3 أيام وغادرها في الرابع.. وبالتحديد يوم 28 الماضي.. والمثير للدهشة.. أنه لم يذهب إلي استراحة كبار الزوار.. كعادته.. انما دخل مصر.. بجواز سفر دبلوماسي كمواطن عادي.. ضارباً بالبروتوكول عرض الحائط!!!
هل نرفض ارادة الشعب.. ونمنح أنفسنا حق الوصاية علي الجميع.. بما تحاول بعض الرموز والقوي السياسية من فرضه علينا.. ما اطلقوا عليه “وثيقة العهد”.. الا يعلمون انهم بذلك.. يكررون ما عانينا منه لفترات طويلة.. من التفكير نيابة عن الشعب.. وانهم وحدهم ينزلون المسئولية والوصاية.. وعلي الجميع الانصياع إليهم.. وإلي ما يطالبون به.. والاستجابة إلي شروطهم التي قرروها.. وفرضوها علي مرشحي الرئاسة.
نحن نرفض الاعتراف بالحقيقة.. التي هي ارادة الشعب.. عبر صناديق الانتخابات.. والتي يجب ان يمتنع معها الباحثون عن أدوار.. والمتمسكون بالبقاء في المقدمة.. والظهور ليل.. نهار علي شاشات التليفزيون.
من هنا.. أقول.. ان وثيقة العهد.. ليست كما يدعي البعض.. فهي ليس لها مثيل في أي دولة.. انما يوجد خطاب العهد “Speech of comvention”.. الذي يتعهد فيه المرشح بالتزامات معينة.. أي هو الذي يضع تعهداته.. ولا تفرض عليه كما في وثيقة العهد.
واضيف إلي الذين يطالبون بعزل شفيق.. أنكم تعيدوننا إلي عام ..1805 عندما ذهب وفد شعبي بقيادة عمر مكرم.. لعزل خورشيد باشا.. واختيار محمد علي باشا.. وتنصيبه والياً علي مصر.. في ذلك الزمان.. كانت “الزفة”.. مقبولة.. لكنها مرفوضة اليوم.. فلا أحد عليه ان يتحدث نيابة عن ارادة الشعب.
ويبقي ان أقول.. لماذا نرفض.. ان نصدق.. ان الناس زهقت.. ولن تكون هناك ثورة ثانية.. فالناس كرهت الثورة الأولي.. لانها مش لاقية تاكل!! ولن تفلح محاولات إلغاء جولة الإعادة.. فالناس تسعي للاستقرار.. والأمن.. ومحاسن الأخلاق.. وترفض التخريب والهدم والفوضي.. لماذا نرفض ان نفهم.. أو نستوعب.. أو نعي ان مصلحة الوطن.. يجب ان تكون قبل مكاسبنا الشخصية.. اتقوا الله في مصر.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, June 7th, 2012 في 15:14

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي