مؤمن ماجد

احداث مصر

بورسعيدي نصف اسرائيلي

علي بعد أمتار قليلة من مقر النادي الأهلي بالجزيرة.. وفوق سور الأوبرا وجدت تلك العبارة القاتلة: “بورسعيدي ½ إسرائيلي” وأحسست بطعنة في القلب.
أعترف اني عاشق لبورسعيد لأنني من جيل مواليد ثورة 1952 .. عندما تعلمت الكلام كانت من المفردات المستخدمة وقتها “بورسعيد الباسلة” .. لم يكن اسم المدينة يذكر إلا بالصمود والاستبسال في العدوان الثلاثي.. كانت رمزا لإرادة شعب وكرامة وطن.
مرت الأيام وتحولت بورسعيد الباسلة إلي مدينة الشامبو والملابس المستوردة.. كل كان مقصوداً إلغاء تاريخ صمودها من الذاكرة وتحويلها إلي رمز للاستهلاك الترفي؟ .. لا أعتقد أن أحدا كان يقصد ذلك ولكنها سياسة العشوائية التي نعاني منها منذ قرون وحتي الآن.
ذاب البورسعيدية الحقيقيين وسط طوفان المغامرين والأفاقين الذين توافدوا علي المدينة وتحولت بورسعيد إلي رمز للتهريب والسفه الترفي.. لكن البورسعيدية الحقيقيين لم يتغيروا.. كان صديقي وسام الغيطاني يقول دائماً: إن كلمة الباسلة محفورة في وجدان البورسعيدية.
حدثت مجزرة بورسعيد.. من المسئول؟ من القاتل ومن المقتول؟ من الجاني ومن الضحية؟ هل كان عملاً مدبراً ومؤامرة محكمة؟ هل الهوجة وغياب الوعي وتوهج المشاعر وانكسار الأمن وسطوة البلطجية هي السبب؟
لا أحد حتي الآن يملك إجابة محددة.. ولا أظن يوماً اننا سنصل إلي إجابات شافية لهذه الأسئلة. لكن الجرح غائر. وهناك من يزيد الجرح التهاباً سواء بوعي أو دون وعي.
مجلس إدارة النادي الأهلي مثلاً ارتكب حماقة لإرضاء الثائرين بمقاطعة أي أنشطة رياضية في بورسعيد لمدة 5 سنوات.. وصمة لمدينة علي جريمة لم ترتكبها وتكريس لمشاعر كراهية من الصعب علاجها.
الألتراس الأهلاوي يطالب بالانتقام.. الموردون وسائقوا الشاحنات رفضوا الذهاب لبورسعيد.. الكل قاطعها.. تحولت إلي مدينة محاصرة.. واضطرت القوات المسلحة إلي إرسال معونات إغاثة للمدينة التي كانت باسلة.
يا إلهي.. كلمة قاسية.. “معونات إغاثة” لمدينة كانت تمثل رمزا لكرامة مصر.. لم تتعرض لزلزال أو صاعقة أو كارثة طبيعية.. ولكن كارثة صنعناها وكارثة لانزال نصر علي صنعها.
هل حان وقت العقل وان نبحث عن وسائل العلاج؟ .. هل نترك مشاعر الكراهية تزداد رسوخاً وعمقاً نحو بورسعيد؟ هل نقيم حفلاً راقصاً ونشرب دماء البورسعيدية لإرضاء نزوة الانتقام من المجهول؟
أنا عاشق لبورسعيد.. لكنني عاشق أكثر للوطن .. أرفض التمزيق.. أكره الانتقام.. أعارض الانكسار.. وأطالب بأن نمحو تلك العبارة من علي الجدران ومن القلوب وأن نحفر مكانها عبارة “بورسعيدي ½ مصري أصيل”.بو

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Sunday, February 19th, 2012 في 06:48

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي