على جمجوم

احداث مصر

محاولة قراءة ماحدث وسيحدث فى مصر

شباب مصر الذى بدأ وأشعل ثورة 25 يناير 2011 هو جيل معظم أعماره تحت 35 سنة_لاحظ أن مصطلح “جيل” يعنى مدة من السنين قدرها 33 سنة مما يجعل كلمة جيل هذه التى تطلق على شباب الثورة ليست نوعا من المجاز بل هى حقيقة.انه جيل عاش فترة واحدة من فترات الحكم الديكتاتورى فى مصر ألا وهى فترة حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك وأكتوى بنارها_خلافا لأجيال أخرى من المصريين مثلى عاشوا ثلاثة عهود من الحكم الديكتاتورى الفاسد_عصر عبد الناصر والسادات ومبارك. الفرق شاسع مابين الحالتين. فى حالة جيلى الذى عاصر قبل ذلك عصر عبد الناصر وعصر السادات كان النظام العالمى ثنائى القطب_المعسكر الشيوعى فى مقابل المعسكر الرأسمالى_وكانت الصراعات الدولية فيه مقفلة أو شبه مقفلة بحكم التوازن الدولى السائد أنذاك_ولم تكن ثورة الأتصالات فى العالم قد بلغت ربع ولا حتى عشر مابلغته الآن. وقد عانى جيلى قهر هذان النظامان اللذان كانت فيهما مسألة نجاح ثورة على النظام مسألة مستحيلة. وجاء عصر حكم نظام حسنى مبارك القمعى الذى هو شبيه النظامان القمعيان السابقان_نظام عبد الناصر ونظام السادات فكانت المقارنة بين الثلاثة أنظمة التى عاشها جيلى غير ذات قيمة لأنها متشابهة_أضف الى ذلك أن اليأس والسخرية من أمل التغيير كان راسخا بين أفراد جيلى_ولا هكذا كان حال شباب مصر_شباب ثورة 25 يناير الذى فجر ثورة كنا قد يأسنا من حدوثها لهذا دهشنا وبهتنا عندما حدثت.ان هذا الشباب لم تستغرقه مقارنات الأنظمة القمعية الثلاثة التى أستغرقتنا لأنه ببساطة لم يعش نظام عبد الناصر ولا السادات_فقط عاش وتفتح وعيه على نظام حسنى مبارك كذلك تفتح وعيه على ثورة الأتصالات العظيمة من فضائيات وأنترنت وفيس بوك وتويتر لهذا تركزت مقارنات هذا الجيل من الشباب بين الوضع البائس الذى يمثله نظام حسنى مبارك وبين الدنيا على الفضائيات وشبكات الأنترنت فكانت الصدمة بالنسبة له لاتطاق مثل حالة اجتماع النقيضين التى لايطيقها العقل_أضف الى ذلك أن هؤلاء الشباب لم تتكسر عظامهم تحت وطأة ثلاثة أنظمة مستبدة كما أن الموقف الدولى مفتوح اذا قيس بمرحلة الحرب الباردة التى أنتهت بتفكك المعسكر الشيوعى_أضف الى كل ذلك أن هؤلاء الشباب هم “شباب” وليسوا كهول مثلنا.ان سقوط النظام فى مصر قد كشف حجم من الفساد لم يكن متوقعا حتى عند أكثر الناس تشاؤما. القضية الملحة الآن كيف يمكن مواجهة ومعالجة هذا الفساد المستشرى فى أنحاء مصر؟. هناك جيش عرمرم من البلطجية المسلحين منتشر فى أرجاء القطر_هذا الجيش كونه جهاز مباحث أمن الدولة السابق هو ورجال الحزب الوطنى ليقوم بالاعمال القذرة_القوات المسلحة وحدها لاتستطيع مواجهة هؤلاء البلطجية الا بمعاونة الأخوان المسلمين والشرطة.فالأخوان المسلمين هم الذين حموا ثوار ميدان التحرير من هلاك أكيد على يد البلطجية فى موقعة الجمل الشهيرة_كما أن الأخوان المسلمين منتشرين فى كل المحافظات ومنظمين وعندهم جلد وايمان قوى ورجل الشارع العادى يرحب أن يكون لهم تمثيل قوى فى الحكم سواء فى مجلسى الشعب والشورى أو فى المناصب القيادية_أقول ذلك رغم أنى لى تحفظات كثيرة على جماعة الأخوان المسلمين وأتخوف من أن يعالجوا مسائل السياسة بمثل مايعالجوا مسائل الدين كما أخاف منهم على حرية الفكر وحرية البحث وتكفير المرء فى كل كبيرة وصغيرة_لكننا فى أشد الحاجة اليهم لضرورة الأمن القومى ولأنهم يمثلون الأغلبية الساحقة من الشعب المصرى_فهل من حوار قومى واسع النطاق شفاف بين أطياف القوى السياسية كلها فى مصر لنحل هذه المعضلات؟. أعتقد أن الوقت قد حان لعمل مثل هذا الحوار فمستقبل مصر يحتم عمل مثل هذا الحوار بل عدة حوارات_لابد من المناقشة والحوار العميق فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Wednesday, March 23rd, 2011 في 12:11

كلمات جريدة احداث: , , , , , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي