انسان

احداث اليمن

من بلاد الشحاتين

أقدامه متورمة تتفجر بانتفاخٍ شديد وهي مليئة بقروحٍ صغيرة ومتقاربة وكثيرة ، فبدا وكأنه يرتدي شراباً من لحمٍ مفروم .. يبقى جالساً على الارض لساعاتٍ طويلة تتغذى عليه الشمس الجائعة غذاءً نهماً في بلدٍ حار .. هو رجل أصلع ، بدين جدا وكأنه مصاب بداءٍ ما ، لا يرتدي سوى ثوبٌ واسع يغطي ما يلي ركبتيه بقليل .. وقد مر دهرٌ وهو ينظر الى المارة في مكانه قبل أن يتبول على نفسه ثم نهض من فوق بوله يمشي بمشقة بالغة على قدميه المتورمتين الحافيتين المتقرحتين ، لمحت تعابير وجهه وقد تغيرت من شدة الألم بينما هو يمشي .. ربما مجنونا او مختلا لكنه هادئ جدا ..يشمئز منه الناس فلا يقترب منه أحد ..بل و لا يراه أحد .. حتى أنني خشيت أن أقترب منه ، هكذا نحن في بلادي نرمي من يسقط لحماً عفناً على قارعة الطريق ، فلا دار للعجزة الا واحدة عتيقة تعج بالنزلاء ويرعاها النصارى ..ومستشفى للمجانين بناها لنا الاستعمار ، أما اليوم فقد أمسى حالها مجنون .. لكن لماذا ؟.. رغم أفواه الملياديرات والأحوات التي تنهش الثروة السمكية والنفط والغاز والارض والسواحل والذهب والمصالح والرشاوى السمينة وتمويل ضخم لمشاريع حكومية هزيلة والتآمر على ميناء استراتيجي سيدر ذهبا على المدينة لكنهم يبقون فقراء لا يبنون مشاريع خيرية حقيقية بل إنهم يشحتون باسمنا مثلما تشحت تلك الأسر البغيضة الفقيرة بالضعفاء منها .. شحاتين صغار ، وموظفٌ شحات ينتظر بخنوع في الطوابير الطويلة فيستلم جزء من علاوته سعيدا متنازلا عن الباقي شاكراً لهم لأنهم اعطوه جزءاً من حقه وهم القادرون على منعه ، يقرأ على النقود الورقية كي يبارك الله فيها لكن لحمة العيد وخضار العيد تلتهم الورق الرخيص كلمح البصر.. و شحاتين كبار .. والشحاتون مقامات وصور في عالمنا العربي هذا ..فالرئيس المصري عندما يشحت هو أعلى مقاما بكثير من الرئيس اليمني الذي يشحت حتى الانسحاق .. لكن يبقى أعجب الشحاتين وأغربهم هو ذاك العربي الغني الذي لم ينخر الفساد الاقتصادي في ارجاء بلاده والذي بإمكانه ان يفعل وحكومته وشعبه مع الشعب العربي الكثير لكنه يشحت الود والحماية والاستعمار من الاجنبي .. يشحت سيادة الصهيوني عليه بينما هو يضخ الاموال لخزينة الولايات المتحدة كلما تأزمت اقتصاديا .. يشبه المثل القائل يده في فمك وإصبعه في عينك ..

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Friday, October 26th, 2012 في 21:34

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي