على جمجوم

احداث مصر

مقال هام ومفصلى…مفهوم الديمقراطية

عبد الرحمن كرم درويش يكتب : مفهوم الديمقراطية
……………………………………………
في اطار البحث حول مفهوم الديمقراطية. وماهيته، والذي يندرج بالولوج في الفكر الديمقراطي، والذي ليس من الممكن إدراكه الا بمنظار الفكر السياسي الذي يبعدنا عن تأويلاته الاعلامية، وينتشله من الغموض والارباك. ان منظار الفكر السياسي يتصف بغنى وتنوع زوايا النظر فيه، والذي يعكس غنى وتنوع الفكر الانساني المنبثق عن ترجمة طبيعية للتنوعات البشرية في النواحي كافة، والتي تعكس بدورها هذا الغنى والتنوع. وبالتدريج، أول ما نراه من الديمقراطية ككلمة مكتوبة يعود بنا الى تاريخ هذه الكلمة واصل نشوئها ومصدرها. ومعناها ودلالاتها. واللغة التي انتجتها، وهل توجد كلمات اخرى في لغات اخرى تعطي نفس المعنى والدلالة؟. ان الديمقراطية مأخوذة من الكلمة الانكليزية Democracy والتي بدورها مأخوذة من اصلها الاغريقي، فالديمقراطية هي كلمة مركبة من اللغة اللاتينية القديمة التي تحدث بها اليونان القديم (الاغريق)، وهي من مقطعين لكل مقطع دلالة. المقطع الاولDemos و تعني الشعب او الرعية، ويقصد به مواطني منطقة معينة(نظرا لما كان اليونان القديمة عليه من دولة المدن ولكل مدينة سكانها الذين هم يمثلون الشعب أو المواطنين)، والكلمة الثانية هي Kratia هي الحكم وهي دلالة الحكم والتحكم وامتلاك السلطة السياسية. نطق اليونانيون القدماء بكلتا الكلمتين بصورة مجتمعة التعبير عن معنى واضح لا لبس فيه الا وهو (حكم الشعب)او(الحكم الجماعي)او الحكم المشترك من قبل الجميع او(سلطة الشعب)، ترميزا للمساواة بين جميع الافراد وحقهم بالحكم ومشاركتهم فيه واستمرت هذه الكلمة تأخذ حيزاً من تفكير وممارسة النخب الفكرية والسياسية لذلك الشعب(1). واخذت هذه الكلمة تتطور في اللغة الاغريقية كما وأخذت بعداً اصطلاحياً. واطلق العنان لتعاريف مختلفة حولها. ناجمة حول الاختلاف في زوايا النظر المختلفة في التفسير والتأويل. ولكونها تشمل جميع الشعب، فأخذ الجميع يفسرها كما يراها وكما يريدها ان يكون. إلا انها بقيت مستندة على اساسها ومرتكزات ظهورها بكونها تمثل حق الجميع في المشاركة في الحكم. بدءاً من يونانية الكلمة ـ والتي في لغة اليونان تعني حكم الشعب ـ وهي ديمقراطية مباشرة تعني مشاركة الـمواطنين وتدخلهم الـمباشر في حكم أنفسهم، وقد سوغت نفسها في أنْ يتمتع المواطنون بالمساواة السياسية وبالحرية في أنْ يحكموا أنفسهم وفي أنْ يُحكموا من قبل أنفسهم، فهم الـحاكمون والـمحكومون، والسيادة التامة لجماعة المواطنين ومشاركتهم في الوظائف التشريعية والقضائية مباشرة، تطلب حاجة ظهور الديمقراطية في المجتمع الاغريقي، الى عدة عوامل منها الرغبة في تحقيق العدالة للجميع وتحقيق مصالح الجميع، وعملية رد الفعل ضد التسلط. والرغبة في المساواة وامتلاك الحرية ونيل السعادة. لم يكن ذلك سهلاً ولا مطلباً ميسوراً. ما دامت هذه هي المطالب البشرية التي سعت كثيراً للحصول عليها منذ دهور وعصور سحيقة ولا زالت تناضل من اجلها. بالرجوع الى المطالب المهمة الاخرى التي توصلت البشرية اليها بقناعة وجود هيكلية اجتماعية متكاملة تسمح بتوحيد الجهود للحصول عليها والتي بدورها ادت الى نشوء السلطة السياسية من خلال ضرورة توفر ادارة عامة تسوي امور الناس المجتمعين في الهيكلية الاجتماعية. فأصبحت الانظار تتجه الى هذه الهيكلية وكيفية قيادتها. خاصة بعدما اصبحت قوية. واصبحت حاجة للمجتمعات، وضرورة لا يمكن الاستغناء عنها. فوجبت السيطرة عليها ومنعها من الطغيان باختلاف النظريات التي بحثت حول تدرج تطورها، ومراحلها، وهل كانت ذات اشكال معروفة ام لا؟. ظهرت الديمقراطية بتواضع تأخذ الحلول المطروحة والتي كانت من الناحية النظرية احسن الحلول واجودها. تحمس اليها الكثيرون في اثينا لكونها تلبي رغبات كثيرة ذاتية وموضوعية. ورأت النور عبر مراحل تطورية وبأشكال مختلفة. سرعان ما برزت فيها على أرض الواقع عقبات ومعوقات كثيرة صارعت أٌطرها النظرية. ومنذ ذلك الحين تناضل الديمقراطية من اجل تلبية طموح البشرية افراداً وجماعات، وتقابلها بالضد مناهج اخرى كثيرة جرب الانسان منها ما كثر، ولا تخلو العالم بحاضره وماضيه من تجربة الا وخاضها وألتمس نتائجها بكل الاشكال. كانت الديمقراطية عند اليونان تعني الخروج بالحكم من يد فرد متحكم أو من يد الاقلية المتحكمة الى حكم الاغلبية، حتى تكون اغلبية شعب المدينة هي التي تحكم وتتصرف بحكومة خاضعة للدستور ومقيدة بهيئات نيابية تكفل التوازن بين السلطات المختلفة تكون فيها السلطة مملوكة للشعب لا يستأثر بها فرد من الافراد ولا طبقة من الطبقات(2)، ان الديمقراطية بمعنى حكم الشعب تفترض نظاما يلتقي فيه الناس ليحكموا انفسهم حكما مباشراً، وعند الاجتماع من اجل ممارسة الحكم كان هذا الاجتماع تسمى عند اثينا اكليزياEcclesias وفي اسبارطة كان الاجتماع يسمى ابيلاApella(3). نرى أن الديمقراطية هي من نتاج اللغة الاغريقة القديمة ومن انتاج الحضارة الهيلينية. وافرازات طموحها وأحلامها في إحلال السلم الداخلي بين أفرادها – بالرغم من وجود الكثير من الكلمات والمصطلحات في لغات العالم الحية منها والميتة، الا انها لم تحظ بالديمقراطية في وضوح المعنى والقصد وغنى ما ألَمَ به مبتكروها لذلك استمرت الى عصرنا هذا ولم تنفك عن تطورها بسبب التراكمات الحضارية التي يثريها رواد الفكر والممارسة في شعوب العالم المختلفة. وكانت ديمقراطية عندهم مباشرة(4). في ظل حرص الانسان للحفاظ على حريته وامتلاك ارادته واحتياجه الى الظل الاجتماعي لأكتمال متطلباته وجد الحاجة الى التمسك اكثر بإرادته في ظل احتكاكه بإرادات أُخرى يتعامل معه واستوجب الحل في تنظيم القوانين وتنظيم الحياة الخاصة والعامة مما يحقق الاتفاق والوئام لجميع الاطراف. لذا لزم عليه ان تكون له ارادة في اختيار ما يراه مناسباً لتحقيق حريته والحفاظ عليها. كفهم اساس لمبدأ عدم الطغيان من قبل الغير عليه بأي شكل. وهذا المطلب البشري يمثل سر وجود الديمقراطية بصورة جمعية في التصور البشري الداعي الى حرية الذات. فهي موجودة في كل الازمان وعند كل الامم والملل، وان كان لليونان فضل تفسير المتطلبات وتأويل الحجات ووضع الكلمات بما يناسبها بما امتلكوه من قدرة ترجمة القيم في الاطر النظرية وتقنينها. للحصول على افضل السبل في تحقيق الحرية للذوات وامتلاك ناصية المساواة بينهم. في ظل عدم توفر متطلبات عامة لتمكين الحفاظ على مستلزمات التوازن الديمقراطية بين سائر الشعب ومكونات استمرارها بشكل لها مضمونها المرجو، انتكست الديمقراطية في بلاد ظهورها وفرغت من محتواها بضرب اسس الحريات التي بدأت بمحاكمة سقراط، ودفنت بعد ذلك في ركام الطغيان(5)، وتتطلب عصوراً لكي تظهر من اقبية صدور الناس معبرين عنها بالكفاح من اجل الحرية في عصر ليس ببعيد، لكي تدشن املاً لأنهاء الطغيان مرة اخرى معتمدة على تجارب عصور طويلة من الرزوح تحت انظمة حكم ومناهج حياتيه وتفسيرات عامة حول المستقبل وغيرها – كثيرا، لكي يكون فيصلاً بين الأختلاف لما يتحمله ان يكون وعاء للإختلاف. لقد اصبحت الديمقراطية اعظم قوة ثورية معاصرة فقد اصبحت غاية شعبية كنظام، وصارت وسيلة مثلى لحل المشاكل في العالم(6). فعُرفت الديمقراطية بأنها اتفاق المختلفين بالسلام. والتشارك في الامور. كونها آلية تنظيم امور الحكم. منهاجا لممارسة السلطة. نظام حياتي لبني البشر لكي يتعلموا ان يعيشوا بسلام، نظرية التنوع والتداول، طريقة تحث على البقاء والاستمرار للأفضل في تسيير الشؤون العامة—وغيرها كثير. الا انها في النهاية تمثل الوعاء للحفاظ على الحريات وتعايش الارادات في حالة من التوافق، يرى الافراد من خلالها انفسهم اكثر تعبيراً واستقلالية وبالتالي احراراً. او ما يعرف بانه الطريق نحو السعادة. والمساواة. او ما يعرف بإنها حاصل المشترك بين المختلفين للبقاء جميعهم مع بعض. ظلت وتظل الديمقراطية في التطور نحو المزيد من التفصيلات وبالاهتمام بأدق التفاصيل من اجل استمرارها وهي متلائمة مع المتطلبات الاجتماعية لكل مجموعة بشرية بحسب منظومتهم الاجتماعية.. وماالى ذلك. تماشياً مع مبادئ الديمقراطية اعترف الرومان بأن الحكومة يجب ان تنطوي دائماً على نوع من قبول الشعب، والتي تعبر عن تأثيرات اغريقية عليها، تابعت الديمقراطية مسيرها الوعر خلال ظهور بذورها الحديثة في الثورات الدينية التي حصلت في أوربا خلال الانقسام الديني وانحسار سلطة الكنيسة والدعوة إلى التسامح بعد الحروب الدينية الطويلة التي عصفت وهتكت بأوربا ثم ما لبثت أن ظهرت مذاهب دينية في أوربا هي ديمقراطية في روحها مثل المذهب البروتستانتي وبالأخص البريتانيين منهم الذين نجحوا في ترسيخ الديمقراطية في بريطانيا بعد إقرار وثيقة مكناكارتا في عام 1648م(7). بعد انتهاء عصر الظلام بزوال غيوم الحروب الدينية المدمرة التي دارت رحاها على اعتاب حركات الاصلاح الديني التي ظهرت في اوربا والتي تمخضت نتائجها عن مبدأ قبول التنوع والتعدد الديني والمذهبي والانفتاح نحو الأنسنة بدلاً من قوانين الكنيسة التعسفية، رافقها تحول كبير باتجاه النهضة الاقتصادية والفكرية والسياسية والتحولات الاجتماعية الكبيرة. فقد ظهرت الى الوجود دعوات تقييد حرية السلطة وظهور طبقات اجتماعية جديدة ساعدت هذه التحولات الاكتشافات الجغرافية والعلمية اي لم تكن سببا لها. فثارت الجموع البشرية لنيل حرياتها وبدأت فلسفات الفردية تزدهر ازدهاراً كبيراً. وسلطات وقوانين الكنيسة تتقلص. وبإزدهار النظرية الفرديةIndividualism بشكل كبير رافقه تفسخ وانحلال العلاقات الاقطاعية وحلت محلها علاقات اقتصادية اجتماعية جديدة تعتمد بشكل أساسي على أفراد احرار ازداد نموهم بشكل كبير، التي ادى الى ارتفاع دعائم الديمقراطية التي وجدت مناخاً مناسباً للظهور تعكس متطلبات الحياة الجديدة(8)، التي تعتبر خطوة في طريق تطور الفكر الديمقراطي التي تعززت بخطوات كثيرة اخرى، كتقليص سلطات الملك بعد اطروحات جان لوك(1632-1704م)(9)، حول الديمقراطية والعقد الاجتماعي، والتي تبعها الكثير من التطورات والثورات التي اجتاحت اوريا بحثا عن الحرية التي توجتها الثورة الفرنسية التي رسخت وانضجت الحرية والديمقراطية في البر الاوروبي ونشرها الى بقية الامم ويعتبر جان جاك روسو(1712-1778م) المنظر الرومانسي للديمقراطية(10). حيث يعتبر اطروحات لوك وروسو وهوبز(1588-1679م)(11) حول العقد الاجتماعي الذي اصبح الاساس في تفسير اصل نشوء السلطة وارجاع اصلها الى الشعب بحكم قانون الطبيعة، الذي عززته التطورات العلمية، ثم جاء مونتسكيو(1689-1755م) يُنظر لتقسيم السلطات كضمان عدم طغيان السلطة على الشعب(12)، ويرى ابراهيم عبد الفتاح أن الديمقراطية الحديثة تستند على نظرية العقد الاجتماعي وهذه النظرية حسب رأيه ليست حديثة العهد في تاريخ الفكر السياسي ولكنها اكتسبت شكلها الاخير بوضوح على لسان هوبز، لوك، وروسو(13). ان الديمقراطية مشروع نسبي تتغير أنماطها وأشكالها بتغير المجتمعات بإختلاف الخصوصيات(14). فهي من المفاهيم التي لا تأخذ شكلاً محدداً لا يمكن التغيير فيه بل هي مصطلح قابل للتطور من حيث الشكل والمضمون معا. وتأخذ صوراً واشكالاً متغيرة عبر الزمن(15). عرف المفكر الفرنسي موريس دوفرجيه الديمقراطية بانها النظام الذي يختار فيه المحكومون الحاكمين عن طريق العملية الانتخابية الحرة16. وعرف الان تورين الديمقراطية بانها الاختيار الحر خلال فترات منتظمة للحاكمين من قبل المحكومين ليحدد بكل وضوح الالية المؤسساتية التي لا وجود للديمقراطية من دونها(17). ويعرفها محمد عابد الجابري بانها الكيفية التي تمارس بها السلطة اساساً كنوع خاص من العلاقة بين الحاكم والمحكوم مبنية على احترام الانسان والمواطن(18). وتعرف الديمقراطية بانها تعني احترام الانسان باعتباره غاية لا وسيلة، كما انها تعني الاهتمام بالسعادة واعلاء شأنه، وتوفير كل السبل والانظمة لخدمته، ورفع مستواه وتأمين حقوقه وحرياته من العبث والاستغلال. فالديمقراطية في الاساس مبدأ او نضال شاق مرير ضد الاستبداد والاستعباد، فهي تهدف قبل كل شيء وبعد كل شيء الى خدمة الانسان في حياته الاجتماعية باعتباره اسمى الكائنات وارقاها واحقها بالعيش الكريم والتطور(19). الديمقراطية هي عملية اجرائية يمارسها الفرد في حياته العامة بكل تفاصيلها. وهو اجراء لاتخاذ القرار الذي يتميز بانه الحل الوسط المنصف بين المطالب المتنافسة للحصول على السلطة(20). ان جوهر الممارسة الديمقراطية هو مدى احترام حقوق الانسان السياسية والاجتماعية والاقتصادية، او تعبير عن كيفية ممارسة السلطة فقد ذهب البعض إلى اعتماد شروط مادية وغير مادية في اطلاق صفة الديمقراطية على اي نظام سياسي وتتمثل الشروط المادية في التجانس القومي والاجتماعي، اما الشروط غير المادية فتتضمن الاتفاق على ثلاث مسلمات رئيسة: الاولى يعتمد على الاتفاق على الاختلاف أي معناه الاتفاق حول مسألة رئيسة تواجه المجتمع السياسي، والاختلاف في اختيار السياسة التي سوف تتبع بصدد هذه المسألة، والمستوى الثاني يتضمن مبدأ الاغلبية بصفه تمثيل الكل، والمستوى الثالث يتضمن المبدأ التسوية وهي نتيجة منطقية من مبدأ السابق والتسوية تتطلق مزاجاً عقليا يتسم بالتسامح المتبادل واحترام وجهات النظر المختلفة(21). وتعرف الديمقراطية بأشكال وأنواع مختلفة ولا حصر لها تعكس بطبيعة الحال اختلاف المنشأ الفكري لكل تعريف إلا إن التعريف الشامل تقضي اعتبارها آلية ومبدأً للحكم تفترض الأصل الشعبي للسلطة مبتغاها مشاركة اكبر عدد من الناس في إدارة شؤونهم في الحكم مع هامش كبير من الحرية للمواطنين في تقرير مصائرهم بعيدا عن تعسف السلطة التي يمكن أن تقسم لمنع الاستئثار وتفرض الديمقراطية التداول في السلطة كأحد أركان وجودها. والديمقراطية نظام فريد للحكم وهي في شكلها المعاصر نتاج العصر الصناعي. او عصر الحداثة المتميز بالعلمانية والتمدين والليبرالية لقد استغرق نشوء تطورهذه الحقبة عدة قرون(22). من المؤكد ان تنوع الاجراءات والترتيبات الديمقراطية يحتم علينا تعريف وتشذيب فهمنا لماهية الديمقراطية وكيفية عملها حيث ناقش كانط المظهر الداخلي للدولة- الامة، اي المسؤولية والاختيار في الامم نفسها حيث اكد ان الاختيار الحر سيحد من فرص الحرب(23). ان الديمقراطية ليست مثلاً أو مباديء في شكلها التجريدي، بل هي مجرد تمثلات فكرية للبنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المؤسساتية والثقافية والقانونية التي تشتغل على ثلاثة مستويات(24): اولا: انها نظام علاقات معقدة بين اعضاء وجماعات وطبقات مجتمع ما، يتمتع فيه كل فرد أو جماعة أو طبقة بالمساواة أمام القانون على أساس حقهم في حرية النشاط الاقتصادي المنظم في عقود وفي حرية المشاركة السياسية وفي حرية المعتقدات الدينية. إن عبارة انسان واحد-صوت واحد تعبر عن المظهر السياسي للمساواة الشاملة. ثانيا: انها نظام من العلاقات بين المجتمع في كليته والدولة بين المجتمع المدني، والمجتمع السياسي، بناء على احتكارين ان المجتمع المدني هو حقل الملكية والنشاط الاقتصادي والثقافي وان المجتمع السياسي هو ميدان احتكار وسائل العنف المشروعة وادارة القضاء دفاعا عن الحياة والملكية والثقافية والحريات ضد اي انتهاك لها سواء أكان داخلياً ام خارجياً. ان العقد الاجتماعي ينص على ان المجتمع المدني يتناول حقوقه في حماية الحياة والملكية الى (الدولة حاملة السيادة). وكذلك يحول هذه الدولة عبر الضرائب ويحتفظ بحقه في محاسبتها وتغييرها. ثالثا: انها نظام تقسيم وظائفي مؤسساتي داخل المجتمع السياسي اي في بنية الدولة مثال ذلك ان كل واحدة من مكونات الدولة تقوم بوظيفة محددة بوضوح. ان النظام الديمقراطي القائم على العقد الاجتماعي وحكم القانون، والحكم بالرضى أو التوافق وحكم الاكثرية، حكم الدولة المؤسسات ودولة التمثيل الشامل ودولة تقسيم السلطات، المعرضة للمحاسبة والانتقال السلمي للسلطة لم تظهر جاهزة(25). ان الاساس لنشوء الديمقراطية هو العلاقة بين الدولة والمجتمع، ان النماذج المتنوعة لهذه العلاقة يمكن ان تختصر في ثلاثة احتمالات مجردة، اما ان تكون الدولة قوية جدا فتصبح بذلك سيدة المجتمع المدني، او ان الدولة في حالة توازن مع المجتمع المدني واخيرا ان تكون الدولة اضعف من المجتمع المدني ونعتقد ان النموذجين الاخيرين فحسب يتيحان الفرض نمو الديمقراطية، او ما يسمي دالة حكم المراكز المتعددةpolyarchy (26). ان العالم يكبر، لأن العولمة تستمر في زيادة عدد الوحدات القومية وتعزز التجمعات العرقية وحتى الهويات الاجتماعية الأصغر من ذلك. ان الموجة الجديدة لبناء الديمقراطية في تسعينيات القرن الماضي قد خلقت نقطة بداية مفيدة من اجل دفع الجوانب المتعارضة من تضاد المصلحة الخاصة للفرد مقابل المصلحة العامة للجماعة، وتضاد الفرد مقابل الدولة، وتضاد الامة مقابل الامة، وتضاد الامة مقابل العالم. الى نوع من الوفاق ولعل الدمقرطة توفر قاعدة نحو الحل السلمي للنزاعات ان الديمقراطية لم تمنع الحرب بين الامم لكنها اوقفت الحروب بين الديمقراطيات(27). إسهامات العالم الشرقي في أغناء الديمقراطية لم يكن النظام والاليات وحتى مفهوم الديمقراطية، بشيء غريب عن الحضارات الشرقية حيث لها جذور راسخة في هذه الحضارات وقد طورت الكثير من المفاهيم التي اسهمت في تطوير الفكر الديمقراطي بشكل مباشر وغير مباشر، حيث عرف في حضارات وادي الرافدين الحكم النيابي واسس الديمقراطية وحكم القانون والعدالة والحرية التي كانت من اساسيات الفكر العراقي القديم(28). حيث يقول توركيلد جاكوبسن: ان العراق القديم عرف نمطاً من الديمقراطية سمي (بالديمقراطية البدائية) في مجتمع صنف على اساس كونه مجتمعاً ديمقراطياً وعسكرياً(29). وهذه الديمقراطية البدائية كانت قائمة على اساس نظام مجلس متكون من مجلسين هما المجلس العام ومجلس الكبار او (مجلس الشيوخ). المجلس الاول يضم جميع الرجال الاحرار في المدينة. اما الثاني فيضم كبار السن من الشيوخ الذين تنصرف اعمالهم في تصريف الشؤون اليومية وان هذا النظام وجد بوجود دولة المدن في العراق القديم ويجتمعون بشكل دوري بصورة رسمية(30). وكما اسهمت الحضارة الصينية بالكثير لتطوير مفاهيم الفكر الديمقراطي حول شرعية السلطة واصلها الشعبي وتبجيل العلم والعلماء والعقلانية التي دعا اليها كونفشيوس، واسهامات الحضارة الهندية حول التنوع وفلسفة المحبة . والحضارات الشرق اوسطية الاخرى، وتحمل هذا الارث الكبير الى اوروبا بفضل التجار والمبشرين الذي اصبح احد اركان النهضة العلمية في اوروبا وزاد من سعة المعارف والادراك والهم المفكرين الليبرالية والديمقراطية التي اثبتت أن جميعهم كانوا متأثرين بالحضارات الشرقية(31). ومن اهم المدارس المتأثرة بالتراث الشرقي انصار مدرسة الفلسفةPhilosophies School في فرنسا، وديكارت وتوماس بينن وتوماس جفرسون، وجورج واشنطون، وجون لوك، شافتسبريShaftsbury ومنتسكيو. واخرون كثيرون لقبوا جمعيهم برواد حركة التنورEnlightenment (32). انواع الديمقراطية. يعرض ديفيد هيلد على سبيل المثال تسعة انماط من الديمقراطية يتفرع بعضها الى اجناس فرعية(33)، وتتضمن هذه الانماط ديمقراطية اليونانيين الكلاسيكية او المباشرة(وهي الديمقراطية بشكلها ومضمونها الاولي الذي ظهر في اليونان القديمة. يتسم بالمشاركة المباشرة من قبل المواطنيين في شؤون الحكم وصنع القرار، وسن القوانين وممارسة السلطة كإنعكاس لحرية الافراد واحترام إراداتهم من قبل بعضهم البعض. حيث كان لزاماً على المواطنيين عدم اهمال شؤون الدولة لأية حجة. وان المواطن الذي لا يُعنى بالمسائل العامة لا يُرى فيه رجل منعدم الضرر، بل رجل منعدم الفائدة)(34)، الديمقراطية الحامية او التنموية (المتجددة من النزعة الجمهورية الحامية والتنموية) والديمقراطية الحديثة المباشرة، الديمقراطية نخبوية التنافسية، الديمقراطية التعددية الجديدة ، الديمقراطية القانونية، ديمقراطية المشاركة الموسعة، الديمقراطية الذاتية، والديمقراطية العالمية(كوزموبوليتانية Cosmopolitan) وعموماً فأن الانماط القائمة قابلة للتوسيع كالديمقراطية الناشئة (اي جديدة وضعيفة)، والديمقراطية الانتخابية والديمقراطية الليبرالية، الديمقراطية النخبوية(35). الديمقراطية البعيدة (يرى أصحاب هذه الديمقراطية أن التوسع في استخدام تقنية المعلومات وطرق الاتصال يمكن أن يؤمن وسائل التعبير المنتظم على وفق الإرادة الشعبية) الديمقراطية السياسية (والتي تعني إتاحة الفرص المتساوية لأفراد المجتمع بالمساهمة بالاقتراع السري العام لانتخاب أعضاء حكومته) الديمقراطية الاجتماعية (هي أسلوب حياة تعني تحقيق فرص المساواة والعدالة وحرية الفكر وتكافؤ الفرص لجميع أفراد الشعب دون تمييز على أساس الدين أو الجنس أو العنصر، فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات والخضوع إلى سلطان القضاء). الديمقراطية الشعبية(هو مصطلح سياسي ظهر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أخذت به بعض الدول السائرة في طريق الشيوعية كالاتحاد السوفيتي السابق والصين ويوغسلافيا ومنظومة الدول الاشتراكية. وقد تلاشت أهمية هذا المصطلح بعد أن أظهرت الحقائق اتساع الهوة بين هذا المفهوم وحقيقة النظم الشيوعية القائمة على نظرية الحزب الواحد و دكتاتورية البروليتاريا التي يعتبرها لينين ضرورة ملحة في مرحلة التحول الثوري حيث لا ينبغي إلا وجود طبقة واحدة هي طبقة العمال التي تتولى قيادة الجماهير الكادحة). الديمقراطية التوافقية Concociatimalism والديمقراطية التشاركية Corporation صيغتان لسير النظام السياسي، تقوم الاول على عدم إتخاذ قرار من الاغلبية بدون موافقة الجماعات الصغيرة اما التشاركية فتتعلق بإقرار السياسات الاقتصادية على اساس موافقة ثلاثية من الدولة وارباب العمل ونقابات العمال(36). الديمقراطية التوافقية. نموذج يعتمد على تقسيم السلطة بين الجماعات داخل الدولة حسب نسب معينة(وهناك عدة طرق لهذه النسب) وهذه الجماعات يمكن ان تكون عرقية أو دينية او قومية او مذهبية تجمعهم صفتان رئيستان هما المواطنة والولاء للدولة نموذج سويسرا، بلجيكا(37)، وتتمثل فيها الخصائص التالية: الحكومة الائتلافية تتكون من ممثل كافة الجماعات داخل الدولة. واحياناً ان ممثلي هذه الجماعات المختلفة يتمتعون بحق النقض داخل مركز صنع القرار. وان ممارسة هذا الحق تكون مسموح بها في حالة وجود قرار يمس بحقوق جماعة معينة ويؤثر على وضعيتها الاجتماعية والسياسية وحقوقها المكتسبة. والنظام الاتحادي(تقاسم السلطة وتوزيعها بين المركز والاقاليم)(38). وقد انشقت عن مفهوم الديمقراطية ديمقراطيات ذات سمات معينة منها: الديمقراطية الاشتراكية(هي احد أشكال الديمقراطية التي نادى بها الاشتراكيون الديمقراطيون وتمر عبر البرلمانات، وهي لا تستمد أصولها من الفكر الماركسي بل تعتمد على الإنجيل والأدبيات المسيحية). الديمقراطية الموجهة ( كان الرئيس الاندنوسي سوكارنو أول من استخدم هذا المصطلح ثم أخذت به بعض دول العالم الثالث التي تنتهج مبدأ عدم الانحياز، حيث ترى إن الديمقراطية الغربية لا تناسب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلدانها مما يستوجب أن تخضع العملية الديمقراطية إلى توجيهات الدولة ولو في بداياتها في اقل تقدير). الديمقراطية المركزية( وهي مصطلح استخدمه الشيوعيون لترويج أيديولوجيتهم المبنية على الدكتاتورية البروليتارية. ويرى لينين إن الديمقراطية تتحدد بالعلاقات الإنتاجية في مجتمع ما، مع الأخذ بنظر الاعتبار التطور التاريخي للديمقراطية واعتمادها المباشر على التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية وعلى طابع الصراع الطبقي ومدى قوته وأثاره. وجد الحزب الشيوعي أن الديمقراطية أصبحت حاجة ملحة للشعوب وطموحاً جارفاً لا يمكن الوقوف ضده أو تجاهله، مما استدعى ضرورة الانجراف مع هذا التيار حتى لو كان شكلياً. فبدأ الحزب بترويج مفهوم الديمقراطية المركزية، وذلك بإعطاء نوع من الحرية لأعضاء مجلس السوفيت الأعلى وكبار ملاكات الحزب في مناقشة القرارات الهامة، مع الأخذ بنظر الاعتبار التزام الأقلية بموافقة الأغلبية). ديمقراطية المجتمعات المتعددة( ينطبق هذا النوع على المجتمعات التي تتميز بامتلاكها قطاعات اجتماعية معينة، كأن تكون على شكل طوائف دينية أو لغوية أو قومية أو ثقافية. حيث يلاحظ إن هذه التجمعات التعددية تطور أحيانا أسلوبا من النظام الديمقراطي يختلف عن الأسلوب القائم على موافقة الأغلبية من خلال ترشيح المشاركة في السلطة عن طريق الائتلاف، وتنطوي هذه المشاركة على تخصيص نسبي للمراكز السياسية وغير السياسية في الدولة، مع احترام استقلال وحقوق كل قطاع ومصالحه. والاعتراف بحقه في نقض القرارات التي تؤثر في أهدافه الحيوية، لذلك يجعل هذا النوع عملية سهلة الدمج السياسي في المجتمع ولو بشكل مصطنع). الديمقراطية النيابية(وتعني حصر السلطة السياسية بالمجالس النيابية واتخاذ القرارات الهامة من قبل هذه المجالس، على وفق منظور أنها تستمد قوتها من سلطة الشعب ولا سلطة تعلو سلطة الشعب. ويشكل الرأي العام المعيار الأساسي الذي يوجه هذه المجالس. من الجدير بالذكر إن هذا النوع من الديمقراطية يتيح للبرلمانات صلاحيات كبيرة مثل اعداد الميزانية العامة وتحديد نسب الضرائب أو تعديلها أو إلغائها أو زيادتها وكذلك تقييم أداء الحكومة ونزع الثقة عنها في حالة إخلالها بالواجبات المناطة بها كما يقرر الدستور). ويبدو من سير الاحداث والوقائع في عالم القرن الحادي والعشرين، أن (الديمقراطية النيابية) غدت هي الوحيدة في الساحة السياسية العالمية، وان جميع الدول تفضل أن تسير عليها وتتبعها في ظل القطبية الأحادية والنظام الدولي الجديد، على الرغم من عدم استقراره بشكل نهائي، سواء طوعا أم قسرا، أو عن طريق ضغوط مباشرة أو غير مباشرة في المستقبل المنظور. تنظيم الدولة للظروف المادية، وان يكون نشاطها غير متحيز يهتم بمصالح الجميع، وما تسمى دولة الخدمات الاجتماعية، تحول الدولة من دولة سلبية الى دولة ايجابية تعمل من اجل ازالة التناقضات الاساسية في المجتمع وهي ما يسمى بالديمقراطية الاجتماعية وهي مرحلة وسط بين الديمقراطية الليبرالية والاشتراكية(39). مفهوم الديمقراطية في الفكر الحديث يقول د.عامر حسن الفياض أن الديمقراطية عرفت بدلالة المعنى الحرفي العام للمصطلح اي حكم الشعب(40)، ويرى ان من المناسب ان تعرف الديمقراطية بدلالة مرتكزاتها (الفردية- الطبيعية- العقلانية)، وذلك لأن مرتكزاتها لا تمثل اشلاء متناثرة، وانما هي سلاسل مترابطة قد يصل التناسق بين حلقاتها، احيانا، حد الانسجام بل حد التداخل، فالعصر الجديد الذي جاء مع بزوغ الانتاج الرأسمالي عرف في آن واحد، وبشكل متناسق خصائص فكرية كثيرة مثل: نظريات القانون الطبيعي التي عرضها هوبز وسبينوزا ولوك وروسو. كما عرف حكم العقل الذي اعلنه مفكرو عصر التنوير وعرف ايضا فكرة المصلحة المتنورة والارادة الخيرة التي قال بها كانط، ومذهب الحرية بوصفها ماهية الانسان، والتصور الانثروبولوجي الفلسفي لوحدة الجنس البشري، والمذاهب المادية في الطبيعة، ومفهوم الحركة الذاتية للمادة، التأليهية والالحادية، والنزعة الالهية، والمذهب العقلاني، والمذهب الاجتماعي، وذلك في اطار متناسق تؤدي اجزاؤه الواحدة تلو الاخرى من خلال قاسم مشترك يجمع ما بينها هو الانطلاق من الفرد كوحدة اساسية ليبين حرياته ويضمن له حقوقه الطبيعية ويعطي للعقل الانساني الاهمية الاولى في توجيه سلوكه كـ(فرد ضمن المجموع)(41). بينما يرى ابراهيم عبد الفتاح أن الديمقراطية تعرف من خلال عناصرها التي تتألف منها الحرية، والمساواة. الحرية على انواع منها الحرية المدنية ويقصدبها حرية الفرد في الامور العائدة لشخصه الخاص وماله والحرية الدينية والحرية السياسية(42). المساواة جاءت مع الحرية وركناً من أهم اركان المبدأ الديمقراطي. وتوجد اربعة انواع من المساواة: المساواة المدنية(حصول الافراد على نفس الحقوق تجاه القوانين المدنية)المساواة السياسية. والمساواة الاجتماعية. والمساواة الطبيعية(43). بذلك تكون الديمقراطية تدل على ذلك النوع من الحكم الذي تكون فيه السلطة العليا في الدولة لا بيد طبقة او طبقات خاصة بل بيد الشعب كله، تكون السيادة بيد الشعب، والشعب كما يعتقد الكثيرون رمز المجموع الذي نحن جزء منه، والشعب ارادته هي ارادة حكيمة لأنها تتجاوز المصالح الذاتية، والعدل الذي ينشده هو العدل المجرد العام، في يده القوة العظمى وحقه في الحكم المقدس دون جدال والتصويت هو وسيلة الوحيدة للتعبير عن ارادة الشعب(44). المرتكزات الفكرية للديمقراطية: 1- الفرديةIndividualism : تعني تاكيد حقيقة الانسان بوصفه فرداً انسانياً، أي تأكيد حقيقته الجوهرية التي تختلف اختلافاً قاطعاً عن حقيقته الوصفية واحواله الطارئة والوضع الذي ارتضاه له المجتمع اتفاقاً او عرضاً، وان عنصر الصالح في الفردية هو تساوي الفرص(45). والفردية هي قيمة الانسان، واكتشف قديماً ذلك الاغريق حيث يقول بروتاغورات(ان كل شيء في الكون يقاس من حيث قيمته بالنسبة الى الانسان)، واهتم السفسطائيون بالميول الفردية ويعتبرون المعلمين الاوائل للفردية(46). واكد اصحاب المدرسة الكلبية ان الانسان الفرد يعيش لنفسه ولنفسه فقط. اما المدرسة الابيقورية ففضل غرس صفات الاكتفاء الذاتي في نفوس تلاميذها(47). ان النظر الى الانسان بصفته فرداً قد وصف بأنه ثورة غطت زمن عصر النهضة والاصلاح الديني والثورتين التجارية والصناعية، فضلاً عن الانتفاضات السياسية التي جرت في القرن التاسع عشر والثامن عشر والتاسع عشر. وقد كان من اثر هذه الثورة انها انتزعت الانسان من وجوده الجماعي التقليدي، كما كان في العصور الوسطى، وجعلته فردا(48). ان الفردية هي احد المرتكزات التي اخذت تبني عليه السلطة السياسية للمجتمع الديمقراطي الليبرالي وتستمد قوتها من ارادة الفرد. وتستند الى تأييده ورضاه(اي رضا الفرد) وكما ان الديمقراطية اليبرالية تبدأ قيمتها ومبادءها بالفرد وتنتهي بها. ومن جانبه فأن النظام الديمقراطي بصيغته الليبرالية طور الفردية اكثر من اي نظام اخر(49). واجهت الفردية انتكاسة شديدة عندما ظهرت كرد فعل ضدها الحركات الاشتراكية(50). والمذهب الفردي بشكل عام تصنف الى مذاهب متعددة تشمل جوانب محددة للفردية اهمها المذهب الفردي السياسي، الخلقي، والاقتصادي، والعلمي(51). تصبح الوظيفة الاساسية للديمقراطية الليبرالية هي حماية الحرية الفردية(52). ان مرتكز الفردية والحرية بنزعتها الخاصة لا سيما الطبيعية والعقلانية وتمجيد الملكية الخاصة(53). 2- النزعة الطبيعية: وهي التخلي عن هيمنة الاعتبار الميتافيزيقي التي اتصف بها الفكر الوسيط، والاهتمام بأكتشاف الحقائق الجزئية اكثر من الاهتمام بالبحث عن الحقيقة المطلقة(54). تجعل من الطبيعة القوة العليا الهادفة الى الخير، وحتمت على الانسان والحياة والروح ان تتوافق معها، وان ينظم الافراد انفسهم على غرارها طائعين(55). تمتد جذور النزعة الطبيعية الى فلاسفة الطبيعة الاولين مثل سقراط الذي لم يعد يتساءل عمن خلق الاشياء بل مم تتركب الاشياء؟ وكما ارجع البعض اصول الاشياء كلها الى اساس مادي والى المادية الحية، فقد افترض ارسطو طاليس (640-550ق.م)ان الماء هو المادة الاصلية للاشياء، وافترض اناكسياند(640-545ق.م) ان اصل الاشياء هو شيء، غير محدد وغير معين تنفصل عنه الاشياء كالنار والهواء والماء والتراب، واتسمت النزعة الطبيعية في مراحلها الاولى بالطابع المادي فقام بتفسير العالم من خلال العالم نفسه وانحصر في القرون الوسطى الى العودة الى البحث عن الحقيقة المطلقة(56). وفي العصر الحديث كانت الاكتشافات والاختراعات العلمية تمثل نوعاً من العودة الى الاهتمام بالطبيعة ليتم تفسير ظواهرها بدلالة الطبيعة نفسها وليس بدلالة القوى الخارجية(57). وتقوم الفلسفة الطبيعية بتقسيم العالم على اساس مادي وتحرر الفلسفة السياسية من الارتباط باللاهوت، وتتجه لعلاج المشكلات السياسية على اساس مادي علمي وليس على اساس غيبي ميتافيزيقي، تكشف عن منحى انساني في علاقتها بالانسان ويتجاوب كل التجاوب مع النزعة الفردية(58)، ويتجسد ذلك بشكل واضح ضمن اطار الاهتمام بفكرة القانون الطبيعي التي تؤكد أن السعادة تقوم على اساس من التمتع بالاشياء الطبيعية وبموجب تلك الطبيعة تمثل في الفكر حالة من السعادة تتضمن بالدرجة الاساسية الوحدة القائمة ما بين المتعة والقانون الاخلاقي(59). وهي مصدر لكل الالتزام بوصفها قاعدة ضبط اخلاقي. ومنظم القوانين والعلاقات والروابط، وتكفل الحريات المدنية(60). هو الحق الاول من الحقوق التي تقتضيها الطبيعة في حق الانسان في الوجود وفي غريزته على الحفاظ عن ذاته واستقلاله الذاتي، وكفايته العقلية، وبحثه عن السعادة. وهو ركيزة مهمة من ركائز الديمقراطية الليبرالية. منذ الثورة الفرنسية اصبحت لفظة الطبيعية مثقلة بكل فلسفات القرن الثامن عشر فهذه الثورة جعلت من الطبيعة القوة العليا والها دفة الى الخير، وحتمت على الانسان والحياة والروح ان تتوافق معها(61). 3- النزعة العقلانية: تعني الاعتماد على الفعل الانساني واعطاء الاهمية الاولى، واعطائه اسمى مكانة من اية سلطة خارجية، فأن الحقيقة لا يمكن التوصل اليها الا عن طريق نشاط عقلي يقوم به الفرد اعتماداً على قواه العقلية الخاصة به. بمعنى اخر انها لا تقوم من قبل مؤسسة او قوة خارجة عن ادراك الانسان الفرد ولا عن الحياة الدنيوية(62). حيث يقول ديكارت أن الانسان يكشف القوانين والعالم بالبحث العقلي(63). ان جوهر النزعة العقلانية في الفكر السياسي الحديث هو تحرير الروح من وصاية السلطة الدينية وتحرير المجتمع من وصاية الكنيسة. والقضاء على كل ما يسلب- الفرد حقه في ان يكون سيد افعاله، وعلى كل ما يؤثر على ذاتيته ويعوق حريته في الوقت ذاته(64). ان العقلانية اصبحت قاعدة في انظمة الديمقراطية، وتشكل مرتكزاً فكرياً من مرتكزات الفكر الديمقراطي الليبرالي بقدر ما تمثل قاعدة للحكم الذي يوفر نعيم الحرية الفردية(65). القاعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للفكر الديمقراطي أن الطبقة الوسطى تتفاعل ايجابياً وتتطور على مرتكزات الديمقراطية (الفردية –الطبيعية-العقلانية)(66)، لذلك فأن القاعدة الاجتماعية والسياسية للديمقراطية هي نشوء الطبقة الوسطى وتطورها، لأن الحرية الفردية تعني حرية الارادة والتعاقد والتملك والربح والتنافس بعيداً عن اي تدخل من السلطة، ان وجود الطبقة الوسطى لا يعني بالضرورة اعتمادها الديمقراطية الليبرالية ولكن في المقابل وجود الثانية يقضي من الناحية الفعلية وجود الاولى(67). وقد يتفق بأن نشوء الديمقراطية الليبرالية يرتبط في اوروبا بنشوء الطبقة الوسطى وتطورها، حتى قيل ان الديمقراطية بالمعنى الليبرالي لا يمكن ان تنشأ وتنمو الا بوجود هياكل اجتماعية ضمن بناء طبقي مفتوح تلعب فيه الشرائح الوسطى دورا رئيسياً(68) . ظهرت الطبقة الوسطى مع الثورة التجارية في اروبا ،وارتكزت هذه الطبقة في المدن ،رغم تنوع دخلها الاقتصادي الا انها اتسمتا بالاستقلالية المالية والاقتصادية وضمان امنها الغذائي الانتاجي بأنفسها، وتميزت بالجراءة وحب المغامرة والاستقلالية الادارية في اعمالها، سعت الى تشكيل السلطة السياسية بمعزل عن لكنيسة ووقفت على رأس ثورات كبيرة في اوربا ،ساعدت وجودها الوسطي بأن يكون محط انظار الطبقة الكادحة من جهة والارستقراطيين النبلاء من جهة اخرى، وكل الافكار التي ارتكزت على الطبقة الوسطى اصبحت بشكل او اخر مطلباً شاملاً لكل الطبقات والشرائح كالديمقراطية، الليبرالية، القومية… وغيرها(69). والقاعدة الاقتصادية تقتضي جدلاً حرية العمل لكل الافراد ومنع تدخل الدولة في التجارة والاعمال بهدف افساح المجال لجميع المواطنيين للعمل بشكل حر. مدرس مساعد، العلوم السیاسیة ، السلیمانیه‌، كردستان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 من المعلوم ان الشعب في مفهوم يونان ليس كل الناس، بل مجموعة قليلة جداً من الناس، أُطلق عليها الأحرار، ولا حق فيها للعبيد والنساء والمقيمين الأجانب، فالشعب هم مجموعة أحرار، والرابطة بين أحرار المدينة هو الدولة أي ( المدينة )، ويرى د. حافظ علوان الدليمي أن الديمقراطيات القديمة كانت تعسفية او عرجاء. لأنها كانت ديمقراطية تعتمد على طبقة من النبلاء والحكام والعسكريين حصراً. د. حافظ علوان الدليمي، المدخل الى علم السياسة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، كلية العلوم السياسية، بغداد، 1999م، الطبعة الاولى، ص236. 2 د.عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والانظمة السياسية. ج1، دار المعارف، القاهرة، ط4، 1966، ص98. 3 عامر حسن الفياض، جذور الديمقراطية، جذور الفكر الديمقراطي في العراق الحديث 1914-1939م، دار الشؤون الثقافية(افاق عربية)، بغداد- العراق، الطبعة الاولى، 2002. ص54. 4 د.غانم محمد صالح، الفكر السياسي القديم، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، دار الحرية للطباعة والنشر، بغداد، 1980، ص27. 5 فوئاد سديق، ديموكراسي دروستبون وناوةرِؤك وبةكارهيًناني، سنتةري برايةتي،طؤظاريًكي وةرزي فكري- سياسيية. ذمارة 13،ايلول1999، هولير- كوردستني عيراق.ص179. 6 بيتر ورسلي، القومية والاشتراكية في العوالم الثلاثة، ترجمة صلاح سعد الله، مطبعة شفيق، بغداد، 1990، ص18. 7 على حيدر سليمان، تاريخ الحضارة الاوربية الحديثة، دار واسط للدراسات والنشر و التوزيع، بغداد. الطبعة الاولى، 1990، صص108-115. 8 النظرية الفردية Individualism: مذهب يقول بأن مصالح الفرد هي التي يجب ان تكون اخلاقياً، فوق كل اعتبار واحترام حقوق الفردية هو افضل سبيل لأحترام الكرامة الانسانية.ويعني بذلك الكرامة على قدم المسواة لكل فرد،وتفترض نظرية الحقوق الفردية ان الحكومة في اي شكل من الاشكال لها مصالح قوت تميل الى انكار وجود هذه الحقوق او تحور على تلك الحقوق التي تعترف بها، ويرتبط جدلاً بأن الفردية هي الاساس والركيزة الاولى للديمقراطية. انظر جورج الكاتب، المحيط الداخلي، النظرية الفردية والثقافة الديمقراطية. دار البشير للنشر والتوزيع، عمان – الاردن، الطبعة الاولى، 1999م. ص13. 9 احد فلاسفة القعد الاجتماعي، ودعا للحرية وحاول ان يحرر البشرية من كل شكل من السلطة المطلقة التعسفية،وحاول ان يقدم التفسير الصحيح والكامل لصنع الانسان للحضارة من المواد التي تقدم له، وقد لقب بفيلسوف امريكا لأن تأويلاته الفلسفية اصبحت السند الاساسي لثورة التحررية الامريكية. روبرت أ. جولدن، جون لوك، تاريخ الفلسفة السياسية، الجزء الثاني(من جون لوكالى هيدجر)، ليو شتراوس وجوزيف كروبسي، ترجمة محمود سيد احمد، المجلس الاعلى للثقافة والمشروع القومي للترجمة، قاهرة، الطبعة الاولى، 2005، صص7-68. 10 يقوم مذهبه على كون الانسان صالحاً بطبيعته محباً للعدل والنظام، حمل روسو على العقل ورفع من شأن الشعور، فهو فيلسوف الثورة الفرنسية، واضع المباديء الاساسية للحقوق، التي يعد انجيل الثورة الفرنسية. جان جاك روسو، العقد الاجتماعي أو مبادئ الحقوق السياسية، ترجمة عادل زعيتر، اللجنة الدولية لترجمة الروائع الانسانية(الاونسكو)، دار المعارف بمصر، الطبعة الاولى، 1954م. صص9-21. 11 ساهم بشكل كبير في تأسيس سلام مدني ومودة، ووضع الفلسفة الاخلاقية والسياسية على اساس علمي، ودعى الى العقد الاجتماعي التي اعتبرياً ضروري وينطوي على عنصر الالزام الذاتي ، ولا تكون ملزماً الا عندما تتحقق الغاية التي يبرم من اجلها، وهي الامن والامان، ويعتبر هوبزمن دعاة المعرفة العلمية الرياضية والهندسية. لورانس بيرنز، توماس هوبز، تاريخ الفلسفة السياسية،الجزء الاول(من ثيوكيديدسحتى اسبينوزا)، ليو شتراوس وجوزيف كروبسي، ترجمة محمود سيد احمد، المجلس الاعلى للثقافة والمشروع القومي للترجمة، القاهرة، 2005، صص573-608. 12 يتجه الى فحص البناءات السياسية،التي تعتبر الجمهورية الديمقراطيةهي التي تؤسس بصورة صحيحة ويعهد للشعب صاحب السيادة بالسلطة الى من يقوم به، والديمقراطية هي الفضيلة، وخاصيتها الاكثر جاذبية هي العظمة الاخلاقية، وينظر للحرية السياسية، ويوضح القوة الكاملة للمذهب الطبيعي، والفضيلة الرئيسية له هي الاعتدال. ديفيد لمونتال، مونتسكيو، تاريخ الفلسفة السياسية، ليو شتراوس وجوزيف كروسكي، الجزء الثاني ، مصدر نفسه، صص71-99. 13 ابراهيم عبد الفتاح.ص25. 14 عبد الجبار احمد عبد الله، معوقات الديمقراطية في العالم الثالث، رسالة ماجستير(غير منشور) مقدمة الى مجلس كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1994، ص4 . 15 وجيه عفتو، مبحث الديمقراطية. 16موريس دوفرجيه، الاحزاب السياسية، ترجمة د.على مقلد وعبد الحسين سعد، دار النهار للطباعة والنشر، بيروت، ط2، 1977، ص536. 17الان تورين، ما الديمقراطية؟، دراسات الفلسفية، ترجمة عبود كاسوحة، وزارة الثقافة، دمشق-سرويا، ط1، 2000، ص45. 18 د. محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر….العولمة- صراع الحضارات- العودة الى الاخلاق- التسامح- الديمقراطية- ونظام القيم- الفلسفة و المدينة مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ،ط1، 1997، ص70. 19 د. محمد مجذوب ، الوحدة الديمقراطية في الوطن العربي، دار عويدات ،بيروت- باريس،طبعة لاثانية، 1980م،ص48. 20 وجيه عفتو، مفهوم الديمقراطية وحقوق الانسان في فكر السياسي للاحزاب الكردية، مبحث الديمقراطية. 21 احسان.ص214. 22 فالح عبد الجبار، الديمقراطية مقاربة سوسيولوجية تاريخية، معهد الدراسات الاستراتيجية، الفرات للنشر والتوزيع، بغداد، بيروت، الطبعة الاولى، 2006. ص5. 23 نفس المصدر.ص24. 24 نفس المصدر.ص26 25 نفس المصدر. ص28. 26 نفس المصدر. ص38. 27 نفس المصدر. ص19. 28 د.رياض عزيز هادي، البرلمان في العراق (دراسة للواقع….وتأملات في المستقبل)، ط1، بغداد، 2005، ص6. 29 عامر.ص287. 30 عامر ص290. 31 عبد الرحمن كريم درويش، حول مفهوم الليبرالية،بحث(غير منشور) مقدم الى قسم الفكر السياسي كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، بإشراف د.قحطان احمد سليمان الحمداني، 2006، ص8. 32 د. فايز صالح ابو جابر ، الفكر السياسي الحديث ، دار الجيل بيروت ومكتبة المحتسب عمان ، الطبعة الاولى، 1985م، ص95. 33 ديفيد هيلد ، نماذج الديمقراطية ، الجزء الاول، والجزء الثاني، ترجمة فاضل جكتر، معهد الدراسات الاستراتيجية، الطبعة الاولى، بغداد- بيروت، 2007. 34 جورج سباين ، تطور الفكر السياسي، ترجمة حسن جلال العروس ،ج1، دار المعارف بمصر، ط2، 1954، ص25. واتصف الديمقراطية المباشرة بأن يكون الحكم المباشر من المواطنيين الذي يعني الديمقراطية، بالنسبة الى اليونان ساعدتهم في ذلك مجموعة عوامل مكنت الشعب من ممارسة السلطة بنفسه في جميع اموره ومن اهمها صغر حجم ونسمة دولة المدينة مما سهل القيام بذلك. واقتصار تعريف المواطنة على الذكور دون الاناث واستثني العبيد والاجانب من هذا المفهوم، مما نتج عن ذلك مجتمعا صغيرا نسبيا يقوم بهذا الدور وبهذا امكن اجتماعهم في مكان واحد وتوفر الوقت الكافي لكي تقنى له القدرة على فهم الحجة المناقشات الضرورية لصنع القرار السياسي. ديفيد بيتهام وكيفن بويلي، مدخل الى الديمقراطية80 سؤالا وجوابا، دراسات فكرية، ترجمة احمد رمو، وزارة الثقافة، دمشق، ط1، 1997، ص130. 35 فالح ص20. 36 فالح عبد الجبار، مصدر سبق ذكره . ص43 37 الديمقراطية التوافقية مفهومها ونماذجها، اعداد شاكر الانباري (عن كتاب الديمقراطية التوافقية في المجتمع المتعدد لإرنت لبيهارت) معهد دراسات الاستراتيجية، الطبعة الاولى، 2007، بغداد،- اربيل-بيروت.ص15. 38 احسان عبد الهادي، مصدر سبق ذكره.315. 39 عامر حسن فياض، جذور الديمقراطية في العراق، مصدر سبق ذكره. ص59. 40 نفس المصدر، ص16. 41 عامر حسن فياض. جذور الديمقراطية، صص16-17. 42 ابراهيم عبد الفتاح.الديمقراطية بين النظرية والتطبيق في التجربة العراقية، جمع واعداد شهاب احمد الحميد، دار الحوراء للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد- شارع متنبي، ط1، 2004م.ص13. 43 نفس المصدر.صص34-35. 44 وبذلك يفترض ابراهيم عبد الفتاح الارتباط الجدلي بين الديمقراطية والوطنية من خلال كون الوطنية في الدرجة الاولى نزعة انسانية تريد لها تحقيق الحرية بمدلول العصر الحاضر، هذه الحرية التي تهدف تحرير الناس من عبودية الفقر ومن ظلمة الجهل والاستغلال وتشمل

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, March 1st, 2012 في 20:06

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي