تأملوا في هذا الدرس من كينيا – الكينيون انتخبوا الرئيس ماوي كيباكي عام ٢٠٠٢ بعد أن وعدهم بالانتهاء من الدستور في ١٠٠ يوم.. جمعيتهم التأسيسية (المؤتمر الدستوري الوطني كما أطلقوا عليه) ترأسها ياش بالي جاي الذي ساعد أفغانستان في كتابة دستورها.. لم يخرج الدستور بعد ١٠٠ يوم كما وعد الرئيس.. بل طال عمل المؤتمر الدستوري حتى ٢٠٠٤ حين أعلن عن فشله نظراً لخلافات المشاركين فيه من الحكومة والمعارضة.. الحكوميون كانوا يطمحون لصلاحيات واسعة للرئيس والمعارضة كانت ترفض ذلك بقوة..
تم حل المؤتمر وأمر الرئيس كيباكي المدعي العام آموس واكو بصياغة ما يراه الائتلاف الحاكم فقط مناسباً للدستور وطرحه للاستفتاء.. لكن الشعب الكيني كان ذكياً وقال “لا” لدستور يكرس للحاكم سلطات واسعة.. وهكذا سقط الرئيس كيباكي..
حين أراد كيباكي الترشح لولاية ثانية عام ٢٠٠٧ كان قد فقد ثقة الشعب فيه لأنه فشل في تحقيق أي من وعوده.. ورغم ذلك تم تزوير الانتخابات لصالحه وأعلن عن فوزه.. فغضب الكينيون ووقعت أعمال عنف واسعة أسفرت عن مقتل أكثر من ١٠٠٠ شخص وتشريد مئات الآلاف..
ظل الكينيون يناضلون من أجل دستور توافقي يحدد صلاحيات الرئيس ويرضى جميع العرقيات.. ولم يحصلوا عليه إلا في عام ٢٠١٠ أي بعد ٨ سنوات من بداية الرحلة..
أعتقد أن هذه قصة مهمة نتعلم منها درساً أساسياً.. هو أن توازن وحساسية وحكمة ووطنية الهيئة الملكفة بصياغة الدستور في أي بلد هو ضمان لحماية هذا البلد من الوقوع في فخ العنف لسنوات طويلة.. فالشعوب لا تنام حتى تحصل على ما لا تريد – حفظ الله بلادنا..