هذا هو أخطر ما في الأمر.. أن نجد مصر قد انزلقت إلى نفس النفق المظلم الذي انزلقت إليه الجزائر من قبل. بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت بها في ديسمبر 1991. وحققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا كاسحا.. فأزعج ذلك قادة الجيش. فطلبوا من الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد إلغاء نتيجة الانتخابات لمنع الإسلاميين من تولي السلطة التشريعية في البلاد. لكنه رفض لأنه وعد شعبه باحترام نتائج صناديق الاقتراع فأجبره قادة الجيش على الاستقالة في 11 يناير 1992 وشكلوا مجلسا أعلى لحكم الجزائر برئاسة محمد بوضياف كما قاموا باعتقال 5 آلاف من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وألقوا بهم في السجون بالصحراء الكبري.
هكذا انزلقت الجزائر إلى نفق مظلم من الحرب الأهلية استمر أكثر من 10 سنوات دون ان تظهر نقطة ضوء واحدة تبشر بنهايته حتى سقط من الجزائريين ما بين 150 إلى 200 ألف قتيل لقوا حتفهم في أبشع أنواع المذابح التي عرفتها الإنسانية.. كانت القري تبيت آمنة فإذا بها تتعرض في الليل إلى هجوم وحشي يسفك دماء جميع أبنائها فلا يفرق بين طفل رضيع أو شيخ مسن عجوز أو امرأة حامل.
هذه الفترة من تاريخ الجزائر يطلق عليها المؤرخون “حرب العشرية السوداء في الجزائر”..فهل هناك من يخطط لدفع مصر إلى نفس السيناريو الجزائري مع بعض التعديلات..؟!.أخشي أن تكون الإجابة: نعم
أخاف على بلدي مصر ان تنزلق إلى “عشرية سوداء” يقتل فيها مئات الآلاف من الأبرياء..!.سبب الخوف هو تلك الهجمة الشرسة التي نراها في وسائل الإعلام كل يوم على التيار الإسلامي في مصر بدعاوي كاذبة لا تستند إلى أي منطق.. على أمل ان تؤدي هذه الحملة إلى خلق حالة من الفوضى في البلاد.. قد تؤدي إلى حل مجلس الشعب فيحرم الإسلامين بذلك من حقهم في السلطة التشريعية كما حدث للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر عام 1992 أو في أقل الحالات قد تؤدي حالة الفوضى إلى عرقلة أداء الإسلاميين لدورهم فيفقدون ثقة الشعب فيهم ويتم إقصاؤهم عن الحياة السياسية وهذا هو المطلوب.
أصحاب الحملة على الإسلاميين يلومون جماعة الإخوان المسلمين لأنها شكلت حزبا سياسيا هو حزب الحرية والعدالة.
ويلومونها لأن حزب الحرية والعدالة حصل على أغلبية المقاعد في البرلمان.
ولأنه لا يمكن لأحد التشكيك في نزاهة الانتخابات البرلمانية فهم يلومون الجماعة لأنها سبق ان أعلنت انها ستخوض الانتخابات ب 30% فقط من المقاعد ثم حصدت الأغلبية رغم ان العدول عن مثل هذا الإعلان هو حق سيادي لأي جماعة أو أي حزب أو أي شخص في أي وقت.. من حق كل طرف ان يراجع مواقفه السياسية بناء على المستجدات والقرار في النهاية للشعب.. هو الذي يختار من يمثله ولابد من احترام إرادة الشعب لأن كل من يقف ضد إرادة الشعب هو خائن لهذا الوطن وهو يكرر نفس موقف قادة الجيش الجزائري مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ عام ..1992 وهو يريد لمصر ان تنزلق إلى “عشرية سوداء” لا أحد يعلم كم سيكون عدد ضحاياها.
لست أنا أول من يحذر من انزلاق مصر إلى سيناريو الجزائر ..1992 وإنما سبقني في إطلاق هذا التحذير المفكر اللبناني المعروف د.وسيم قلعجية منسق أعمال منتدي الوسطية اللبناني أمام المؤتمر الثالث لمنتدي “فالداي” الروسي الذي عقد بمدينة “سوتشي” الروسية يومي 17 و18 فبراير الماضي وقد سبق ان أشرت إلى ذلك في هذا المكان عدد 28/3/..2012لذلك فإنني أقول لوسائل الإعلام التي تحولت إلى منابر للهجوم على التيار الإسلامي:.اتقوا الله في مصر.
احترموا إرادة الشعب وحقه في الاختيار الحر.
لماذا إذن قمنا بثورة 25 يناير إذا كنا لن نحترم ما جاءت به صناديق الاقتراع..؟!
إذا كان الشعب يريد منح الإسلاميين ثقته في تولي كل مناصب الدولة.. فلا تصادروا حق الشعب في اختيار من يحكمه.
لقد جاءت الانتخابات في إسرائيل بغلاة التطرف من أمثال بنيامين نتنياهو ليكون رئيسا للوزراء وأفيجدور ليبرمان ليكون وزيرا للخارجية ومنحت أشد اليهود عداوة للعرب والمسلمين مقاعد الأغلبية في الكنيست الإسرائيلي.. فإذا كنتم ترون أصحاب التيار الإسلامي في مصر مجموعة من المتطرفين فلنعط المتطرفين الإسلاميين في مصر فرصة لمواجهة المتطرفين اليهود في إسرائيل.
احترموا ذكاء صندوق الاقتراع المصري وقدرته على استشراف المستقبل.. والتعامل بندية مع أحداث المنطقة..إن صندوق الاقتراع المصري هو القادر على حماية أمن مصر.. وصون كرامتها وعزتها والحفاظ على ريادتها وزعامتها للمنطقة.
لذلك فإنني أدعو وسائل الإعلام إلى دعم دور صندوق الاقتراع المصري.. والثقة بأنه قادر دائما على الفرز والاستبعاد.
يا خصوم التيار الإسلامي في مصر.. أعطوا الإسلاميين فرصة إذا فشلوا فإن صندوق الاقتراع لن يرحمهم وسوف يستبعدهم من كل موقع وعلى كافة المستويات.. وإذا نجحوا فيجب على الجميع ان يصفق لهم.
أما ان تشنوا عليهم حملات مسمومة ليل نهار في وسائل الإعلام بهدف تضليل الرأي العام وإشاعة الفوضى إذن يجب التصدي لكم.
وإذا كان الناس لن يستطيعوا التصدي لكم في وسائل الإعلام لأنهم لا يستطيعون الوصول إليها فإن الناس سوف تتصدي لكم بسلاح أقوي من وسائل الإعلام اسمه: صناديق الاقتراع..إن الصراخ المستمر في وسائل الإعلام من ان الإخوان المسلمين سيطروا على البرلمان بمجلسيه الشعب والشوري وسيطروا على مجالس النقابات المهنية ويريدون تشكيل الحكومة والفوز برئاسة الجمهورية وبكل شيء في هذا البلد مثل هذا الصراخ يجب ان يتوقف لأنه يحمل إهانة صريحة للشعب المصري الذي صوت بحرية واختار هذا أو ذاك لهذا الموقع أو ذاك.
إن الحرب الإعلامية المثارة حاليا على الإخوان المسلمين بسبب تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور تصب في غير صالح الشعب والوطن لماذا؟
1- لأن تشكيل الجمعية تم وفقا للمبادئ الدستورية المنصوص عليها في التعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها في 19 مارس .2011
2- ولأن الإسلاميين أظهروا مرونة بالغة في تشكيل الجمعية أبسط دليل على ذلك ان عدد أعضاء البرلمان من الإسلاميين الأعضاء في الجمعية التأسيسية هم 37 عضوا فقط من مجموع 100 عضو بينما نسبة الإسلاميين في مجلس الشعب 76% وفي مجلس الشوري أكثر من 80%.. وإذا كان البعض يعترض على اشتراك أعضاء من البرلمان في الجمعية التأسيسية فإن ذلك لم تمنعه المبادئ الدستورية الواردة في التعديلات.
لقد ارتكب الأزهر الشريف خطأ كبيرا بالانسحاب من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور خطأ لن يغفره التاريخ لمشايخ الأزهر بل أحسبه إثما وذنبا كبيرا يستحق ان يتوبوا عنه ويرجعوا إلى الله ويستغفروه سبحانه وتعالي لعل الله يقبل توبتهم ويغفر لهم.. لماذا؟!
1- لأن الأزهر الشريف بني انسحابه على قاعدة انه لم يمثل في اللجنة التأسيسية تمثيلا مشرفا يتناسب مع دوره وهذه نظرة قصيرة لدور الأزهر الشريف لا تليق بمكانته الدينية والروحية.. أصل القصة ان الأزهر كان قد رشح أسماء ثلاثة من علمائه الأجلاء لعضوية لجنة الدستور هم شيخنا الجليل فضيلة الاستاذ الدكتور نصر فريد واصل المفتي السابق للجمهورية والدكتور عبدالدايم نصير مستشار شيخ الأزهر والأستاذ محمد عبدالسلام المستشار القانوني لشيخ الأزهر وجري التصويت في مجلسي الشعب والشوري على الأسماء الثلاثة مع جميع الأسماء المرشحة من الجهات الأخرى كما نصت على ذلك التعديلات الدستورية.. ففاز د.نصر فريد واصل بأعلى الأصوات بين جميع المرشحين للجنة الدستور من كل جهات الدولة بينما لم يفز الشيخان عبدالدايم نصير ومحمد عبدالسلام بعضوية اللجنة.. فقامت الدنيا ولم تقعد في مجمع البحوث الإسلامية ودفعوا بفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب باتخاذ قراره بانسحاب الأزهر من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور لذلك فأنا أدعو فضيلته إلى إعادة النظر في هذا القرار.. أولا: لأن الأزهر الشريف أكبر من اللجنة التأسيسية ودستوره هو القرآن الكريم وليس الدستور الذي يكتبه أعضاء اللجنة وبالتالي فكان الأحري بالأزهر الشريف ان ينتظر حتى ينتهي أعضاء اللجنة من كتابة مشروع الدستور فيقوم بعرض هذا المشروع للمناقشة والبحث أمام اجتماع مشترك للهيئات الثلاث التابعة له: وهي هيئة علماء المسلمين ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بعد ذلك يصدر بيانا يتضمن ملاحظات الأزهر الشريف على مشروع الدستور ليعرف الناس مدي التزام هذا المشروع بأحكام الشريعة الإسلامية هذا هو الدور الذي ينبغي على الأزهر القيام به في مسألة وضع الدستور أما ان ينسحب من اللجنة لأن فلانا لم ينتخب فيها فذلك ما أرجو إعادة النظر فيه لاسيما ان اللجنة تضم في عضويتها علماء كبارا رشحوا إليها من خارج الأزهر مثل العالم الجليل الأستاذ الدكتور محمد عمارة والدكتور عبدالرحمن البر.
إن استمرار الأزهر على موقفه فيه ذنب كبير لأن هذا القرار يساهم بقسط كبير في شق صف الأمة ونشر الفرقة والفتنة وعرقلة الذين اختارهم الشعب من أداء دورهم.
السيد هاني
اخر احداث
إنهم يدفعون بمصر إلي سيناريو الجزائر
اضيف بتاريخ: Wednesday, April 11th, 2012 في 17:30
كلمات جريدة احداث: احداث, انتخابات, مصر