أعلن حزب الحرية والعدالة استعداده لتشكيل حكومة ائتلافية تحظي بتأييد الأغلبية البرلمانية واتخذ المكتب التنفيذي للحزب قراراً بالبدء في الخطوات العملية لسحب الثقة من الدكتور كمال الجنزوري.. علي أن يتحمل الحزب مسئوليته بعد المحاولات التي تجري “لحرق البرلمان” كما جاء علي لسان قيادات الحزب.
ويفسر النائب محمد طوسون عضو مجلس الشوري عن حزب الحرية والعدالة “سر” الموقف المتشدد ضد الجنزوري وحكومته بقوله “إن حكومته تعمل علي أن تترك البلد ناشفة لأنها تريد توريطنا عندما نتولي المسئولية”.
تصريحات أخري من قيادات الحزب تشير إلي أن بيان الجنزوري كان صادماً ولا يلبي الاحتياجات الأساسية للمواطنين.. فقد فشلت الحكومة في وقت الانفلات الأمني.. كما لم تستطع السيطرة علي الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد.
والمشكلة التي تواجه الحزب تتمثل في أن قرار سحب الثقة من الجنزوري من سلطة المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. الذي التزم ببقاء الحكومة حتي موعد تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب بعد 3 أشهر.
كما تواجه رغبة حزب الحرية والعدالة في سحب الثقة من حكومة الجنزوري.. اعتراضات من حزب النور والأحزاب الأخري الممثلة في البرلمان.. وتري أن التغيير المستمر للحكومات لا يساعد علي تحقيق الاستقرار.. وأن المدة الزمنية الباقية حتي انتخاب الرئيس الجديد لا تستدعي الانشغال بقضية تشكيل حكومة جديدة.. فقد تصرف الأنظار عن مواجهة المشاكل الحادة التي تفرض نفسها علي أعضاء البرلمان.
والأمر الذي يدعو للدهشة.. أن الحزب لم يعترض علي تشكيل الحكومة بينما كان ملايين المصريين يعبرون عن غضبهم الممزوج بالدهشة بسبب تكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة للدكتور الجنزوري بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني.
وعندما قرر شباب التحرير الاعتصام أمام مبني مجلس الوزراء ومنعوا رئيس الوزراء من دخوله قامت الدنيا ولم تقعد ولم يعترض حزب الجماعة علي وصم المتظاهرين بالفوضوية.
وبينما أعلنت معظم الأحزاب التي لا تنتمي لتيار الإسلام السياسي أن الجنزوري لا يستطيع أن يعبر عن الثورة بحكم العمر لم يسمع لحزب الحرية والعدالة صوت يساند تلك الأحزاب في موقفها.
فجأة تغير موقف الجماعة وحزبها وحملت الجنزوري مسئولية الفشل في توفير الأمن والنهوض بالاقتصاد.
رغم أنه لم يكن بمقدور الحكومة إعادة الأمن المفقود للشارع المصري خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة.. خاصة أنها تسلمت المسئولية عقب ثورة يناير وما تبعها من انهيار وزارة الداخلية وهروب مئات المساجين من مختلف السجون وتدمير مقرات الشرطة والاستيلاء علي أسلحتها.
وليس من الإنصاف عدم الاعتراف بصعوبة المشكلات التي واجهت حكومة الجنزوري وأنها اتخذت خطوات ملموسة علي طريق استعادة الأمن وبذلت جهوداً مضنية من أجل إنصاف الفئات المحرومة.. سواء عن طريق رفع الرواتب والمعاشات أو قرارات التعيين في الوزارات المختلفة.
حملت الجماعة وحزبها الدكتور الجنزوري مسئولية السماح للمتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي بالسفر إلي بلادهم.
وعندما سئل الجنزوري عن دور الوزارة في الأزمة اختار الصمت.. وكان بمقدوره الرد بأن السلطات الممنوحة له ليس من بينها التدخل في شئون القضاء والجيش.
أما الوزيرة فايزة أبوالنجا فقد ردت علي تساؤلات أعضاء اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب بأنها لم تعلم بسفر المتهمين إلا من الصحف!
أما وزير العدل فقد أعلن أنه علم بقرار رفع حظر سفر المتهمين من شريط الأخبار بالتليفزيون وأضاف في تصريحات للصحف بأنه لا دخل له بقرارات المحاكم عملاً بالفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
تلك التصريحات تؤكد أن الجنزوري “شاهد ماشفش حاجة” علي رأي عادل إمام في مسرحيته الشهيرة.
وأن وزير العدل كان “آخر من يعلم” وكذلك فايزة أبوالنجا وأن علي مجلس الشعب أن يبحث عن المسئول الذي أصدر قرار السماح بسفر المتهمين وأن يتم حسابه علنيا.. وقد وعد الدكتور سعد الكتاتني بأن مجلس الشعب لن يترك من فعل هذا وإن “كبرت مكانته”.
وليس سراً يذاع إن المواطنين ينتظرون اتضاح موقف حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين من هذه القضية. بعد التصريحات المسيئة للسيناتور جون ماكين الذي وجه الشكر للجماعة علي المساعدات التي قدمتها من أجل السماح لسفر المتهمين.
وبينما يذكر الدكتور محمود غزلان المتحدث الإعلامي للجماعة أن لقاء ماكين والقيادي للجماعة خيرت الشاطر اقتصر علي القضايا العامة والأوضاع الاقتصادية وأعلن أحد قادة الجماعة أن ماكين طلب من الشاطر التدخل ولكنه رفض.
وقد عقب الكاتب المعروف فهمي هويدي علي اللقاء بأن خيرت الشاطر خرج منه “مكسور الجناح”.
صحيح أن الجماعة أعلنت نفياً قاطعاً وأكدت أنها لم تتورط في الصفقة لكن المسئولين الأمريكيين والصحافة الغربية تؤكد أن الجماعة شاركت فيها بدور إيجابي.
ولا أعتقد أن نفي الإخوان اشتراكهم يكفي لإقناع الرأي العام.. إنما الموقف الذي سيتخذه مجلس الشعب لكشف الحقائق أمام المواطنين ومحاسبة المسئولين عن القرار الذي أساء لمصر وللقضاء بصورة غير مسبوقة.. من شأن هذا الموقف أن يزيل الالتباس حول دور الإخوان في الصفقة وينفي عنها ما يتردد من أن التضحية بوزارة الجنزوري جاء لإرضاء الشعب وإشغاله عن القضية برمتها.. كما يزيل الشكوك حول ما يتردد عن مساعي الإخوان لتشكيل حكومة تساعدهم في تحقيق أهدافهم من الانتخابات الرئاسية وصياغة الدستور.
هذه هي الإشكاليات التي “تحرق” سمعة البرلمان إذا لم تتضح أبعادها.
رياض سيف النصر
اخر احداث
من يحرق البرلمان
اضيف بتاريخ: Thursday, March 8th, 2012 في 02:59
كلمات جريدة احداث: احداث, انتخابات, مصر