ذِكرَى ” الإسراء والمِعراج ”
للشاعر / محمد إبراهيم البنا
ترْنو البَصائرُ عِندَ إحْرامِ الرُؤَى ،
صُحُفَ احْتِواءِ خُطَى الثَرَى المُتوَحِّدِ
تدْنو الضَمائرُ بالبَقايا ، تَوْبَة ً ،
يَغتالُها سَيْفُ الظَلامِ الجاحِدِ
أسْرابُ أنيابِ الذِئابِ ، تجَمَّعَتْ
حَوْلَ المَآذِنِ ، بافتِراءِ المُلْحِدِ
جَزَّتْ شَرايينَ الهِدايَةِ ، قَطَّعَتْ
أكْبادَ وَصْلِ وِصالِ نورِ الواحِدِ
فتناثَرَتْ أشْلاءُ شَمْسِ المُجْتبَى ،
بالأُفقِ صَيْحَةَ قِبْلَتيْنِ ، وَمَسْجِدِ
وَتسابَقتْ أرْواحُ الاسْتِشْهادِ بالمَسْرَى ،
تُعانِقُ صِدْقَ وَعْدِ الماجِدِ
وَتسَلَّقَتْ خَنساءُ مِقلَمَةِ الرِثاءِ ،
صَحائفَ الشُهَداءِ ، دَمْعَ قَصائدِ
مَرْثِيَّة ً ، أبَدِيَّة ً ، بفَمِ الفِداءِ ،
تشُقُّ أصْنامَ افتِراءِ مَصائدِ
وَجِبالُ مِحْرابِ الضُحَى ،
تعْلو ابْتِهالات ٍ ، لأشْلاء ٍ بجَوْفِ مَوائدِ
غرقتْ بيَمِّ دَم ٍ ،
بلا نَدَم ٍ ، عَلَى اسْتِشْهادِها ، عِشْقا ً لِنورِ عَوائدِ
فَمَنازِلُ الشُهَداءِ بالفِرْدَوْسِ فَرْحُ دِمائها ،
عُرْسٌ لِدَمْعِ وَسائد
بتعَطُّش ٍ لِدَواءِ نَزْفِ جُرُوحِنا ،
فالنورُ ، بَلْسَمُ الابتِلاءِ ، المُنْجِدِ
وَشَفاعَة ُالهادى مُنَى أرْواحِنا ،
فَهْوَ النَجاةُ ، لِطَوْقِ حُزْن ٍ ساجِدِ
سالَتْ دُموعُ العاشِقينَ ،
بذِكْرِ خَيْرِ الخَلْقِ ، عِشْقَ مُتيَّم ٍ يا سَيِّدِى
يا سَيِّدَ الكَوْنَيْنِ . . .
يا نورا ً مِنَ الباقى ، أنارَ بهِ القلوبَ لِتهْتدِى
فأنَرْتَ مَكَّةَ وَالمَدينَةَ وَالجَزيرَةَ كُلَّها ،
مِنْ نورِ نورِ الواحِدِ
وَأنَرْتَ فى الإسْراءِ بَيْتَ المَقدِسِ ،
وَأنَرْتَ فى المِعْراجِ شَمْسا ً لِلغَدِ
وَهَدَيْتَ فى الدُنيا البلادَ بأسْرِها ،
صَلَّى عَلَيْكَ زَمانُ كُلِّ مُوَحِّدِ
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يا نورا ً تثنَّى ،
قدْ تمَنَّى القلْبُ نورَكَ ، خُذْ يَدِى
خُذنى بقارِبِ توْبَتى ،
مِنْ غُرْبَتى وَمَتاهَتى . . . فالنارُ تعْلو مَوْقِدِى
حَرِّرْ جُرُوحَ هَزيمَتى ،
مِنْ غُرْفَةِ التعْذيبِ ، وَاليَأسِ الذِى فى مَرْقَدِى
فلَقدْ سَئِمْتُ اليَأسَ ،
وَالتِرْحالَ فى ألَمِى وَفى سَقَمِى ، فَكُنْ أمَلَ الغَدِ
وَلَقدْ سَئِمْتُ الوَهْمَ وَالأحْزانَ ،
فى غيْبوبَةِ الإنكا رِ ، سِحْرُ المارِدِ
كُنْ يا رَسولَ اللهِ بَلْسَمَ أُمَّة ٍ ،
بَيْنَ الرَحَى جَمَعَتْ كنوزَ مَوارِدِ
لَمْلِمْ قُصاصاتِ التبَعْثُرِ بالهُدَى ،
ضَمِّدْ جِراحاتِ القطيعِ الشارِدِ
إنَّا جُنودُكَ يا رَسولَ الحَقِّ ،
سَوْفَ نَظَلُّ سَيْفا ً عادِلا ً . . . بكَ نَقتدِى
فنِداءُ مِئذَنَةِ الفِداءِ ، رَسائلٌ ،
كَلآلِئ الأ نوار ، دَوْما ً تهْتَدِى
وَصَفاءُ مِقلَمَةِ المِدادِ ، سَنابِلٌ ،
لا تنحَنِى ، لا تَشْتَهِى ، لا تَعْتَدِى
وَصَبابَة ُالزَيْتون شَدْوُ بَلابِل ٍ ،
عَبْرَ المَدَى ، ثَوْبَ السَّلام سَنَرْتَدِى
حَقَّا ً لَقَدْ بَلَّغْتَ آياتِ الرسا لَةِ ،
فاهْتَدَتْ شَمْسُ النَهار الواعِدِ
يا هادِىَ الجَرْحَى بمَذبَحَةِ النَدَى ،
لِرِحابِ نورِ المُجْتَبَى المُتوَحِّدِ
يا خَيْرَ خَلْقِ اللهِ يا عَلَمَ الهُدَى ،
ذِكْراكَ نورٌ يا شَفيعَ المَوْعِدِ