لا يمكن تجاهل ولا تجاوز الانتهاكات الحاصلة لحقوق التظاهر وغيرها من أشكال التعبير الديمقراطي، واللي امتدت من الإخوان للألتراس لعمال مصانع وغيرهم.. تحت دعوى واسعة بإن أي حد بيعمل مشاكل بيخدم الإخوان أو بيحركوه الإخوان أو هو خلايا نايمة أو حتى بيفيدهم من غير ما يقصد..
التبريرات دي ناتجة عن حالة الاستقطاب.. والاستقطاب مش أفضل الأجواء لممارسة الحقوق السياسية والمدنية.. العكس تماما.. المجتمع الحي برا أجواء الاستقطاب بيبقى عنده عشرات الأسباب للتظاهر عند مئات التجمعات البشرية اللي فيه.. والقانون بينظم التظاهر بما يتيح التعايش بين التظاهر والحياة اليومية من ناحية، وبين المظاهرات اللي ممكن تكون مطالبها متعارضة من ناحية تانية..
مظاهرات الطايفة الإخوانية ومجمل جهودها لعرقلة الحياة الطبيعية بالطرق المتاحة من أول تعطيل العربية الخاصة ف حتة زحمة (ودا أضعف الإيمان عندهم) إلى تحطيم مباني زي حالة جامعة الأزهر، بيعزز واقعيا السلطوية والدولة الأمنية، لأنه بيقدم مبرر واضح هو وجود عمليات تخريب مدنية مصحوبة بعمليات عسكرية تقوم بها عناصر إرهابية وثيقة الصلة بالإخوان، ونشطة حاليا بسببهم وبالتحجج بيهم على الأقل، وهذا كله في إطار شعارات سياسية واضحة معناها الاستيلاء على السلطة وهدم النظام الجديد بلا حاجة إلى أي إجراء ديمقراطي: عودة مورسي والشورى والدستور.. عودة الوضع لما كان عليه.. ودا إعلان للحرب يمثل استكمالا لحالة الحرب على المجتمع التي أفرزت استقطابا وبدأت من تعدي الإخوان على المظاهرات في التحرير في 12 أكتوبر.
القوانين القمعية المقترحة من جانب وزارة الداخلية والأمنجية ف الوزارة بتستفيد من الوضع دا باعتبار إن حالة الضرورة تقتضي ذلك. وهو ما تقاومه القوى الديمقراطية في تحالف 30 يونيه وخارجه. لكن في كل الأحوال مش حنقدر ننسى إن القانون دا حطوه الإخوان أساسا وكان قيد الإصدار، دا أولا، والمسألة التانية والمهمة.. إن الإخوان هما الدافع الأول والسبب الأساسي للاستقطاب اللي أدى لظهور النظام الجديد، وما زالوا يعملون موضوعيا على تقوية جناحه الأمني بهدف إثبات إنه “انكلاب”.
باختصار.. مستقبل الحريات يتوقف بدرجة أساسية على إنهاء الاستقطاب بخليط من هزيمة الإخوان وتخفيف اتجاه أمننة المجتمع والتخفيف من حدة الاستقطاب. دي نقطة البدء لرفع حالة الطوارئ الفعلية، بصرف النظر عن قانون أو حالة الطوارئ الرسمية.. لأن اللي حاصل حتى الآن هو موضوعيا (يعني لما نبص للأمور من على مسافة) مش دولة بوليسية ولا عسكرة، زي ما البعض غاوي يقول.. فقط انتهاكات تتسع بدرجات وتقابلها مقاومة من جوا الحكومة ومن براها.. ويمكن لو خرجنا شوية من النظر من منظور الديمقراطيين المشمأنطين من مجمل تحالف 30 يونيه، نشوف إن الأمنجية زعلانين ومش عاجبهم الوضع، وكذلك الفلول.. وشوية وحيشتموا النظام كله.
ورأيي إن التوتر دا في النظام هو اللي منتج، وإن التوتر اللي من براه، سواء من الإخوان ولا غيرهم بيلعب دور مساعد أو معرقل.. وغالبا معرقل، خصوصا ف حالة الإخوان.
أنا ف الحققة مندهش من حالة منتشرة للرغبة في تجاهل أي فحص لمكونات السلطة الحالية وتوتراتها، اكتفاء بالتشهير هنا وهناك.. والضلوع من حيث النية والتوجه في مشروع لهدم النظام الجديد لصالح شيء غير واضح.. يعني لو فيه كلام كدا واضح وصريح إن الاتجاه هو التحالف مع الإخوان وإن حناخد عليهم تعهدات…. إلخ.. يبقى كلام فيه منطق ما (عن نفسي أرفضه تماما)… لكن فيه منطق من حيث ترشيح قوة منظمة ما (برغم أنها أَضعفت بشدة) للحكم، أو باعتبارها النواة الأساسية لنظام حكم مقبل.. لكن فكرة إن فيه نموذج ما يهدم تحالف 30 يونيه والإخوان سوا… دا أظن شيء مش منطقي.. ويعمل مجموعات منعزلة معتزة بمبادئها.. جايز.. لكن بلا أساس من الشعبية، لأنه أصلا ملوش راس ولا رجلين لما نبص لعملية بناء دولة ما بعد الثورة ككل.
باختصار شديد.. الإخوان هما اللي مسئولين عمدا عن الاستقطاب من البداية، وعن دعم الجناح الأمني ف النظام حتى الآن، سواء هم أو من يؤيدهم. وكل محاولة لضمان الحريات لا تضع في حسبانها القوى الديمقراطية المؤيدة للنظام بفعل أنها جزء من تحالف 30 يونيه إما أنها تحرث في البحر أو تفيد الإخوان وبالتالي الدولة الأمنية فعليا.
مشروع الضغط على تحالف 30 يونية من براه لصالح الحريات منطقي ومشروع، على أن يدرك أنه قوة مساندة لمن هم في داخل التحالف، وأن تحطيم التحالف لا يفضي إلا إلي دولة أمنية صريحة. بعبارة أخرى، اشمئناط مصحوب بدعم منطقي.. لكن اشمئناط وبس.. ملوش سكة غير إنه يروح يقف فعليا مع الإخوان.. وهو مشمأنط برضه لأنه مش إخوان..
اختار يا عزيزي/ عزيزتي الطرف اللي عايز تشمأنط معاه