أثناء دراستي في كلية الهندسة بجامعة القاهرة من 1997 إلى 2002، اشتغلت فترة مع الإخوان في الكلية وبعدين ابتعدت عنهم، ووقتها كانت فيه أسرة صاعدة مهتمة بالعمل الخيري والاجتماعي اسمها “رسالة” أسسها د. شريف عبد العظيم، بعد نجاح كبير لكورسات مادة “الإنسانيات” اللي درسها لقسم هندسة الاتصالات.
وقتها قربت من أسرة “رسالة” واشتغلت معاهم فترة قليلة، وساعتها ما كانش فيه أي مؤشر إن د.شريف عبد العظيم من الإخوان أو قريب منهم، أثناء شغلي مع الإخوان في الكلية كنا بنتعاون بشكل كبير مع الأساتذة الإخوان وعارفين أغلبهم.
في بداية نشاط “رسالة” كان فيه إقبال من شباب “متدين” على الأسرة. بعضهم كان من الإخوان وكان فيه سلفيين كمان. لكن الأسرة كانت متنوعة جدا. وكان فيه محاولة واضحة من “قيادات” الأسرة إنها ما تبقاش محسوبة على تيار فكري معين.
بسرعة بدأت الأسرة الطلابية تتحول لجمعية، وما عنديش فكرة كبيرة عن تطور الجمعية، لكن أعتقد إني على الأقل شايف إن بدايتها ومؤسسيها كانوا بعيد عن كونهم تابعين للإخوان أو مقربين منهم.
ما عنديش فكرة عن صحة الأخبار عن دعم جمعية رسالة لاعتصام رابعة، لكن فكرتي المبدأية عن أشكال من العمل الخيري زي “رسالة” أو “صناع الحياة” إنها متقاطعة أحيانا مع عضوية التيارات الأسلامية ومن اعضائها ناس كتير متدينين وبعضهم عنده ميول سلفية أو إخوانية أو غير كدا. لكن ببساطة حسبانها على الإخوان علشان تصريح من واحد أو اثنين دا تعميم مخل.
كمان باخد في اعتباري جدا إن أشكال العمل الخيري في مصر فيها قدر كبير من اللامركزية، حتى في مؤسسات لها هوية دينية محددة زي “الجمعية الشرعية” مثلا، في بعض المناطق يسيطر على فروعها إخوان ومناطق سلفيين ومناطق تانية ناس بدون هوية سياسية أو دينية محددة. ودا بيزيد جدا في أشكال بتحاول تخلي الهوية الدينية لنشاطها هوية عامة ومفتوحة نوعا زي “صناع الحياة” أو بتحاول تشتغل تحت هوية أوسع من الهوية الدينية زي “رسالة”.
لكن الإشكالية من انطباعي وخبرتي المحدودة في متابعة العمل الخيري المرتبط بالتيارات السياسية أنه هو كمان عمل لا مركزي ومش مرفوع عليه يافطة التيار. الإخوان بشكل خاص بيشتغلوا من خلال جمعيات محلية لا يمكن بسهولة نسبتها للإخوان وكمان بتبقى مساحة تقاطع بين جهد التنظيم وجهود محلية. لكن الإخوان بخبرتهم التنظيمية والحركية والسياسية بيعرفوا يخلوا دا يصب في صالحهم انتخابيا. دا ممكن يكون مفيد إننا نتعامل مع فروع الجمعيات بشكل مستقل. ولذلك من المتوقع إنه يبقى فيه نفوذ كبير للإخوان في أحد فروع جمعية خيرية لكن مش بالضرورة هي مركزيا داعمة لهم في كل مكان.
ولذلك التعامل مع أخبار من نوع إن أحد فروع رسالة بيدعم اعتصام رابعة لازم يتم وضعه في السياق دا. لكن في كل الأحوال شايف أنه من الإيجابي جدا إن الناس تبدأ تفكر بشكل مختلف في جهدها وفلوسها اللي بيدعموا العمل الخيري في مصر. وهل دا بيصب في النهاية لصالح تيارات سياسية ودينية معينة. وإنه الأولى فعلا البدء بتأسيس مساحات للعمل الخيري مقطوعة الصلة بالتيارات الفكرية اللي بتدعم تيارات السلطوية الإسلامية الطائفية.
وقت تأسيس “رسالة” كان يبدو لي إنها أحد أشكال العمل الخيري اللي بيحاول يبعد نفسه عن الصلة دي، لكن بشكل عام أعتقد إنه من الضروري التعامل مع العمل الخيري باعتباره أحد بوابات السلطة والقوة الانتخابية. إن أصحاب الجهود الفردية أو الجماعية يراجعوا مساهمتهم واتجاهها ومآلها. بس مش على طريقة الاستسهال في “وصم” الجمعيات باتهامات التبعية للإخوان أو غيرهم. لكن يمكن كمان في دعم أشكال عمل اجتماعي بفلسفة مختلفة.
مافيش أي نشاط اجتماعي هايبقى مقطوع الصلة بالسياسة في رأيي.كل ال بحصل في ساحة الاجتماع هو بشكل أو بآخر سياسي. إزاي تساعد “المحتاجين”؟ دا سؤال اجتماعي وسياسي. وكمان “مين” بيساعد المحتاجين، دا “رصيد” سياسي يكاد يكون من أهم أرصدة تيارات السلطوية الإسلامية. ولذلك من الأفضل إنك تدعم عمل اجتماعي يتوافق مع انحيازاتك.
الواحد تعب من كتر ماهو بيفهم الناس ان رسالة مش تبع الاخوان ولا تبع اي تيار سياسي او ديني وانا بقول للناس اللي بتقول ان رسالة تبع الاخوان اتقوا الله بقي حرام عليكم