يوميات وطن يغلي وثورة ستنتصر (26)
1. يتصرف حزب النور وكأنه ليس فقط الشريك الرئيسي في الثورة (وهذا غير صحيح، كما يعلم القاصي والداني، بل إن مسألة شراكته في الثورة نفسها محل نقاش، في أكثر الصيغ تهذيبا)، وإنما باعتباره المفجر الوحيد للثورة. هذا ليس تصرفا أحمقا، هذا تصرف يقوم على منطق سياسي معين يتبناه حزب النور.
2. جوهر هذا المنطق، هو أن خروج حزب النور الآن من المعادلة يجعل الأمر يبدو باعتباره “انقلابا علمانيا” على الإسلاميين. يعني ذلك، أن النور يفاوض الآخرين وفقا لميزان قوى جوهره أنه وحده القادر على إضفاء صفة الثورة الوطنية على ما حدث في 30 يونيو، وبالتالي فإن حصته في القرار يجب أن تتساوى مع هذه الأهمية الكبرى!!
3. هناك طبعا حساب انتخابي لحزب النور، وهو خطة منظمة ومستمرة لوراثة جمهور الإخوان منذ حكم قضية مذبحة الألتراس في بورسعيد وأزمة الإخوان في منطقة القناة، ويسعى النور الآن ليتصرف باعتباره اللاعب الإسلامي الأساسي في معادلة السلطة في مصر (أي أن يرث مكانة الإخوان).
4. هناك أيضا احتمال أن يكون رفض النور للبرادعي ثم لزياد بهاء الدين، يتم بتنسيق مع فصيل آخر داخل التحالف الواسع والمتناقض الذي أفرزته الموجة الثالثة من الثورة وما تلاها من مرحلة انتقالية، لحرق أسماء محددة ليست مقبولة من الفلول أو بعض الأجهزة، وتثبيت ميزان قوى قوامه أن الثوار (ممثلين في الشباب واختياراتهم) لديهم وزن محدود في صنع القرار، الأمر الذي يضع سقفا مبكرا على ما يمكن أن يطلبوه من سياسات وإجراءات لاحقا.
5. المشكلة الحالية لا يمكن حلها بتسوية بمنطق “نرضي حزب النور الآن، وننزع فتيل الأزمة، ثم يحلها ربنا لاحقا”. ذلك أن الوقت في رأيي سيلعب لصالح حزب النور لا ضده، وذلك للاعتبارات التالية:
أ- أن الفيتو المزدوج على رئاسة الحكومة، سيعطي الحزب إمكانات تفاوضية أكبر في المستقبل عند التفاوض على حصته في الحقائب الحكومية (ماذا لو أصر مثلا على وزارتي التعليم والثقافة بالإضافة للأوقاف، مهددا بالمغادرة إن لم يتم تنفيذ طلبه)، وعند التفاوض على تعديل الدستور (الذي يمثل قضية وجودية للحزب)، وعند طرح ملفات العدالة الاجتماعية (للتذكرة فقط: البرنامج السياسي لحزب النور حتى تاريخه يرفض الضرائب أصلا ويرى الاكتفاء بالزكاة!!) أو العدالة الانتقالية والقصاص (في ظل العلاقات التاريخية بين داخلية مبارك وأطراف قيادية داخل الحركة السلفية).
ب- أن قدرة حزب النور على قلب الطاولة على الجميع مبالغ فيها، فالحزب الآن يهدد بما لا يستطيع أن ينفذ، فخروجه الآن من السلطة وذهابه إلى اعتصام رابعة العدوية مثلا، لن يلغي تهمة “الخيانة” التي وجهها إليه معتصمو رابعة العدوية، وإنما سيضيف إليها تهمة الحماقة وسوء التقدير!! وبالتالي فإنه سيسقط كلاعب سياسي داخل المعسكر الإسلامي نفسه، وسيتلقى ضربة قد لا يفيق منها (فالجمهور السلفي يمكن مثلا أن يذهب إلى الفصيل السلفي الآخر المتحالف مع الإخوان من البداية، فصيل عماد عبد الغفور، أما حزب النور فسيذوي وينطفيء). كما أن جمهور الثورة الذي نزل في الميدان اليوم مجددا اكتسب المزيد من الثقة في قدرته على العمل بدون حزب النور (هناك بالفعل دعوات بهذا المعنى في الميادين…الخ).
ج- أما لو تمت ترضية الحزب الآن، ثم وصلنا لنقطة ما في المستقبل بالغ فيها في طلباته ورفضت هذه الطلبات، فانسحب الحزب من الحكومة (بعد ستة أشهر مثلا)، فلن يكون انسحابه عندئذ وبالا عليه، بل سيكون في نفس موقع كل من صوت من المعارضة لمحمد مرسي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية العام الماضي (وبالتالي لم يكن له اعتراض من حيث المبدأ ليه)، ولكنه قرر الانضمام للثورة الجارية عليه احتجاجا على استئثاره واحتكاره. سيقول حزب النور عندئذ أنه لم يكن يمانع من الثورة من حيث المبدأ، ولكنه يأبى “التهميش والاحتكار”، وستكون تلك محاولته لكسب المزيد من الأرض داخل مؤيدي التيار الإسلامي باستخدام معزوفة “المظلومية” المفضلة لدى كثيرين داخل هذا المعسكر.
6. الوقت ليس في صالح القوى الثورية إذن، وأمام هذه القوى خياران. الخيار الأول هو الاشتباك مع حزب النور سياسيا، وتحديه والتمسك بترشيحاتهم من الحكومة ووضع الحزب أمام مسئوليته وليخرج من معادلة المرحلة الانتقالية إن شاء. من يشاهد بعض تصريحات شباب تمرد مساء اليوم يجد إشارات إلى أن صبرهم ينفذ وأنهم يتجهون نحو هذا الخيار. المشكلة في رأيي في هذا الخيار ليست فقط أنه يؤجج الوضع المحتقن، وإنما أنني أيضا لست واثقا من أن مرشحي “الاشتباك” اللذين يطرحهما أعضاء تمرد (البرادعي أو زياد بهاء الدين) على استعداد لأن يقودا “حكومة مواجهة”، خاصة وأن جدول أعمال المرحلة الانتقالية الذي أعلن يوم 3 يوليو يضع المصالحة الوطنية كأولوية أساسيا، مما يجعل خيار الاشتباك غير مطلوب وغير مفيد.
7. يبقى الخيار الآخر، وهو قلب معادلة القوى على رأسها، واستعادة دور القوى الثورية باعتبارها الشريك الأكبر داخل معادلة المرحلة الانتقالية. كيف يتحقق ذلك؟
8. جوهر هذا الخيار يقوم على فهم للمشكلة الحالية باعتبارها ناتجة ليس فقط عن التناقضات بين أطراف معادلة المرحلة الانتقالية وهشاشة التحالف بينها، وإنما أيضا على أن كل المفاوضات بين أطراف هذا التحالف الهش تتم وفقا لنظرية “الفصال في سوق الخضار” على قاعدة ميزان قوى افتراضي لا دليل في أرض الواقع عليه.
9. فأعضاء حركة تمرد يطالبون –عن حق في رأيي الشخصي– أن يكون للقوى الثورية الصوت الأعلى، وحزب النور يفاوض على أساس أنه الوحيد القادر على منح شرعية الثورة ومنع شبهة الانقلاب، وهكذا بالنسبة للآخرين. كيف نحسم الخلاف بينهم؟ على أساس أي ميزان قوى؟ وماذا لو تكرر هذا الخلاف عند كل منعطف؟
10. أنا أفهم بطبيعة الحال منطق أصحاب نظرية الدستور أولا، وأنا شخصيا صوتت في استفتاء مارس 2011 لصالح هذا الخيار، لكن في ظل التركيبة الهشة والمتناقضة لمعادلة المرحلة الانتقالية الآن، لا أرى إمكانية لإعداد دستور محترم في ظل قدرة الأطراف على ممارسة الفيتو وحقوق التعطيل على بعضهم البعض عند كل خلاف.
10. من هنا، أجدد اقتراحي الذي قلته في الحلقة السابقة من اليوميات، ومفاده أنه في ظل الفيتو المتكرر من النور (بمفرده أو مدعوما من قوى داخل معادلة المرحلة الانتقالية، وعندئذ يمكن أن تكون أجندة مرشح المعارضة هي وضع دستور أولا ثم إجراء الانتخابات النيابية لاحقا…الخ)، وتجنبا لفتح معركة الاشتباك، أن ننتقل إلى حكومة تسيير أعمال مصغرة لشهرين، تجرى في نهايتهما انتخابات رئاسية مبكرة. تكون إدارة هذه الانتخابات هي المهمة الأساسية للحكومة (التي يتوقع عندئذ أن تخلو من الحزبيين وأي طرف راغب في المشاركة في الانتخابات)، وتمثل نتائج هذه الانتخابات تفويضا ديمقراطيا للطرف الرابح باستكمال المرحلة الانتقالية وفقا لخريطة الطريق التي يفضلها.
11. يضرب هذا الاقتراح ثلاثة عصافير بحجر واحد:
أ- يتيح لتمرد والقوى الثورية التنازل عن مسألة رئاسة الحكومة بدون تراجع جذري عن مواقفهم وتجنب حرق المزيد من الأسماء، إذ أن الانتخابات الرئاسية المبكرة كانت المطلب الأصلي لتمرد والمعارضة والذي نزلت على أساسه الملايين في الشارع. هو إذن استعادة لموقفهم الأصلي وليس تنازلا.
ب- سيصعب على الأطراف غير الثورية داخل معادلة المرحلة الانتقالية الاعتراض على خيار الاحتكام للشعب ديمقراطيا، بل سيصعب على الإخوان نفسهم إدارة معركة جدية ضد خريطة طريق تقوم على انتخابات فورية، إذ أن هذا الخيار سيضعهم في مأزق حقيقي وسيظهر أن الثورة قامت للمطالبة بالاحتكام مجددا للصندوق (الذي تدعي العشيرة ظلما وبهتانا احتكاره)، ولما رفضت السلطة الاحتكام للصندوق، قامت الموجة الحالية من الثورة لفرض الديمقراطية والاحتكام للصندوق.
ج- وفوق البيعة، ولو أن هذا الموضوع أهميته ثانوية بالقياس للاعتبارين الأولين، فإن العودة العاجلة للصندوق ولرئاسة منتخبة تعني ببساطة رفعا أوتوماتيكيا لتجميد العضوية المصرية في الاتحاد الأفريقي، وقطعا للطريق على أية مزايدات دولية (القاسم المشترك في كل التصريحات الغربية عن الوضع في مصر الآن، وبعد أن أيقن الجميع بدون أن يعترف بعضهم بذلك صراحة، أن محمد مرسي صار ماضيا لن يستعاد، هو المطالبة بتقصير المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة لجهة منتخبة في أسرع وقت).
بين أسر الفيتو الدائم لحزب النور، وسلبيات البدء بالانتخابات الرئاسية…أختار الأخيرة بلا تردد كخيار أكثر ديمقراطية، وكبديل أفضل –وربما وحيد – لتثبيت التفويض الشعبي لخيارات الثورة الذي ظهر في 30 يونيو ديمقراطيا، وفرض جدول أعمال الثورة لأول مرة على الحكم.
الثورة مستمرة ولو كره المدلسون ومهندسو الصفقات المشبوهة… تفاءلوا بالشعب تجدوه
ارجوك انزل موتهم لكى نستريح من ارفهم ياخوان انتو خونا عدوين لينا واحنا مشظلمة انزل ياسيسي الاخوان هايموتونا احنا شعب مخلص لبلده ياخوان ياكفاره اتلتو اخويا المصرى وانتو ماتسويش بصلة
ولادال*** الاخوان انزل ياسيسى احنا والله مش هانزعل اقتلهم بدل مايقتلونا ارجوك ياكبير نضف البلد كن وسختهم