تقييم أي مشروع اقتصادي بيعتمد أساسا على قدرته على تحقيق الربح. لو المشروع بيحقق الأرباح المستهدفة يبقى ناجح غير كدا يبقى فاشل … دي المعادلة ببساطة. بناءا على المعادلة البسيطة دي فتصنيع المنتج النهائي -في حد ذاته- لا يعتبر نجاح لكن النجاح هو إن المنتج النهائي يكون له ميزة تنافسية تقنع المستهلكين بشرائه وبالتالي تحقيق الأرباح.
وعلى الرغم من كل البروباجندا الحكومية فالتابلت “إينار” في النهاية مشروع إقتصادي وينطبق عليه المعايير الاقتصادية لأي مشروع … الربح. طبعا المشروع لسة في البداية والمنتج النهائي لسة لم يطرح في السوق وبالتالي التقييم حاليا سابق لأوانه لكن فيه شوية ملاحظات مهمة -بالنسبة لي على الأقل- :
1- موضوع “مصري 100%” كلام فارغ لإن حاليا مفيش منتج بيتم تصنيع كل مكوناته في دولة واحدة. دا غير إن الهدف من النشاط الاقتصادي هو الربح مش خرافات المشاعر الوطنية والقومية.
2- معرفش أي معلومات عن الأسواق المستهدفة في المشروع لكن إذا كان التفكير إن المستهدف حاليا هو السوق المحلي باعتبار إن المنافسة هتكون أقل من الأسواق الأوروبية والأسيوية مثلا, فالفرضية دي خاطئة تماما لإن بفضل العولمة والتجارة الدولية حاليا فالمنافسة في السوق المصري هتكون مع كبارات السوق العالمي زي Apple وسامسونج. ومحدش بيشتري حاجة لاشباع الشعور الوطني والقومي لكن بيدفع ثمن المنتج الأكفأ والأرخص … دي فلوس إحنا شقيانين علشان نجيبها أصلا!!!.
3- معيار الربح كمعيار أساسي (وربما وحيد) لتقييم النشاط الاقتصادي هو المعيار الموضوعي الأهم في التقييم لإنه بيضمن مصالح جميع الأطراف المستفيدة من المشروع. زيادة الأرباح معناه زيادة حصيلة الدولة من الضرائب وضمان استمرارية المشروع بالتالي استمرارية الوظائف الناتجة عن المشروع ومعناه حوافز وأرباح للعاملين ومعناه تحقيق تراكم رأسمالي لصاحب رأس المال يسمح له بالتوسع الاستثماري أفقيا ورأسيا وخلق فرص عمل جديدة.
طيب طالما تقييم مشروع التابلت “إينار” حاليا سابق لأوانه ليه أنا بتكلم دلوقتي ؟ لإن على حسب المعلومات المتوفرة إعلاميا فالمشروع هو لشركة بنها للصناعات الإلكترونية ودي شركة مملوكة للحكومة (على حسب معلوماتي .. ياريت تصحيح لو فيه معلومات مش مظبوطة). طيب بفرض صحة المعلومات دي إيه المشكلة؟
المشكلة ببساطة إن فلوس الحكومة أساسا هي الفلوس اللي بتاخدها ضرائب من مرتباتنا أو من ريع الأصول المسئولة عن إدارتها بالنيابة عننا .. يعني من الأخر فلوسنا إحنا وأنا مهتم أعرف وأفهم الحكومة بتعمل بفلوسي إيه. وبالتالي ففشل المشروع معناه إن عليه العوض في الفلوس اللي اتصرفت عليه (ملحوظة: عادة المشاريع الاقتصادية المملوكة للدولة بيكون مصيرها الفشل لكن في مصر الوضع مختلف لإن “دايما” بيكون مصيرها الفشل) وياريت بس على قد كدا.. لكن في حالة فشل المشروع فتعويض الخسائر بيكون إما بتعويض العجز من موازنة الدولة علشان منشردش العمال الغلابة (= نزيف وإهدار مستمر لفلوسنا) أو بإجراءات حمائية لصالح المنتج الحكومي .. كأمثلة:
1- ضرائب وجمارك إضافية على المنافسين وبالتالي رفع التكلفة على المستهلك (اللي هو إحنا) بحيث إنه إما يشتري منتج سئ أو منتج جيد بأضعاف سعره أو ميشتريش خالص.
2- تفضيل المنتج الحكومي في المناقصات الحكومية بالمخالفة لقواعد المنافسة الحرة.
وبالتالي فالأهم -في رأيي- مش الخناقة على كون التابلت مصري 100% ولا 90% أو إنه من إنجازات مرسي ولا مشروع قديم لكن الخناقة على دراسات الجدوى للمشروع وقواعد الشفافية وأليات الرقابة علشان نعرف الحكومة استثمرت فلوسنا صح ولا عليه العوض ومنه العوض !!!!