عزه ليست صديقتي بالضبط و ان كنا قضينا خمس سنوات معا. هي من أمبابه و تخرجت من الجامعه العماليه. احترم شقاء عزه و لكنني لا احترم اختياراتها…. فهي ملتزمه دينيا جداً ( بعبايه واسدال من اللون الغامق) و استطيع ان أصفها بالطائفية و العنصرية دون تجني. ما حكاية عزه؟
بعد محاوله للحصول علي عمل لمده اربع سنوات دون جدوي، جاءت عزه لتتولي تنظيف منزلي يوميا من التاسعة للثالثه. رغم اختلاف أفكارنا، اصبحنا انا و عزه مقربين: فانا اعمل و هي تعمل و تراني دائماً علي عجله من امري و لست كسائر الهوانم ” متهنية” كما كانت تقول لي باشفاق مصطنع. مشكلتي مع عزه انها كانت مصممه علي جعل علاقتنا سريه!!!! نعم، عزه كانت تقول لكل أسرتها و زوجها انها تعمل في نادي صحي. ولم افهم يوما لماذا يمكن تقبل فكرة عمل عزه في نادي صحي اكثر من عملها في منزل مؤلف من اسره صغيره. طبعا استطيع ان افهم و لكنني لا اقبل الفكرة: فكره ان العمل في المنازل مصدر ذل و إحراج و ان العمل الاجير اكرم للفتاة حتي لا يصفها احد في ساعة غضب بالخادمة. كانت عزه مثالا للفتاة الجادة و لكنها كانت تكذب علي كل من حولها. الأخطر انها كانت تحتقر ما تفعله و تحتقر نفسها و تدخل الجميع في دوامة عذاباتها. لم يكن الإخفاء حراما بالنسبه لعزه… و لكن مشاركه المسيحي الطعام كانت نجاسه والتلفزيون مفسده و عاملات النظافة الأجنبيات عاهرات و أصدقاء ابني من الأجانب كفار!!!
لا ادري لمن صوتت عزه في الانتخابات الاخيرة و لكنني أتصورها: مفتونه بالسلفيين و الجماعات، بخطاب الكرامه و الفضيله حين يتم تضفيرهما…. وبمحاربه الفسق و الأغيار من كل صنف و نوع انتظارا للحق، ليوم تبعث هي ووالديها بدون كل هذه العذابات التي جعلت من عزه شخص قاسي القلب رغم رقه حاله!
عن المحافظه و النفاق (٢)
حتي لا يتهمني البعض بالطبقية، ساحكي لكم عن “مديري بالعمل” و لانه مشهور لن اقول اسمه و انما دعنا نسميه دكتور عمر. عملت مع دكتور عمر قبل حصولي علي الماجستير و الدكتوراه و بعد إتمامه لدراساتي العليا اصبح مديري في العمل. دكتور عمر ليس محافظا بالمعني الشائع، فهو يشرب الخمر اذا ما قدمت له في مكان اخر غير منزله….. و كان قواعد الاسلام لابد و ان تطبق في حدود العائلة، اما المجتمع…. فيذهب الي الجحيم. هو متزوج من سيدة جميله و لكنه يعاكس السيدات باستمرار و ذلك ليس للدخول في علاقه و انما تصورا ان ذلك “لطافه منه”. دكتور عمر قيمه استك: فهو لبرالي الميول مع اللبراليين و مسلم اصيل مع الاسلاميين و ابن الدايرة مع اقرانه من “المدنجية” السابقين. و لكنه يتعامل مع الجميع علي انه شيخ القبيلة و مؤسسها… يحدد من يدخل و من يخرج، من يتم تصعيده و من لابد له من الانزواء في عمل هامشي. و رغم كاريزميته القبلية، كثيراً ما يحاول دكتور عمر تقمص الروح البيروقراطية -علي راي ماكس فيبر- فيتحدث عن القواعد و النظام و التطوير و التحديث. يطور المكتبة و يعقد اجتماعات أسبوعية للجميع و …..لكن يظل بناء مسجد ملحق بالعمل مفخرته الاساسية: تراه حين يريه لك و كانه تقمص روح العمدة في احد القري. لا يتردد في التفاخر حتي بحمام المسجد و سيراميكه.
محافظه و نفاق دكتور عمر كنت احسها حين يهمس في أذني: بلاش تيجي الشغل بالجينز، انا بحبه جداً عليكي بس علشان الشباب و نظراتهم…. او حينما قال لي: تزوجتي من لبناني؟؟؟ ليه مافيش واحد فينا يعني كان قد المقام؟ تعامل معي دكتور عمر كجزء من حرملك عشيرته، و إحسسني دوما انه يحميني من الغوغاء المحيطة بي و من المؤكد انه اعطي لذات الغوغاء الانطباع انه يحميهم من المتغربه الوافدة و قيمها السقيمة.
ربما لم يصوت دكتور عمر للاخوان او السلفيين، و لكن من المؤكد انه كعزه، بطلتي السابقة، يجمع بين المظهر المحافظ و النفاق و الذكورية و يتصور ان هذه هي روح مصر الدفينه