لدينا الآن عبارة فريدة بسيطة مدهشة: “الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة”. وبالطبع فإن آلاف الإسهامات جرت في هذا الصدد، الكثير منها متفق، ويدعم فكرة وجود إعجاز علمي في القرآن والسنة، والقليل يرى أن هذا مستحيل، ولا يعدو كونه مجرد محاولة للتغلب على الشعور بالنقص
غير أننا هنا لن نناقش هذا الأمر، فنحن لا نحاول مناقشة العقيدة كما اتفقنا، وإنما سنناقش انعكاسات هذا على حياة المسلمين في بلاد الإسلام، في عدة نقاط نراها مهمة، حتى لا يصبح الإيمان قائدا إلى التأخر الذي نعيشه علميا وفكريا، وروحيا حتى:
1. ينفق المسلمون سنويا ملايين الدولارات، وربما مليارات، في إثبات أن القرآن يحتوي إعجازا علميا، هيئات عالمية، وندوات، مؤتمرات، كتب، أسفار، جرائد كبرى تخصص صفحات كاملة، وكل هذا .. لماذا؟
هل يؤدي هذا مثلا إلى طمأنة المؤمنين على صحة إيمانهم؟ وهل معنى هذا أنه في حال خلو الكتاب والسنة من إعجازات علمية يعني أنهما على خطأ؟ ألا يكفيك اعتقادك بأن هذا كلام الله؟ أم هل عندك شك في هذا تحاول دفعه بهذه الطريقة؟
هل تحاول دعوة غير المسلمين إلى الإسلام؟ لكن قل لي: كم مليونا نجحت في إقناعهم بهذه الطريقة، الواقع يقول إن أكثر دين يضيف إلى رصيده متحولين من أديان أخرى هو البوذية، رغم أن البوذيين لا ينفقون مليما على إثبات الإعجاز العلمي عند بوذا.
ولو أن المسلمين خصصوا ربع ما يخصصونه لقضية الإعجاز العملي في القرآن والسنة، للعلم نفسه، لربما استطاعوا جذب مؤمنين جدد، بناء من منطق القوة والبأس والتقدم.
2. لقد أدى التفتيش المنهجي عن وجود إعجاز علمي في القرآن والسنة، في حالات كثيرة، إلى ليّ عنق الاكتشافات العلمية أحيانا، وليّ عنق النص الديني أحيانا أخرى، وليّ عنق الاثنين غالبا حتى يحدث التطابق بينهما، والأمثلة كثيرة ومتعددة. مثلا، تحدث زغلول النجار عن جملة في سورة التكوير تقول: “وإذا البحار سجرت”، بمعنى اشتعلت، مدعما بحديث نبوي يقول: “لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا”، فيقول إن هذا إعجاز لأن العلماء أثبتوا أن كل البحار والمحيطات تحتها نار.
لقد لوى النجار هنا عنق “حقيقة” علمية، ولوى عنق النصوص، لتقول أنت في النهاية “سبحان الله”، مع أن أي بحث بسيط للتثبت من “الحقيقة” العلمية، التي قد يثبت فشلها لاحقا، سيكتشف عدم دقة كلام المذكور؛ فالمعلومة تقول إن البحار والمحيطات جميعا عبارة عن تشكيلات في القشرة الارضية يجري فيها الماء، سمك القشرة الارضية حوالي 30 كم، وتحتها طبقة أخرى تسمى (mantle) يبلغ سمكها أكثر من 2000 كم، وهي طبقة صلبة في أغلب الأوقات، وتتكون من الحديد و المجنيزيوم والألومنيوم والسيليكون والأوكسيجين.
النار التي في بطن الأرض موجودة في ال core وتحديدا في ال outer core وهو نار منصهرة وحتى ال inner core صلب هو الآخر بفعل الضغط.
يعني لا يوجد نار تحت البحار بل هناك طبقة فاصلة بين النار و البحار هي ال mantle. وهو ما يعني أن البحار ليست مسجورة.
كما لوى نص القرآن، فسورة التكوير تتحدث عما سيحدث يوم القيامة، إنها تتحدث عن أهوال ستخالف فيها الموجودات طبيعتها، وهي أهوال ممتدة في القرآن الكريم، خاصة المكي، فالشمس ستأتي من الغرب، وستتكور، والكوكب ستنتثر، والبحار ستشتعل، هذا يوم القيامة، مما يعني أن هذا ليس واقعا في الوقت الراهن، أما الحديث المنسوب للنبي، فهو حديث يصنفه المحدثون باعتباره حديثا منكرا، ولو كان حديثا صحيحا لكان حراما على المسلمين أن يركبوا البحر إلا للأسباب المذكور فيه. ثم إن “العلم” الذي يستشهد به النجار لم يتحدث عن بحار أخرى تحت النار الصلبة في مركز الأرض.
إننا إذا اتبعنا منهج زغلول النجار لامكننا إيجاد إعجاز علمي في كل الكتب القديمة مقدسة كانت وغير مقدسة. فكل جملة يقولها شاعر قابلة للتأويل بحيث تناسب قانونا علميا ما، وفي النهاية لن يكون هناك قيمة لأي شيء.
3. ومن المشكلات المتعلقة بفكرة التفتيش عن إعجاز علمي في القرآن والسنة أنها تعطي قيمة علمية لمن هم ليسوا كذلك، انظر إلى زغلول النجار، لم يتساءل الناس عن إمكانياته في العلوم الطبيعية من جهة، واللغة العربية من جهة أخرى، وإنما نظروا فقط إلى المسبحة والزبيبة، وفي أنه يبحث في شأن من شئون القرآن، وأذكر أنني أجريت معه حوارا قبل سنوات، وسألته عن العلوم المتخصص فيها، ففوجئت بأنه يعمل في مجال البنوك الإسلامية، كل ما هنالك أنه “درس” الجيولوجيا قبل عقود، في حين أنه لا تجمعه أية صلة باللغة العربية من قريب أو من بعيد، لقد قال لي نصا إنه درس اللغة العربية في الكُتّاب (النسخة القديمة من رياض الأطفال)، وهو ينتهز الفرصة ليطالب بعودة الكتاتيب.
يأتي هذا في الوقت الذي لا يستمع المسلمون إلى رجل مثل الدكتور الراحل أحمد مستجير، الذي كان أحد القامات العالمية في هندسة الوراثة إضافة إلى تأليفه كتابا مهما في موسيقى الشعر العربي، وهو يقول إنه لو وجود لما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
4. التعميم، هذا هو ما جنيناه غالبا من إصغائنا لتلك الأصوات التي تحدثنا عن وجود إعجاز علمي في القرآن الكريم والسنة والنبوية. مثلا، هناك جملة تتردد على ألسنة هؤلاء تقول: “لقد أثبت العلماء أن ……”، دون أي تحديد، أي علماء في أي علم في أي فرع منتمين لأي مدرسة علمية، وهو ما يجعل نظرتنا إلى العلم مشوشة وقاصرة، إننا نظن أن العلماء هم جماعة من البشر يجلسون معا، فيكتشفون ثم يقررون “الحقيقة”، في حين تتجه البشرية كلها إلى التخصيص الدقيق، وتقسيم العمل.
أذكر أن صديقا لي نشر على موقع فيسبوك دراسة وهمية ذكر فيها أن “العلماء أثبتوا” أن الزواج باثنتين يسبب السعادة للزوجة الأولى، ذاكرا أنهم أجروا استطلاعا على ألف امرأة ألمانية، وكانت النتيجة أن تسعين بالمئة منهن أكدن أنهن سعيدات بكونها زوجة أولى لرجل متزوج من غيرها.
حظيت الدراسة المزعومة بنسبة هائلة من الاطلاع الشير واللايك والكومنتات المكبرة المسبحة دون أن يتوقف أحدهم للحظة، ليتذكر أو ليعرف أن ألمانيا تجرم تعدد الزوجات أصلا، فأين هن السيدات اللاتي شاركن في استطلاع الرأي؟
5. في تقديرنا يؤدي التفتيش عن إعجاز علمي في النصوص المقدسة إلى إعاقة للتفكير، والكسل في طلب العلم، لأن التعامل مع القرآن باعتباره نصا علميا، أو له طابع علمي، يجعلني أشعر أنني قد وصلت للمنتهى، مع أن الأساس في العلم هو التغير والتطور والشك والبحث. مثلا، عندما كان العالم يظن أن عدد الكواكب التي تدور حول الشمس هي سبع كواكب فقط، خرج بعض منظري الإعجاز لعلمي ليقولوا إن هذه هي السموات السبع، ثم اكتشفت البشرية كوكبين آخرين، ولو أن علماء وكالة ناسا للفضاء كانوا مؤمنين بالإعجاز العلمي، لما واصلوا بحوثهم عن كواكب أخرى، إن التفكير بمنطق أن هناك إعجازا علميا في القرآن يفتح الباب لتساؤل عالمي: لماذا لم يكتشف المسلمون قانونا علميا واحدا إذا كان لديهم كتاب يضم بين دفيته كل تلك المعجزات؟ .
مؤمن المحمدي
احداث مصر
الاعجاز العلمي في الكتاب و السنة
اضيف بتاريخ: Thursday, April 11th, 2013 في 07:28
انالااعرف كاتب المقال ولكنى اعرف د/زغلول جيدا واعرف سيرته الذاتية والمقال ملىء بالمغالطات عن الرجل اللهم ارحمنا من الشهود الزور و رد مكائدهم على اعقابهم بالمناسبة د/زغلول حاصل على درجة الدكتوراه