بالنسبة للسذج اللي حاطين آمالهم علي أسطورة إن الجيش حامي الدولة المدنية في مصر أو إن الجيش فيه عقول بتفهم و تقدر تحكم الوطن بشكل تنموي رشيد يوفر حلول للأزمات و المشاكل المتراكمة في مصر و إن الجيش هو صمام الأمان للبلاد من حكم الإخوان أطلب من هؤلاء إنهم يتفرجوا علي فيديو متداول علي اليوتيوب للعميد أسامة الجمال من الشئون المعنوية للجيش المصري و هو يخطب في أفراد القوات المسلحة متحدثا حول الوضع الراهن في مؤتمر نظمته الشئون المعنوية للقوات المسلحة بحضور الفريق السيسي وزير الدفاع و قائد الجيش…حديث العميد الجمال هو تلخيص لرؤية الجيش حول الوضع السياسي في مصر و هذه الرؤية هي مزيج مركب من الأبوية السياسية و عقلية الوصاية العسكرية علي الشعب الموروثة من تراث دولة يوليو مع حضور لافت للتدين الإسلامي المصري الريفي المحافظ(و هو نفس الخزان الذي يشكل ثقافة و عقلية جماعة الإخوان المسلمين أصلا) و تمجيد و تعظيم للدولة المصرية السلطوية مع إحتقار لحركة جماهير الشعب “المنفلتة” و عداء واضح لتمرد الأجيال الحالية من الشباب علي ثقافة و سياسة هذه الدولة الأبوية الإستبدادية (و هذا التمرد هو الملمح الرئيسي لثورة يناير في التحليل الأخير)….
ده شئ معروف و الفيديو غير مفاجئ بأي معني من المعاني و اللي كان حاطط أمل علي الجيش يخلصه من كارثة حكم الإخوان فده شخص ساذج و مش فاهم طبيعة حلف الذئاب الحاكم في مصر الآن… منذ تنحي مبارك في 11 فبراير 2011 و المؤسسة العسكرية(قلب بيروقراطية الدولة المصرية) متحالفة إستراتيجيا مع الإخوان عبر المرحلة الإنتقالية ثم مع تولي الرئيس علام الملواني رئاسة الجمهورية و السلطة التنفيذية في مسار هدفه إنتاج “ديمقراطية” مقيدة جدا و محافظة للغاية علي المستويات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية مع عدم تحدي المصالح الحاكمة و المهيمنة علي مستوي الإقتصاد و السياسة الخارجية و هذه “الديمقراطية” المقيدة هي في حقيقة الأمر ليست ديمقراطية و لكنها نفس نبيذ الإستبداد السلطوي القديم لكن في أقنية جديدة (و أهم هذه الأقنية أكذوبة “حكم الصناديق”) لكن بدرجة أعلي من الفشل و عدم الكفاءة ليس فقط في تحقيق أي قدر من الإنجاز الإقتصادي و لكن في إدارة دولاب الدولة حتي…و لو الإخوان خالفوا شروط التحالف ده فحيتكنسوا بره اللعبة علي يد الجيش
و في حقيقة الأمر مشكلة الجيش و بيروقراطية الدولة مع حكم الإخوان مش في إنه بيعمل حكم ديني إستبدادي و لكن إنه لم يظهر الكفاءة المطلوبة لتحقيق الإستبداد الرشيد و المنجز و المتغلب و المحافظ علي إستتباب الأوضاع لصالح الحكم و مصالحه …و علي المقتنعين بخرافة إن الجيش المصري هو حامي الدولة المدنية في مصر أن يفيقوا من أوهامهم…
لكن عامة الإخوان فاهمين كويس أبعاد اللعبة و شروط هذا التحالف و هما مش حيخالفوا الشروط و حيستمروا في التحالف ده حتي يهزم نفسه بنفسه.. فالفشل الذريع للسلطة الإخوانية في إعادة إنتاج الإستبداد بدرجة معقولة من الإنجاز الإقتصادي (و ده حيبقي إنقلاب مش بس علي أهداف الثورة و لكن علي اهداف المواطنين العاديين أيضا في الأمن و الإستقرار و رفع مستوي المعيشة و الخدمات) حيخللي الأمور تتداعي علي رءوس السلطة الإخوانية و عصاباتها و أتباعها و حلفائها من قوي الثورة المضادة….و مش ضروري تقوم ثورة ساعتها لأن إندلاع الثورات دي عملية معقدة و بتتحكم فيها عوامل بنيوية و ظرفية مركبة لكن المسار السياسي اللي وضعه الإخوان و العسكر بعد ثورة يناير بغرض واحد وحيد ألا و هو إجهاض الثورة لصالح الثورة المضادة ، المسار ده حيعلن إفلاسه حتي يظهر بديل آخر…..