فجأة و بدون سابقة انذار تذكرت فيلم الساموراي الاخير ، هذا الفيلم الذي حاز على عدة جوائز و احتل صدارة الافلام السينمائية عند عرضة ، كان الفيلم بطولة توم كروز جاذبا للانتباه حيث أنه شرح خلال ساعتين فترة انتهاء قوات الساموراي و التي قضي عليها الامبراطور الياباني في مقابل تحقيق حلم بناء دولة حديثة ..
كانت هذه القوات تتولى حماية الدولة اليابانية قبل التحديث كحماة للامن وممثلا للتراث الياباني القديم و محاربيه … كان للساموراي موقفا غير متوافقا من عملية التطوير و التحديث و الانفتاح لليابان كدولة و منها القوات العسكرية اليابانية هذا المشروع الذي تبناه الامبراطور الياباني الشاب حينها و أكبر جنرالاته معتقدين أن الانفتاح لن تتوافق مع قواعد و قيم المجتمع الياباني المحافظ ..
ربما حمل الفيلم رسائل متعددة و لكني سأهتم برسالة واحدة منهم و هي الرسالة الاساسية في رايي المتواضع و هي الصراع بين العلم و التطور مقابل الجمود و التوحد و الرجعية ، فهذه الرسالة ربما تنطبق على الموقف الحالي للتيارات الدينية و التي تقود الساحة السياسية و بل و الدولة المصرية الان …
و نظرا لضعف امكانيات هذه التيارات من صناعة مستقبل مشرق ، أعتقدت مثلما أعتقد الساموراي و ذلك مع اختلاف النوايا ، السيئة لدينا و السليمة لديهم ، أن العودة للماضي و الهروب اليه تحت ستار الحفاظ على القيم “و في حالتنا الدين” هي الطريقة المثلى للحفاظ على المجتمع … أستخدمت حالة اليأس للشعب في مستقبل أفضل فمررت رسالتها الرجعية للبسطاء وهي الحفاظ على الماضي بدلا من البحث عن المستقبل ، فبالتأكيد طريق الاخرة اسهل من طريق الدنيا في وسط حالة اليأس الاجتماعي العام و بالاخص لنصف المصريين و هم مؤيديهم كما يدعون …
و في ظل البؤس الجماعي لمؤيدي هذه التيارات و تحت لواء اليأس المستشري فلا أمل في دنيا بل في اخرة فقط ، و بغرض الحفاظ علي هذه الاخرة يجب طاعة رجال الدين و مواجهة دعاة العلم و العلمانية و الحرية و الحداثة …
فهذه القيم من حرية ربما ستاتي معها بالمبيقات بل ربما ستهدم القيم و التاريخ ، كما أن دولة القانون الحديثة ربما ستكون ضد القانون الالهي و الذي يدعون أنهم وحدهم من معهم توكيل بمعرفة ارادة الله ، كما أن الاقتصاد الحر ربما يشوبه الربا الخ الخ المهم لندع معركتنا الحفاظ على الماضي بكل ما حمل من تراث لنا ، و لنكن سامورايا مخلصين و في مصر عبادا ربانيين …
فوسط مجتمع نصف من لهم حق التصويت فيه يعانون الجهل و الفقر و من ذلك الخوف و اليأس كم كانت رسالة ساموراي مصر ناجحة صندوقيا فقط …
المهم و بدون مقارنة نوايا التيار الديني في الحفاظ على التفوق السياسي و التمكين تحت ستار الدين و ذلك بنوايا الساموراي في الحفاظ على التاريخ و القيم فكلاهما كانوا يحاولون استمرار مجتمعهم في شكله الرجعي سواء بحسن النوايا أو سوء النوايا .. وكلاهما وقف في معركة ضد أي تطور او تحرر …
فبالنسبة لمعركة الساموراي المصري و بالرغم من كوننا في عصر اخر بدأوا في حملة المقاومة أيضا و تشويه لكل ما هو حديث متهمين الحرية بالفسق و الفجور ، متهمين العلم بانه يدعو الناس بالكفر ، ضربوا عرض الحائط بالتحديث أو التطوير و أعتمدوا في الخطاب الديني على محاولة فرض اسلوب حياة الساموراي و فتيات الجيشا المصري أي دولة الخلافة و بدونة الدين ..
أما بالنسبة للنصف الاخر من المجتمع و هو التقدمي و الفاعل ، فمنذ تحركة في اول ايام الثورة فهو مستمر في الحركة حتى الان ، كما لازال التيار الديني مستمر في مواجهة طلباته بالرفض و المقاومة ، رافضا كل مطالب الحرية و المساواة رافضا الالتزام باي أهداف أو مباديء للثورة أو حتى الالتزام بخطة التطوير الاجتماعي للعصر السابق حتى وصلوا لرفض الاستماع لاي شيء و لأي أحد …
حقيقة لم يتعلم الساموراي و لم يتعلم التيار الديني وهاهي مصر أمة شابة تتحرك بخطي ثابتة نحو أهداف و مباديء لا تنازل عنها منتفضة متحركة متظاهرة لم يتعلم التيار الرجعي المصري من التاريخ سواء القريب أو البعيد ، فمع كامل الاحترام للساموراي و اختلاف قيمهم السامية عن القيم النفعية الميكافيلية للتيار الديني فلم ينجح الساموراي و لن ينجح التيار الرجعي المصري في المقاومة للطبيعة…
و لنعودة للفيلم الروائي و المشهد الأخير و لقطة وقوف كل مجموعة الساموراي بكل قوتهم أمام الامبراطور و جيشه الممثل للحداثة و التطور و الحلم بمستقبل أفضل ، و على الرغم أن تعاطف الكثيرين فقد بطش الجيش الحديث بهم (رغم صدق نواياهم) و أفناهم لاخر ساموراي حتى الساموراي الأكبر أو مرشد الساموراي ، لتنطوي بذك قصتهم بنهاية شديدة الألم و الدموية …
و أخيرا لنعود لمشهد النهاية للتيارات الرجعية المصرية و الذي سيتشابه مع نهاية الفيلم ، فحتى مع فرضية أن التيار الديني و الذي كتبت عنه هذا المقال حسن النوايا “و هي ليست كذلك” لن يقاوم كثيرا ..
فهل سيتعلم التيار الديني المصري و القوى الرجعية ؟؟ هل ستتمكن تياراتهم الدخول في اخر لحظة بحالة توافق اجتماعي والذوبان في الدولة المصرية التي تطالب بمستقبل أفضل أم ستتشبث بالدخول في اخر معركة مهما تكلفت هي و مهما تكلفت مصر من نتائج بل مهما كانت التضحيات و ذلك حتى اخر ساموراي …
فلذلك فلتنقذوا أنفسكم و لتنقذوا مصر من المعارك القادمة و الدماء و التي ستكون نهاية طبيعية لعنادكم للطبيعة ، فأبدأوا بمراجعاتكم فورا و لتتنازلوا عن فكرة سمو عرق أو جنس أو عشيرة الساموراي و أعتبارها هوية لدولة بديلة فوق مصر و دعوها تمتزج داخل مصر …
و لكن للحق و نظرا لاننا لا نرى الى الان سوى العناد و الاصرار على دولة الساموراي أو الخلافة و التمكين ، فتأكدوا ستكون النهاية مشابهة ، ربما قد تختلف أن بالفيلم أنتهت على يد قوة نيران الجيش المتطور ، أما في مصر فالاقرب أنها ستكون أمام غضب شعبي و جيش تقدمي و خزلان حليف دولى ..
فبهذا الاصرار سيكتب التاريخ لاحقا أنكم كنتم المرشد الأخير للجماعة حيث أنه لن يتبقى منها بعد هذه المعركة أي ساموراي كما لن يسامحكم المجتمع على ثمنها الباهظ ،
فعزيزي… المعركة معركة وجود لوطن و تعدت مرحلة معارك سياسية ضيقة و تستحق التضحيات …