يعيش الإخوان ومكتب الإرشاد وهم تكرار أحد سيناريوهين: الأول هو ما أطلق عليه السادات “ثورة التصحيح” عام ٬١٩٧٥ والثاني هو ما عرف في تركيا باسم قضية “أرجاناكون” التي اتهم فيها حزب العدالة والتنمية عشرات القضاة والضباط والسياسيين والصحفيين ورجال الأعمال بمحاولة الانقلاب على الحكم وخلق اضطرابات عامة منذ عام ٢٠٠٣ وتم تقديمهم للمحاكمة..
روّج مؤيدو الحزب الحاكم وقتها أن “رئيس أركان الجيش لم ينخرط في هذه المحاولة لأنه قرأ الواقع التركي الجديد٬ الذي صار هوى الشعب فيه إسلامياً٬ فقرر احترام الإرادة الشعبية والديمقراطية ولم يتدخل٬ وحين حُسمت هذه القضية بإدخال المتورطين إلى السجون٬ تحسن الاقتصاد وصارت تركيا كما نراها الآن”..
ينتهي السيناريوهان باعتقال الخصوم٬ أملاً في التخلص من عناء الحوار٬ فما أسهل الاعتقاد بأن حالة الغضب الشعبي مدبرة٬ والمعارضة مأجورة٬ والأغلبية تؤيد النظام.. ثم محاكاة تجارب فاشية اختصر فيها الحزب الحاكم الطريق ووضع منافسيه في السجون.. نسى هؤلاء أن السادات قتل٬ وأن المحكمة التركية غرّمت القضاة التسعة الذين ينظرون قضية انقلاب “أرجاناكون” بسبب الشك في نزاهتهم٬ وما زالت الهيئة القضائية منقسمة حول استقلالية الحكم في القضية أم لا..
طالما سدّ الإخوان آذانهم عن حقيقة العجز والفشل والغرور التي يديرون بها البلاد.. ويبررون ذلك بأن المعارضة لا تعطيهم الفرصة للعمل٬ وتنفذ مخططاً للتخريب٬ لأنها ترفض تطبيق شرع الله.. طالما هذه القناعة هي التي تدير مكتب الإرشاد.. وطالما مكتب الإرشاد هو الذي يشكّل أهواء الحكم.. فسيظل الحال على ما هو عليه إلى أن ينتهي بالدم أو بالسجون والمعتقلات..