عندما نتحدث عن جماعة الإخوان المسلمين أو عن حزب الحرية والعدالة “الجناح السياسي للجماعة” فإننا نتحدث عنهم كسباحين في بحر السياسة لا عن شخصياتهم كأفراد.. والسياسة في مصر أو في أي بلد في العالم لا تسير علي قضيب لا تنحرف عنه.. وإنما هي أمور تقديرية قابلة للاتفاق أو الاختلاف.
علي سبيل المثال وبالنسبة لي شخصيا عندما أتحدث عن الدكتور عصام العريان أو عن الدكتور محمد البلتاجي القطبين البارزين في الجماعة والحزب.. فإن الأمر يختلف في تقديري للرجلين كشخصين عنهما كممارسين للسياسة.
فأنا أقدر الدكتور عصام العريان. بل أنا من المعجبين به.. وكنت أتابع آراءه وأحاديثه قبل الثورة. فهو إن تحدث يكون حديثه منطقياً ومنطلقاً ومقنعاً.. ولذلك كان الرجل تحت مجهر النظام السابق دائماً.. كذلك الحال بالنسبة للدكتور محمد البلتاجي.. وإن كان تعلقي بالدكتور العريان أكثر لأنه كان الأكثر ظهوراً قبل الثورة والأوفر نشاطاً من الدكتور البلتاجي.
لكن عندما يبدي الرجلان آراء في السياسة الآن فالاختلاف وارد.. ربما يكون مجرد خلاف بسيط. أو يكون خلافاً حاداً.. علي أن ذلك لا يمنع من أنهما كشخصين قريبان من الناحية النفسية.
أقول ذلك بمناسبة التصريح الذي أدلي به الدكتور عصام العريان القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة عن موقف الإعلام من الجماعة خاصة ومن التيار الإسلامي بصفة عامة.. فقد قال إن معظم الإعلاميين أعداء للتيار الإسلامي ومن المناوئين للفكرة الإسلامية بحكم النشأة والتوجه.. مشيراً إلي عدم قدرة الإعلاميين الإسلاميين علي المنافسة رغم الاهتمامات المبكرة لهم بالصحافة.
وأود أن أقول للدكتور عصام العريان ليس شرطاً أن تختلف مع التيار الإسلامي أن تكون مناوئاً للفكرة الإسلامية.. فالخلاف مع آراء الإخوان أو مع أعضاء حزبهم لا يعني أبداً أن المخالفين يكرهون الفكرة الإسلامية.
أنتم الآن يا دكتور عصام لستم جماعة دعوية ولكنكم جماعة سياسية.. والكثيرون ممن يختلفون معكم هم من المسلمين الذين يعتزون بدينهم وعقيدتهم وعلي استعداد للتضحية في سبيل هذا الدين.. فلا تقصروا الإسلام علي أنفسكم دون غيركم.
وللعلم يا دكتور عصام أن التعاطف معكم كجماعة قبل الثورة كان جارفاً بحكم أنكم كنتم مضطهدين من النظام السابق.. بل من كل النظم السابقة.. وكان كل المواطنين كارهين لهذا النظام.. ولذلك دفعوا ب 88 نائباً منكم إلي مجلس الشعب في انتخابات 2000 ولو كانت هناك حرية أكثر لكنتم قد فزتم بأغلبية البرلمان.
لكن الأمر يختلف الآن.. فأنتم لكم خط سياسي.. وتصرفات عملية لتنفيذ هذا الخط.. ولا تنتظر من كل المواطنين أن يكونوا معكم علي نفس الخط.. والأمثلة الخلافية لا تحصي ولا تعد سواء في موقفكم من السلطة القضائية أو من الانتخابات التشريعية والرئاسية أو اللجنة التأسيسية للدستور.. وغير ذلك الكثير والكثير.
وإذا كنتم يا دكتور عصام تلتزمون في الجماعة بمبدأ السمع والطاعة فلا تنتظروا من الإعلاميين في الصحافة والقنوات التليفزيونية أن يسمعوا لكم ويطيعوا دون مناقشة.
محمد فودة
احداث مصر
الإخوان المسلمين ومبدأ السمع والطاعة في الإعلام
اضيف بتاريخ: Sunday, September 30th, 2012 في 23:06