الأحداث التي تمر بها مصر في المراحل الانتقالية منذ نجاح الثورة المصرية في يناير من العام الماضي كشفت عن عيشنا مرحلة المراهقة السياسية خاصة في التناول الحزبي للقضايا المصيرية التي ترسم مستقبل مصر. وحالة الشد والجذب التي تقضي علي التركيز لدي القيادة السياسية المسئولة عن إدارة مصر سواء في ظل المجلس العسكري أم في حالة الرئيس المدني المنتخب الذي جاء إلي الحكم بإرادة مستقلة وفق ما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. والسبب كما شرحه الكثير من المحللين السياسيين بأنه راجع إلي حالة الأنانية السياسية. وأتباع منطق من ليس معنا فهو علينا. وما أراه صواب وإن كان يحتمل الخطأ وما يذهب إليه منافسي وإن كان المنافس قاضا وليس خصما فهو خطأ وإن كان عين الحقيقة.
توصيف ما سبق يصدق علي الحالة التي تعيشها مصر حاليا في مشهد من مشاهد الممارسة السياسية المستجدة خاص بالخلاف بين السلفيين والجماعة الإسلامية من خلال ممثليهم في تأسيسية الدستور بين ممثلي الأقباط بسبب المادة الثانية من الدستور حيث يري التيار الإسلامي ضرورة أن تكون مباشرة بحذف كلمة مبادئ التي شملتها الدساتير السابقة بالنص علي أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وحذف كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية لرؤية السلفيين أنها تمثل بابا خلفيا لوضع ما يخالف شريعة الإسلام. وهددوا بالانسحاب في حالة عدم الاستجابة لمطلبهم. والأقباط وقفوا علي الطرف المقابل معلنين انسحابهم في حالة عدم الإبقاء علي المبادئ. ووجدت الفضائيات ضالتها في الكارثة بالسعي الجاد لاستضافة متطرفين من الجانبين ووصل الأمر إلي ظن البعض من الأقباط بأن حذف كلمة المبادئ يهدد بعودة الجزية وهو تفكير يوحي بأن الزمان يعود للخلف وليس يسير إلي الأمام في الألفية الحادية والعشرين. والسيناريو المعلوم مسبقا أن الجدل سوف يحتدم لينتهي باللجوء إلي القيادة السياسية العليا المثقلة بمشكلات المرحلة الراهنة خاصة في الجانب الداخلي والممثلة في توفير الخبز والأمن والبوتاجاز والقضاء علي مشكلة النظافة من خلال برنامج المائة يوم الذي أعلن عنه الرئيس المصري د.محمد مرسي وأغلب الظن أنه في ظل حالة المراهقة التي يعيشها رموز الاحزاب والتيارات فإن الرئيس محمد مرسي يحتاج إلي مئات الأيام ليصلح بين السياسيين الجدد وبعدما ينتهي من المصالحة الشاملة يبدأ في رسم خارطة طريق المائة يوم. ولكن للأسف أنه حتي تتحقق تلك المصالحة فإن الخاسر الوحيد فيها المواطن البسيط الذي كفر بمبادئ الديمقراطية وفق مفهوم تلك الاحزاب والتيارات. وأكثر ما نخشاه ان يمتد الكفر إلي الثورة المصرية بعدما دفع شباب مصر أرواحهم ثمنا لأجل حياة كريمة.
العجيب في القضية أن مجئ الرئيس قبل الدستور شغل الحياة السياسية أياما طويلة بين موافقة ورفض وبسبب عدم النضج السياسي وصلنا إلي ما رفضه تيار الأغلبية من الإسلاميين مسبقا بمجئ الرئيس قبل الدستور. وإن لم نتفق علي كلمة سواء فستنتهي فترة الرئيس محمد مرسي بدون وضع دستور. كل ما نرجوه من قادة الاحزاب السياسية والفكرية أن يستقيموا حتي يرحمهم الله بالاتفاق. فما اختلف قوم إلا ابتلاهم الله بالجدل الذي يهلكهم. والفضائيات اليوم مليئة بالجدل ورائحة الدخان السام تنبعث من أفواه المذيعين والحضور ويبدو أن الجميع يتحدث عن مصر غير التي نعيش فيها وتعيش فينا وكان البلد التي يقطعون من كراهة أهله لا يمت إليهم بصلة.
محمد تعلب
احداث مصر
المبادئ كشفت المراهقة السياسية
اضيف بتاريخ: Sunday, July 8th, 2012 في 12:43