بداية.. نحن ضد الفلول ورموز النظام البائد.. وضد كل من أفسد الحياة السياسية والاجتماعية.. لكن يبدو اننا لا نستوعب دروس الماضي.. ولا نتعلم من التاريخ.. ونلدغ من ذات الجحر مرات ومرات كنا نعيب على الوطني المنحل حزب الأغلبية الوهمية تفصيل القوانين حسب الطلب بلا أي اعتبار لكلمة الشعب فكان يسن القوانين التي تخدم رجاله ونظامه حتى لو كانت سيفاً على رقاب العباد.. وكانوا يتحدثون باسم الشعب زوراً وبهتاناً بينما الشعب يعاني الأمرين منهم ومن قوانينهم التي حاصرته من كل جانب بدءاً من قانون الإيجارات الجديد الذي صار سيفاً على رقاب الشعب بينما منح المالك ورأس المال سلطات الطرد والتشريد والتربح بلا أي ضابط مروراً بالضريبة العقارية وحتى الوساطة والمحسوبية في توظيف الشباب وتعيين القيادات في كل القطاعات بالتبعية والولاء للوطني وليس بالكفاءة.
كنا نعيب على الوطني تفصيل القوانين وعدم الاعتداد بكلمة الشعب.. حتى قامت الثورة للقضاء على هذا النظام الفاسد.. لكن جاء برلمان الثورة ليعيد الكرة من جديد.. هذا البرلمان الذي اختاره الشعب عن طيب خاطر ليصلح بعد فساد ويعمر بعد تخريب.. ويعدل بعد مظالم لا حصر لها.. جاء ليعيد أمجاد الوطني المنحل.. لم يقدم حتى الآن أي مشروع قانون لصالح المواطن البسيط.. لم يتحدث في العدالة بين طبقات الشعب.. لم يعدل قانون الإيجار الجديد.. لم يحقق تكافؤ الفرص بين الشباب في التعيينات.. لم يفعل أي شيء لصالح المواطن البسيط.. بل ان نفس البدلات والرواتب والمزايا التي كان يحصل عليها رئيس ونواب برلمان الوطني.. هي ذاتها لبرلمان الثورة فأين الإصلاح والتغيير.
ومثلما كان الوطني السابق يسيطر على كل شئ.. جاء هذا البرلمان ليسيطر على كل شيء من التأسيسية التي الغي تشكيلها القضاء الحر إلى الرئاسة التي وعدوا من قبل بعدم الترشح لها.. ثم تراجعوا وترشحوا.. بغض النظر عن السبب بوجود مرشح ينتمي للنظام البائد أو اللجوء لتفصيل قانون لإبعاده.. كان الأجدر أن يتركوا الشعب الذي جاء بهم يستبعد من يشاء.. فالكلمة له وهو حر يختار من يشاء.. وتلك هي الحرية والديمقراطية الحقيقية.. أما الحرية والديمقراطية على الطريقة الأمريكية.. حرية المصالح.. فأعتقد انها ضد مباديء ثورة 25 يناير التي نادت بالحرية والعدالة والمساواة.. وقمة الحرية أن يقول الشعب كلمته ويختار من يشاء.
ثم أن مبدأ تفصيل القوانين الاستثنائية وحسب الأغلبية هو قمة الخطورة فاليوم لك.. وغداً عليك.. وإذا أخذت الأغلبية في برلمان الإخوان بهذا المبدأ.. فقد يأتي مثلاً البرلمان القادم بأغلبية شيوعية أو ليبرالية.. أو علمانية وقد ينهجون نفس الأسلوب ويفصلون القوانين تمنع الإخوان من ممارسة الحياة السياسية مثلاً.. إنها سابقة خطيرة وضد الشعوب المتحضرة وضد الحرية.. ثم لماذا تحجر على رأي الشعب لماذا لا تتركوا الشعب يقول كلمته.. ويستبعد من يشاء أو يأتي بمن يشاء.. أليست هذه هي الحرية التي نريدها جميعا. .انها جريمة في حق الشعب الذي يروج البعض مقولة انه مازال يحبو في دنيا الديمقراطية ولا يقيم الأمور ولا علم له بشيء وإنما يجب أن يقاد.. انها جريمة في حق الشعب أن يحاول كثيرون تجريده من كلمته ليفرضوا عليه أمراً واقعاً.. وقد روج البعض لذلك عقب الاستفتاء على الإعلان الدستوري واتهموا الشعب بالجهل.. وهدد البعض بأن البرلمان لو جاء من الإخوان سوف نقوم بثورة بلا أي اعتبار لرأي الشعب.. والآن يهدد الإخوان ويهدد آخرون بدمار ودماء لو جاءت الانتخابات الرئاسية بغيرهم بلا أدني اعتبار للشعب وكلمته.. هل هذه هي الحرية والديمقراطية التي يريدونها هل هذه هي حرية الاختيار التي نريد أن نربي الشباب عليها.. أم أن ذلك عودة للخلف نفعل ما نشاء والشعب يعيش كما نريد.. مثلما كان يفعل النظام السابق.. أعتقد انه بعد ثورة 25 يناير كسر الشعب حاجز الصمت والخوف.. ولن يترك أي نظام يسيطر ويهيمن بلا أدني اعتبار للشعب الذي كشف تماماًَ عن النشطاء المأجورين الذين يدمرون ويخربون متمسحين في رداء الثورة ويقبضون من الخارج ثمن تدمير مصر بينما الثورة منهم براء.. الشعب لن يتراجع عن الحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص لكل أبناء الوطن وفي كل القطاعات الحيوية.. لن يتراجع عن حرية الاختيار وديمقراطية الانتخاب ولا حجر على رأيه.. ولا مصادرة لرأيه قبل أن يقوله.. صحيح نحن ضد النظام السابق الفاسد ويجب استبعاد كل رموزه.. ولكن للشعب أن يفعل ذلك والكرة في ملعب الشعب وعليه أن يختار بعيدا عن المأجورين والفلول وعشاق السلطة والمنافع والمكاسب.. عليه أن يختار أي مواطن مصري مخلص سوف يقود البلاد أفضل مائة مرة من مأجور يقبض من الخارج ثمن تدمير مصر أو فل أفسد في البلاد أو عاشق سلطة يحقق مصالحه ولا وجود للشعب!