يتوقع الأمريكيون انهيار إمبراطوريتهم في غضون المائة سنة إذ أنهم يرون أن الأجيال الجديدة التي تقف بالساعات في طوابير للحصول علي نسخة “أي باد” حديثة دون الاكتراث كثيرا بالموهبة والقدرة التي وراء هذا المنتج غير قادرين علي تحمل عبء الحفاظ علي هذه الحضارة.
بيد أنني حينما أنظر لمستقبل مصر كقاعدة ونموذج للأمة العربية وحضارتها أجد أننا نشترك مع الأمريكيين في نفس الهم إلا أنهم يسعون للحفاظ علي حضارتهم ونحن نسعي لاستعادة أمجاد حضارة تمر بمرحلة من الوهن.
الحضارة الإسلامية ذات جذور راسخة وتقوم علي مخزون روحي ومعرفي وثقافي قد ينطمر تحت الأزمات التي تعانيها الأمة لكنه أبدا لا ينضب فتبقي الإشكالية في تلك الأجيال الشابة المنوط بها نزح هذا المخزون لإعادة إنتاج المستقبل الذي بشر به نبي الإسلام صلي الله عليه وسلم.
ومع بزوغ نجم القوي الإسلامية علي الساحة المصرية وتقدمها إلي دفة القيادة يفرض السؤال نفسه حول دور شباب الإسلاميين في العمل العام ابتداء ونهضة الأمة بصيغة أكثر عمومية.
والحقيقة أن شباب التيارات الإسلامية ليسوا أفضل حالا من تلك الفئة التي ينظرون هم أنفسهم إليها بازدراء باعتبار أنهم أهل اللهو والمعصية أما هم فقد انشغلوا بالدعوة إلي الله وبذلوا الغالي والثمين ألا يفرطوا في شيء من دينهم بداية من إعفاء اللحية ونهاية بإظهار العداء لذلك النظام وتشجيع الناس علي التمسك بالدين حتي ينشأ مجتمع يلفظ هذه الأنظمة الحاكمة الفاسدة دون حمل السلاح فيما يمكن تسميته خطة سياسية لإسقاط النظام بإطار ديني.
لكن الحقيقة أن نهضة الأمة تحتاج من هؤلاء الشباب مزيدا من الجهد لتحقيق التوازن بين أهلم والعمل والسلوك والدعوة في كل المجالات خاصة علي صعيد العمل والإنتاج الذي لا أقول يفوق دورهم الدعوي لكنه لا يقل عنه أهمية فخلال عقود من الزمان ساد اعتقاد بين الناس أن الشباب الملتزم بدينه هو الأقل كفاءة ومهنية واحترافية من غيره.
قد يحتاج الأمر بعض الوقت لإصلاح هذه الصورة لكن الوقت سيهدر إذا تجاهل شباب الإسلاميين النصح وتدريب النفس علي الالتزام بالعمل بنفس قدر الالتزام بالصلاة فإذا كان الخضوع ركن الصلاة فإن الاتقان هو ركن العمل والإنتاج ليكونوا نموذجا مجسما لتعاليم الإسلام ليس ليقتدي الناس به ولكن ليحب الناس أن يقتدوا به بذات الطريقة التي نشر بها التجار المسلمون الإسلام في دول شرق آسيا عبر معاملة إسلامية سحرت عقول الناس وأخذت بقلوبهم إلي نور الهداية.
هذه رسالة إلي شباب مصر وليس الإسلاميين وحدهم بأن الله أهدي إلينا فرصة فإن أحسنا استغلالها فسيغدق علينا مزيدا من النعم والعون حتي نعود إلي المكانة التي نستحقها وإلا استبدل قوما غيرنا ثم لا يكونوا أمثالنا فدعوة النبي الصالح إبراهيم بقيت في عقب الأمة أكثر من 12 قرنا حتي جاء محمد صلي الله عليه وسلم ثمرة لها وليعلم المقصرون أن جريمتهم بحق هذه الأمة ستبقي في عقبها يحملون وزرها إلي أن يشاء الله.. وما أبريء نفسي!!
ربيع عبد الغفار
احداث مصر
شباب الاسلاميين
اضيف بتاريخ: Saturday, April 7th, 2012 في 15:32