درست في السنة النهائية بالجامعة مادة الفكر السياسي وكان أمتع ما فيها فقه ميكافيللي المفكر السياسي الايطالي الشهير الذي عرف السياسة بأنها “فن الممكن” في مجتمع يسيطر فيه بشر علي بشر ومجمل الوسائل التي تجعل السيطرة ممكنة ودائمة تسمي سياسة كما اشتهر بمقولته “الغاية تبرر الوسيلة” حيث يري ان الهدف النبيل يضفي صفة المشروعية لجميع السبل التي تؤهل الوصول له مهما كانت ظالمة وهذا ما استند عليه في أغلب نصائحه بكتابه “الأمير” أحد أهم الكتب تأثيرا في التاريخ السياسي العالمي قرأه نابليون بونابرت واختاره موسوليني موضوعا للدكتوراه وكان هتلر يقرأ منه يوميا قبل أن ينام.
ألف ميكافيللي “الأمير” في منفاه عام 1513م ويضم 26 فصلا. استمد أهميته كمرجع للساسة في كل الأزمنة لاعتماده علي حقائق تاريخية مقرونة بأحكام التجربة وان كنت لا اتفق مع بعض ما أورده في الكتاب الا انني هنا وددت التوقف عند الفصل السابع عشر منه والذي يناقش فكرة الحب والخوف بين الحاكم والمحكوم ويقول فيه موجها كلامه للأمير: من الواجب ان يخشاك الناس وان يحبوك ولما كان من العسير الجمع بين الأمرين فالأفضل ان يخشوك علي ان يحبوك. هذا إذا ما توجب عليك الاختيار بينهما.. إذن ميكافيلي هنا يفضل عصي فرعون ويستبعد فكرة الديمقراطية.
تعالوا نخزن ميكافيللي في جانب من الدماغ لأننا سنعود إليه بعد قليل ولنفتح ملف الشارع المصري الذي بات كمغارة علي بابا وملايين الحرامية.. حالة منقطعة النظير من الفوضي المدمرة ولا اقول الخلاقة لأن لا شيء اسمه فوضي خلاقة ..انعدام أمن وبلطجة وسرقات واغتصاب ومطالب فئوية واعتصامات وتراجع في الأخلاق والانتاج وكل شيء مقلق وقبيح فقط لمجرد اننا طرحنا فكرة الديمقراطية للاستهلاك الآدمي في مصر بعد الثورة أو ربما – لا سمح الله لأننا قمنا بثورة – وطبعا العيب ليس في الديمقراطية العيب فينا نحن لأننا ليس لدينا كتالوج للتعامل مع هذه الكلمة وفك شفراتها ومع الأسف الشديد الأغلبية العظمي بدلا من ان تحاول تفهم استسهلت وتغابت وريحت ورحرحت وكله محمل علي كله والبلد سايبة وبدلا من ان نقابل الثورة بالحب ونحترمها ركبنا عليها ودلدلنا رجلينا والسبب الأول والأهم غياب العقاب في زمن فيه كثير من الناس تخاف ماتختشيش.. تعالوا نسترجع ميكافيللي من دماغنا والحكم لكم.. طبعا فهمتم ما أريد ان أصل إليه.. كان ميكافيللي يعتقد بسوء نوايا البشر مواطنين وحكاما ويراهم غالبا ما يركنون إلي الراحة والتملك بأقل الخسائر ولذا أوجدت القوانين للحد من نفوذهم والحب في نظره يرتبط بسلسلة من الالتزامات قد تتحطم أمام أنانية الناس بينما يرتكز الخوف علي الخشية من العقاب التي قلما تفشل.
وجدتها .. أنا المواطن المصري المتضرر من كل صور الفوضي في بلدي ارشح ميكافيللي لرئاسة الجمهورية.
حسام فاروق
احداث مصر
ناس تخاف ماتختشيش
اضيف بتاريخ: Wednesday, April 4th, 2012 في 04:57