الدستور هو الوثيقة التي تنظم حياة الشعوب والأمم. وهو العقد الذي يجب أن يضع بنوده كل من يتعامل بهذا العقد وليس من المنطق أو المقبول أن يتم وضع هذا العقد بينما لا يراعي علي سبيل المثال حياة فئة معينة مهمشة أو ليس لها صوت في الجمعية التأسيسية التي تضع هذا الدستور.. ثم إن البرلمان الذي اختاره الشعب في مرحلة فارقة عابرة لا يمثل كل فئات الشعب. حتي وإن كان من اختيار الشعب. فهو برلمان تحت الاختبار. ويمثل التيار الإسلامي بنسبة 80% ويجب ألا تتعدي نسبة تمثيله في اللجنة التأسيسية 30% وال 70% من فقهاء القانون والشخصيات العامة والإعلام حتي لا يأتي الدستور معبراً عن تيار معين أو فئة بعينها من نسيج المجتمع.. إذ لابد أن يكون الدستور محققاً للعدالة الاجتماعية والمساواة والحريات. وتحقيق حياة كريمة لكل فئات المجتمع بنفس الدرجة وبنفس القدر من المساواة ولا يكون محققاً أي ميزة لفئة دون أخري من المواطنين الذين يعيشون تحت سماء واحدة.. لذلك لا يجب أن يزيد تمثيل حزب علي حزب. أو تيار علي تيار آخر. لأن هذه النسب وهذا البرلمان بأكمله غير دائم. ويمكن عقب السنوات الأربع القادمة أن يأتي برلمان آخر. يمكن أن تكون نسبة حزب مصر الحديثة في البرلمان القادم 70% مثلاً. فهل معني ذلك يستأثر بوضع دستور دائم ومستمر مهما تغير البرلمان أو تغيرت نسب التيارات والأحزاب الممثلة له.. قطعاً لا.. لأن البرلمان يتغير ويتبدل بينما الدستور دائم إلي أن يتم تغييره إذا قامت ثورة ضده وضد النظام العامل به.. بل يمكن أن تقوم ثورة ضد نظام فاسد بينما يبقي الدستور إذا كان صالحاً محققاً للعدالة والمساواة والحريات. منظماً لحياة كل فئات الشعب.
من هنا ونحن في مرحلة خطيرة ولا تحتمل أي صراعات ونزاعات من شأنها أن تعود بنا إلي نقطة الصفر. والدوران في فلك الصراعات والمؤامرات التي تستهدف الدخول في نفق مظلم بلا نهاية سواء من الأيادي الخارجية التي لا تريد لمصر الانطلاق كدولة ديمقراطية حرة يمكن أن تسبب إزعاجاً وتهدد عرش الدول المجاورة. وفي مقدمتها إسرائيل. ويمولون في سبيل ذلك المأجورين الذين يتمسحون في ثياب الثورة وصاروا مليونيرات من عدم وأصبحوا يحملون جوازات سفر بها عشرات التأشيرات لفرنسا ولندن وبيروت وبولندا وألمانيا وغيرها. وصاروا من بطالة إلي مديري مكاتب ومراكز تابعة لأمريكا وغيرها. ويزعمون أنهم نشطاء وأنهم ثوريون. بينما يقبضون ثمن التخريب.. أو من الفلول الذين لا يريدون للثورة البيضاء أن تنجح وتصل إلي دولة الحرية والعدالة والمساواة وحياة كريمة لفئات المجتمع المهمشة.. التي زادها النظام السابق فقراً وتهميشاً وكرس الطبقية وزاد من الفوارق الاجتماعية.
من هنا فإن هذه المرحلة تحتاج إلي توحد الرؤي من أجل مصر.. تحتاج إلي إنكار الذات من أجل الوطن.. تحتاج إلي دستور يحقق العدالة والحرية والمساواة.