السياسة هي فن “الممكن”.. كما يقول ميكافيللي .. ولكن السياسة في مصر هي فن “الخداع والتضليل والتلاعب .. فالمصريون يستخدمون السحر والشعوذة وكل أساليب التضليل في السياسة .. ورجال السياسة لا يختلفون كثيراً عن سحرة فرعون فكلاهما يصافح الشيطان.
المصريون يعانون من حالة غموض وارتباك وفقدان ثقة في كل من حولهم. بل ويفقدون الثقة في أنفسهم وكل ذلك بسبب التضليل السياسي الذي يمارس علي الشعب. فكل أزماتنا ليست إلا تضليلاً سياسياً يُسأل عنه المسئولون عن البلاد .. أزمة البنزين وأزمة الدستور وأزمة الرئاسة وأزمة الحكومة والبرلمان وغيرها من الأزمات. كلها أزمات تضليلية فإذا نظرنا لأزمة البنزين وعرفنا أن مصر لديها اكتفاء ذاتي وأن البنزين يوجد لدينا ويفيض ونصدره لجيراننا ثم نتعرض لأزمة حالكة تعرقل الشارع المصري وتشغل الناس عن قضايا أخري أهم كقضية ضياع الكرامة المعروفة بسفر المتهمين الأمريكيين!! فبم تفسر هذه الأزمة؟
أزمة الدستور .. حين يتم اختيار “المائة” لتأسيس الدستور ثم تشن هجمة إعلامية مقننة واتهامات شديدة ضد اختيار المائة بدعوي أنهم إسلاميون .. وأنهم يمثلون الأغلبية لحزبي الحرية والعدالة والنور وأنهم سينفردون بالدستور .. وسؤالي هنا: هل الإسلاميون ليسوا مصريين ثم هل هؤلاء يعادون مصر ويكرهون لها الخير؟ وهل سيضعون قوانين دستور دون أن يصوت عليها المصريون؟!
وهل مصر دولة يهودية حتي نخشي من الاسلاميين؟! أليس هؤلاء المائة .. من كل أطياف الشعب المصري. أظن وبعض الظن إثم أن الليبراليين والمعترضين علي “المائة” كانوا سيعترضون حتي لو كان المائة ليبراليين وإذا كان الخلاف منذ البداية وقبل مناقشة قوانين الدستور فماذا ستصنعون أيها السياسيون أثناء مناقشة الدستور .. وما الداعي لهذه الأزمة؟!
أزمة الرئاسة .. وهي أزمة سياسية من الدرجة الأولي تحط من قدر أرفع منصب سياسي. وتضعف من قيمة وهيبة هذا المنصب المنوط بالحكم والرئاسة. وهذا إنما يدل علي وجود “خلل قانوني” في قوانين الترشح للرئاسة ووضع معايير ملائمة تحفظ لكل منصب قيمته ولا تحط من شأنه. وذلك حتي لا نجد الحانوتي و”القهوجي والسباك” مع احترامنا لهذه المهن .. يترشحون للرئاسة. ولكن كيف سيحكم هؤلاء مصر؟! وأن يذهب مرشح يلبس في قدميه “شبشب”. ومرشح آخر معه “لفافة بانجو” .. ماذا سيصنع هؤلاء؟ ومن المسئول عن هذه الممارسات وتلك المهزلة التي حطت من قدر هذا المنصب السياسي الرفيع. وبم تفسر هذه الأزمة؟
.. أما عن الحكومة والبرلمان .. حدث ولا حرج. وملخص القول إن الفرق بين حكومة الجنزوري وعاطف عبيد لا يختلف كثيراً وأداء الحكومة الحالية أكبر دليل علي ذلك فكل الأزمات التي تحدث هي “أزمات مفتعلة” .. وحين يسائل البرلمان الحكومة. يتأفف الوزراء وتمتعض الحكومة ويخرجون من البرلمان وحين يطالب البرلمان الذي يعبر عن الشعب بسحب الثقة من الحكومة لأنها لا تغتنم الفرص في إصلاح البلاد وتكرر من أخطائها وعثراتها والشعب ضاق صدراً من ذلك. ونجد الحكومة تستقوي بالمجلس العسكري ويبقي الأمر كما هو عليه ولا عزاء للشعب. ويصبح البرلمان كبقية المؤسسات غرفة مغلقة لا تتخطي قراراته باب الغرفة. وأنا هنا لا أفتش في نوايا الحكومة ولا اخون أحداً ولكن أتحدث عن أداء الحكومة المتردي والتي يجب محاسبتها من خلال المؤسسات الرقابية .. فبم تفسر ذلك؟!