ما حدث هذا الأسبوع في بورسعيد يؤكد ان حالة الانفلات الأمني والأخلاقي التي نعيش فيها قد تعدت كل الحدود وتجاوزت كل الخطوط الحمراء والصفراء والخضراء.. واننا شعب نعشق جلد الذات وتدمير النفس أكثر من غيرنا.
ان محاولات تعطيل الملاحة في قناة السويس هو تهديد صريح للأمن القومي المصري وأخطر ما في الأمر أن يكون التهديد من داخل الوطن وليس من خارجه وبأيدي أبنائه لا بيد أعدائه.
وبعيدا عن أحداث مباراة الأهلي والمصري وتحديد المخطيء والمصيب فيها إلا ان المظاهرات الغاضبة التي خرجت في بورسعيد ومحاولات تعطيل الملاحة في القناة أو في ميناء بورسعيد سيضر أبناء المدينة أكثر من غيرهم فهم يعيشون حركة التجارة وعلي الاستثمارات المقامة في المنطقة الحرة وكلما انتعشت الحركة التجارية زاد دخلهم وإذا توقفت فهم أول المتضررين.
لم يخرج أهالي بورسعيد في مظاهرات غاضبة من أجل لقمة العيش أو للحفاظ علي وضع المدينة الحرة ومكانتها أو لإنشاء مشروعات قومية ومصانع جديدة علي أرضها توفر لأبنائهم فرص عمل وتنعش حركة الاستثمار والاقتصاد في المدينة وانما خرجوا غاضبين رافضين تطبيق القانون علي فريق كرة قدم كان طرفا في مذبحة أدت لوفاة 74 شخصا من مشجعي الفريقين.
هل يعلم أهالي بورسعيد “البواسل” الذين خرجوا لتعطيل الملاحة في القناة ان اسرائيل التي تتربص بنا قدمت طلبا للبنك الدولي للحصول علي قرض لتمويل مشروع هذه القناة وهو مشروع مشترك بين الأردن واسرائيل والسلطة الفلسطينية وسينفذ غالبيته علي الأراضي الأردنية وان نائبة رئيس البنك الدولي إينجر اندرسون قد أشادت بالمشروع وقالت انه يحمل كثيرا من الايجابيات من بينها انقاذ مياه البحر الميت وتوفير مصادر جديدة للمياه العذبة إلي جانب دعم المشروع لجهود السلام في منطقة الشرق الأوسط!!
وهل قرأ أهالي بورسعيد ما ذكرته “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية عن ان الحكومة الاسرائيلية تدرس مع نظيرتها الصينية امكانية إنشاء قطار كهربائي سريع بين تل أبيب وإيلات لشحن البضائع من آسيا إلي أوروبا لتكون موازياً لقناة السويس.
منذ أيام خرجت مستندات من مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي تحمل شعار “سري للغاية” تؤكد ان اسرائيل سعت خلال المدة من يناير 2011 إلي ديسمبر الماضي لجمع توقيعات دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية والجنوبية ودول جنوب شرق آسيا علي موافقتهم لاسرائيل بإقامة مشروع بديل لقناة السويس وان المشروع الاسرائيلي ممول بالكامل من المعونات الأمريكية والأوروبية بقيمة 5 مليارات دولار.. وتضمنت المستندات 6 أوراق فيها قرار الحكومة الاسرائيلية رقم 1421 الصادر بتاريخ 24 فبراير 2010 وتكشف ان المشروع تقرر رسميا في 18 يوليو 2011 علي أن يدخل حيز التنفيذ بداية من يوم 9 يناير 2012 ويتم إنجازه خلال 5 أعوام بهدف إنهاء أسطورة قناة السويس وإقامة رصيف بحري تجاري عملاق في مدينة إيلات المطلة علي البحر الأحمر وخليج العقبة بقدرات خليج هونج كونج التجاري العالمي نفسها وان اسرائيل قد طرحت أسعار نقل بضائع أسرع وأرخص كثيرا مما تعرضه قناة السويس.
اسرائيل تخطط وتنطلق وتنظر للمستقبل وتبحث عن رفاهية شعبها.. ونحن نتناحر ونتظاهر ونعتصم ويقتل بعضنا بعضا من أجل بالونة منفوخة بالهواء.. والله برافوا عليكم.
علاء معتمد
احداث مصر
دمرني شكرا
اضيف بتاريخ: Tuesday, March 27th, 2012 في 15:24
كلمات جريدة احداث: احداث, اسرائيل, بورسعيد, مصر