جاء قرار البرلمان بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور صادماً للشارع والقوي السياسية. مؤكداً سيادة مبدأ “المغالبة لا المشاركة”.. حقيقي اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية طرح للنقاش قبل التصويت والمؤسف أن الأحزاب المدنية والليبرالية والمستقلين لم يتفقوا علي رؤية واحدة حول العدد المناسب لتمثيل أعضاء البرلمان في الجمعية التأسيسية.. في حين اتفق كل من حزبي الحرية والعدالة والنور علي رؤية واحدة محددة قبل التصويت. فكانت النتيجة كما أرادا.. العملية برمتها تمت بالديمقراطية شكلا. إلا أن مضمونها ليس كذلك فالتربيطات تمت خارج قاعة البرلمان. فهل هذا ما سوف يتم في صياغة مواد الدستور؟
فالجمعية التأسيسية مهمتها بناء دستور لمصر ما بعد ثورة 25 يناير. بحيث يكون دستوراً توافقياً.. الملاءمة السياسية تفرض ألا تنعكس توجهات الأغلبية البرلمانية علي الدستور باعتباره وثيقة يتوافق حولها جميع أطياف المجتمع السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية.. فالغلبة السياسية في بناء الدستور مخاطرة لمستقبل مصر الوطن.. الاستحواذ الذي يمارسه التيار الإسلامي السياسي داخل البرلمان بغرفتيه لا يعد توافقياً فلا يعقل أن يستحوذ تيار بعينه علي رئاسة البرلمان ولجانه والتلويح بتشكيل حكومة برئاسته وتسريب اسماء لمرشح رئاسة منه. فهل في صالح التيار أن يتحمل مسئولية وطن مثقل بالجراح والفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي بمفرده.
ما تمارسه جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة يعيد للأذهان ما كان يمارسه الحزب الوطني ورئيسه وأمين سياسته. فكل شيء كان في أيديهم وتصوروا أن هذا الوضع سيحميهم ويضمن لهم الاستمرار رغم عدم امتلاكهم لمشروع سياسي اقتصادي واجتماعي يرفع من شأن الشعب المصري. فما أشبه الليلة بالبارحة فكل ما نراه الآن لا يعدو أن يكون إعادة إنتاج النظام القديم بوجوه جديدة وهذا يفتح الباب أمام كافة الاحتمالات لحماية الثورة وتحقيق مطالبها والمطلب العاجل هو دستور توافقي وليس طائفيا أو إيديولوجياً. فهل شباب مصر وقواه السياسية التي هبت وثارت في وجه الفساد والبطش والاستحواذ يمكن أن تعاود الكرة من جديد من أجل دستور توافقي؟
سمية عبد الرازق
احداث مصر
دستور مصر ما بين التوافق والاستحواذ
اضيف بتاريخ: Thursday, March 22nd, 2012 في 13:26