كل الناس تتحدث الآن في السياسة. بل وتحاول أن تمارسها.. الكبير والصغير. المتعلم والأمي. أستاذ الجامعة. المعلم. وصبي القهوة. وبلية الميكانيكي. والحانوتي.. كل واحد فيهم يري أن من حقه أن يكون حاكماً لمصر.. فهو مواطن يشعر أنه ابن البلد. وقادر علي قيادتها والنهوض بها. وأن يحقق إنجازات أفضل مما حققه حسني مبارك ونظامه.
حديث الناس في السياسة في حد ذاته هو أحد المكاسب الهامة لثورة يناير. ففي فترات الحكم السابقة كانت الشعارات المرفوعة هي “الحيطان لها ودان” و”بلاش كلام في السياسة” و”إحنا مالنا يا عم إحنا هانفهم أكثر من الحكومة؟”. أما الآن فمن حق الجميع أن يطالب بسقوط الحاكم وتغيير رئيس الحكومة والاعتراض والاعتصام والإضراب والترشح لرئاسة الجمهورية.
وفي ظل هذه الحالة من الحراك السياسي غير المسبوقة التي تشهدها مصر هذه الأيام. وهذا الكم الهائل من المهرولين نحو الترشح للرئاسة. وبدء إجراءات تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. وجدت الكثير من يناقش ويجادل ويحتد ويرفع صوته وهو لا يعرف الفرق بين القانون والدستور ومعني الجمعية التأسيسية والشروط الواجب توافرها في مرشح الرئاسة. وغيرها من القواعد والتعريفات المرتبطة بالحياة السياسية.
فقهاء الدستور يعرفونه بأنه مجموعة القواعد التي تنظم تأسيس السلطة وانتقالها وممارستها. أي تلك التي تتعلق بالتنظيم السياسي. أو أنه وثيقة أساسية أقرتها سلطة خاصة وفق إجراءات خاصة لتحديد وتنظيم شئون الحكم وعلاقته مع المواطنين.
وكلمة دستور ليست عربية الأصل ولم تذكر القواميس العربية القديمة هذه الكلمة ولهذا فإن البعض يرجح أنها كلمة فارسية الأصل دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية. ويقصد بها التأسيس أو التكوين أو النظام.
ويقول الفقهاء إن نشأة الدساتير تعبر عن انتصار إرادة الشعوب وانتقال السيادة من الحاكم إلي الأمة أو الشعب الذي أصبح وحده صاحب السيادة في الدولة. ولهذا فإن دساتير هذه المرحلة تتميز بطابعها الديمقراطي. نظراً لانفراد الشعب بممارسة السلطة التأسيسية الأصلية. حيث يتولي بمفرده ودون تدخل أو مشاركة من جانب الحكام وضع تنظيمه الدستوري الذي يرتضيه. ويلتزم بقواعده أفراد الجماعة حكاماً ومحكومين علي السواء..وقد جري العمل علي اتباع أحد أسلوبين لوضع الدساتير في ضوء احتكار الأمة أو الشعب للسلطة التأسيسية. فإما أن يتم وضع الدستور من قبل هيئة منتخبة من الشعب يطلق عليها اسم الجمعية التأسيسية. وإما أن يتم طرح مشروع الدستور علي الشعب في استفتاء عام لأخذ موافقته عليه. وهو ما يطلق عليه اسم الاستفتاء التأسيسي.
ويعتبر أسلوب الجمعية التأسيسية هو أحد الأساليب الديمقراطية المتبعة في وضع وإنشاء الدساتير. وبمقتضاه تقوم الأمة صاحبة السيادة ومصدر كل السلطات بتفويض ممارسة سيادتها لممثلين عنها “وهؤلاء يشكلون هيئة يطلق عليها اسم المجلس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية أو المؤتمر الدستوري” يتولون باسمها ونيابة عنها وضع قواعد نظام الحكم في البلاد. بحيث يعد الدستور الذي يصدر عن هذه الهيئة المنتخبة الممثلة للأمة وكأنه صادر عن الأمة بمجملها. مادامت الأمة قد فوضتها بذلك. مما لا يتطلب بعد ذلك عرض وثيقة الدستور علي الشعب لاستفتائه فيها أو أخذ موافقته عليها. إذ إنه بمجرد إقرار الهيئة المذكورة للوثيقة الدستورية في صيغتها النهائية. تصبح هذه الوثيقة نافذة ودون أن يتوقف ذلك علي إقرار من أي جهة كانت.
مصر تكتب الآن صفحة جديدة من تاريخها. أجمل ما فيها هو حرص جميع أبنائها للمشاركة في كتابتها.
علاء معتمد
احداث مصر
تعرف ايه عن الدستور
اضيف بتاريخ: Tuesday, March 20th, 2012 في 10:14