نحي هيئة المحكمة التي كانت تنظر قضية التمويل الأجنبي لاستشعارها الحرج يضع العشرات من علامات الاستفهام والتعجب حول حيادية القضاء واستقلاليته التي جعلت قامة كل مصري بقامة أي أمريكي أو أوروبي بل أفضل. * أعلنت مصر في البداية إنها لن تتدخل في القضية لأنها في يد القضاء المصري المشهود له بالنزاهة والاستقلالية.. والواضح أن هذا التصريح كان مخالفاً للواقع وأنه عند مرحلة معينة سيتم إخلاء المتهمين ليغادروا البلد الذي انتهكوا سيادته وعبثوا بأمنه الوطني.. المستشار محمد محمود شكري رفع عن نفسه الحرج وألقي بالقفاز في وجه الجميع وتركنا في حالة حيرة وحزن وتساؤل.. لماذا التنحي؟!. كان الله في عون كل قاض يجلس علي منصة القضاء ليحكم بالعدل في أي قضية لها صلة بالثورة المصرية وعلي رأس هؤلاء القضاة سيادة القاضي الذي يحكم في قضية الرئيس السابق مبارك ومن معه.. لأننا نعلم جميعاً أن أسر الشهداء والمصابين ينتظرون الحكم بفارغ الصبر ونعلم جميعا أن القاضي إنما يحكم من خلال الأوراق والأدلة المقدمة له والمنظورة أمامه في القضية ويحكم بما يطمئن إليه قلبه وما يرسخ في عقيدته من الحق والعدل لاسيما وأنها قضية القرن وتتعلق أنظار العالم بهذه المحاكمات خاصة انها قضية أصبحت فيها وحولها كل معاني الصعوبات والتحديات زماناًَ ومكاناً وأشخاصاً.
كان الله في عون شعب مصر الأصيل الذي خرج وصوت لأحد الأعضاء في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ثم تفاجأ بأن صوته قد ذهب هباءا منثوراً وأن من صوت له ليس هو ذاك الشخص الذي يشاهده في وسائل الإعلام أو المؤتمرات التي كان يعقدها وقد وقف تحت قبة البرلمان غير معبر عن قضايا وطموحات وأهداف وغايات وأولويات من انتخبه وخرج من أجل أن يعطيه صوته وتحمل في سبيل ذلك كثيراً من الصعاب ومنها زحمة الطوابير والوقوف أمام اللجان لعدة ساعات.. ولعل أكبر ما يحزن الشعب الأصيل أن فرصة التصويت لشخص آخر يتقي الله في الشعب ويحفظ له أمنه وأمانه قد لا تأتي إلا بعد خمسة أعوام تقريباً وها هو سيبقي ملوماً محسوراً حتي يصحح خطأه ويعطي صوته لمن يستحق.
يا شعب مصر العظيم يا مشايخ البرلمان الأجلاء لقد أعطت مصر الكثير والكثير لأبنائها علي مدي آلاف السنين أما آن الآوان أن نعطيها نحن القليل لتقف علي أرجلها من جديد.. لماذا نصر أن نأخذ منها دائما وعندما تحتاج هي إلي عطائنا نوليها الأدبار ويعطي كل واحد لها ظهره.. لماذا لا نفعَّل القانون بكل حزم علي الجميع حتي تستعيد مصر عافيتها؟ ولماذا الإصرار علي عدم تفعيله؟ ولماذا رشحتم أنفسكم في البرلمان يا أصحاب الأيادي المرتعشة حتي سادت البلطجة والانفلات الأمني في كل منزل وقسم شرطة وشارع؟!.