رغم انه مازال هناك من الوقت الكثير لكي يصبح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين حزبا حاكما.. حيث لم تتشكل بعد ملامح الدولة الجديدة وفقا للدستور الذي يحدد دور الحزب صاحب الأغلبية وان كان من حقه تشكيل الحكومة أم لا وفقا للنظام ان كان رئاسيا أو برلمانيا أو مختلطا.
كما ان حزب الحرية والعدالة لم تتحقق تفاهماته أيضا مع بعض القوي والتيارات السياسية الأخري في البرلمان لكي يكون صاحب اليد الطولي التي كانت مسيطرة ابان الحزب الوطني المنحل بإشارات وأصابع هذه اليد للحصول علي الموافقات ¢الميكانيكية¢ في المجلس من الأعضاء.. ولا أظن ان هذا يمكن أن يكون مقبولا في ظل برلمان الثورة التي يفترض انها تترجم مطالب الشعب العادلة في التغيير إلي الديمقراطية الحقيقية المعبرة عن إرادته الحرة.
علي الرغم من ذلك وغيره.. إلا ان الساحة الاعلامية ـ خاصة الصحفية ـ فوجئت بهذا الطرح الاخواني المثير الذي انفردت به جريدة “الأخبار” يوم الأربعاء الماضي بنشر ما أسمته ملامح مشروع الحرية والعدالة لتطوير المنظومة الاعلامية حيث أشارت إلي أن حزب الحرية والعدالة يعكف علي الاعداد لدراسة عامة وشاملة لتطوير منظومة الاعلام في مصر خلال الفترة القادمة لتتماشي مع الوضع العام للدولة بعد ثورة 25 يناير من منطلق ان الاعلام بكافة وسائله من صحافة وإذاعة وتليفزيون وشبكة المعلومات الدولية له من الأهمية في تدعيم قيم المجتمع وترسيخ هويته ونشر العلم والثقافة ودعم الاصلاح داخل المجتمع.
ومع قناعتي مثل غالبيه المصريين بأن هناك أولويات كان يجب أن يبدأ بها البرلمان الجديد تقديم نفسه للناس من خلال جدول أعمال يبرهن علي استحقاقه لكي يكون بالفعل هو برلمان الثورة للتصدي للمشاكل والقضايا العاجلة الملحة في هذه المرحلة وهي قضايا لا يختلف عليها أحد في مقدمتها طرح يتعلق باستعادة الأمن المفقود رغم كل الجهود التي تقوم بها حكومة الدكتور الجنزوري ووزير داخليته المبشر وأيضا بث الروح من جديد في الاقتصاد ودوران عجلة الانتاج وامكانية وضع تشريعات عاجلة لوقف تلك الفوضي المتمثلة في قطع الطرق وتعطيل السكك الحديدية لمطالب فئوية أو احتجاج من أجل الحصول علي أنبوبة بوتاجاز أو حافز أو علاوة.. اضافة للقضايا الوطنية في الحفاظ علي الوحدة الوطنية بين المصريين والتصدي لمشكلات تؤرق الشارع المصري مثل مشكلات المرور والعشوائيات وأطفال الشوارع وتلوث الغذاء والهواء والصحة والعلاج والاسكان والعنوسة وإحجام الشباب عن الزواج وغير ذلك من مشكلات ينتظر الشعب بفارغ الصبر انعقاد جلسات المجلس لكي يتصدي لها بتشريعات وحلول ناجزة وسريعة لتضع حدا لمعاناة طالت علي مدي أكثر من ربع قرن.
علي الرغم من ذلك فقد حرصت علي ان مطالعة ملامح هذا المشروع الذي قدم به الحزب نفسه للمجتمع حيث دائما كما نقول في أمثالنا ان “الجواب يبان من عنوانه”.. والحقيقة انني لم أجد في هذه الدراسة جديدا يختلف عما اعتاد أن يطرحه علينا الحزب الوطني المنحل في مؤتمراته الحزبية منذ عام 2002 عبر لجنة السياسات التي لو عدنا اليها لوجدنا اطروحات مشابهة فيما يتعلق بميثاق للشرف الصحفي وتشريعات لحرية تداول المعلومات أو ما كانوا يسمونه بالإفصاح والشفافية من أجل المراقبة ومكافحة الفساد.. بل حتي ان الطرح الخاص بإنشاء مجلس وطني للاعلام وهيئة للتليفزيون أظنه كان موجودا منذ عهد الرئيس السادات من خلال أول اتحاد للاذاعة والتليفزيون رأسه الدكتور مصطفي خليل ثم بعد ذلك الدكتور عبدالأحد جمال الدين.
ربما يكون الجديد نسبيا في هذا المشروع الغاء المجلس الأعلي للصحافة وهيئة الاستعلامات.. وأتصور ان في هذا استعجالا واستباق للأحداث لأن الوضع برمته ربما قد يتغير مع البت في مصير مجلس الشوري نفسه الذي ينبثق عنه المجلس الأعلي للصحافة في الدستور الجديد.
أما إذا سألت أي صحفي عن الجديد في هذا المشروع فإنه لن يتوقف عن الصدمة الكبري فيه وهي الطرح الخاص بالمؤسسات الصحفية القومية التي أسموها ظلما وعدوانا في هذا المشروع بالمؤسسات الحكومية.. ويبدو انه نوع من الانتقام يؤكد ان النفوس لم تصف بعد وكأنه رد علي تعبير الجماعة المحظورة الذي كانت تفرضه الأجهزة الأمنية علي الصحف عندما كانت تتناول جماعة الاخوان المسلمين.
تري هل أراد حزب الحرية والعدالة أن يذبح القطة للصحفيين في المؤسسات الصحفية القومية عندما أعلنت صراحة في هذه الدراسة بالنص: “تصفية المؤسسات الصحفية الحكومية ببيعها أو نقل ملكيتها لهيئات عامة أو تملك للعاملين بها.. إلخ” من تغيير قانون الصحافة وإلغاء المجلس الأعلي للصحافة ونقل اختصاصاته لنقابة الصحفيين.
ورغم ذلك فإن الحزب الوطني المنحل كان يلعب نفس اللعبة مع الصحفيين والصحف القومية عندما كان يطرح فكرة خصخصة المؤسسات الصحفية.. ولكنه ـ للأمانة ـ لم يطرحها للبيع. بل حتي عندما فكر في حل مشكلات بعض المؤسسات المتعثرة حرص صفوت الشريف علي إلحاق صحفييها بمؤسسات صحفية أخري قوية أسعدت هؤلاء الصحفيين بالانضمام إليها ربما بحقوق وامتيازات ومرتبات تفوق ما كانوا يتحصلون عليه في مؤسساتهم.. أما في هذا الطرح الجديد يبدو ان الغلق والتشريد لعموم الصحفيين سوف يكون هو المنتهي والمصير..!!
باختصار.. اننا معشر الصحفيين في المؤسسات الصحفية القومية ـ رغم ما نمر به من صعوبات ومشكلات اقتصادية ومهنية ـ لا ننزعج بمثل هذه الاطروحات.. فكم علي الرءوس دقت طبول بل معاول وفئوس.. وبقيت الصحف القومية مثل الاعلام القومي ككل يؤدي دوره المجتمعي والأعم الأشمل يعرض لكل التوجهات القومية بعيدا عن التوجهات الخاصة ومحاولات التأثير والشراء عبر التمويل من الخارج والداخل أو التيارات والأغراض الحزبية والسياسية الضيقة التي مهما أوتي لها من انتصارات وقتية أو مرحلية فهي انتصارات عابرة تتغير بفعل الزمان وتغلب المزاج المجتمعي واحتياجاته ومتطلباته المتباينة عبر السنوات.. ولكن تبقي الأدوات الأساسية المعبرة عن هذا المزاج المجتمعي في كل زمان ومكان.. وأظن ان الاعلام القومي وفي مقدمته المؤسسات الصحفية القومية اعتادت أن تمارس دورها بل ورسالتها العامة في أحلك الظروف وأعتي التحديات بعيدا عن مثل هذه المستجدات السياسية المتغيرة لقوة أو تيار أو جماعة أو حزب.. ذلك لأنها مرآة المجتمع تعكس رؤاه المختلفة من كل حدب وصوب حتي لو حاول البعض السيطرة عليها أو تمويلها لتكون أداة من أدواته أو بوقاً لسياساته.. إلا ان المنظور العام هو منظور قومي يجد فيه الشعب دائما أحواله ومصالحه.. وإذا ما احتاج الأمر تصويبا وتصحيحا وتقويما فإن هذا يمكن أن يتحقق.. ولكن ليس علي طريقة الاغلاق والهدم أو الاستبعاد أو التشريد لكتائب وطنية اعتادت أن تعمل في أصعب الظروف وبأقل الحقوق!!
زياد السحار
احداث مصر
الإخوان يذبحون القطة للصحف القومية
اضيف بتاريخ: Tuesday, January 17th, 2012 في 05:15
الاخوان هم اعقل بكثير من الاخرين الذين يريدون تشويههم (هل الاتجاه الى الاصلاح انتقام ام تريدون استمرار الفساد فى مصر الرجاء الرد
التوقيع
مصرى ضد الفساد