منذ قيام الثورة وتصدر التيار الديني للمشهد السياسي. والحديث عن الإسلام السياسي لا ينقطع.. ومع ظهور المؤشرات الأولية لانتخابات مجلس الشعب أصيبت الحركات والجماعات والأحزاب الليبرالية والعلمانية بحالات من الخوف والهلع من تولي الإسلاميين للحكم. وساد المجتمع المصري حالة من الترقب والانتظار.. وثارت أحاديث في الفضائيات تناقش وتتوقع موقف الإسلاميين من تقديم الخمور وارتداء المايوه والآثار المتوقعة علي السياحة. وموقفهم من حرية الرأي والتعبير والشوري والديمقراطية في ظل الحكم الإسلامي.
وبعيداً عن المايوه والخمر وهذه الثرثرة التافهة التي تسيء لمصر والمصريين أكثر ما تنفع السياحة وإيرادات الخزانة العامة. وبعيداً عن الخوض في الفرق بين حرية الحقوق وحرية الفسوق. نقول في حرية الرأي والتعبير: ان هناك فرقا بين ما يقرره الإسلام في الكتاب والسنة وما جاء علي لسان علماء الدين. وبين ما يصرح به ويعلنه المنتمون للتيارات والحركات الإسلامية!
يقول العلماء ان حرية التعبير في الإسلام فريضة علي الحاكم والمحكوم. والحاكم مطالب بتنفيذها عن طريق الشوري وتحقيق العدل والنظام القضائي المستقل. ونشر التعليم. وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي وغيرها من الوسائل التي تجعلها ممكنة بحيث لا تخاف الرعية من ظلم أو فقر أو تهميش إذا مارستها. والمحكوم مطالب بها فرداً وجماعات في كل المجالات تجاه الحاكم وتجاه الآخرين. وبدون حرية التعبير وكل ما يؤدي إليها يحدث خلل في المجتمع الإسلامي. فالمسلم مطالب بعدم كتمان الشهادة السياسية والاجتماعية والقضائية علي حد سواء “ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم” سورة البقرة آية “283”.
ويقول العلماء ان الإسلام أقر بأن يتمتع المجتمع. رجالاً ونساءً بالحرية في التعبير عن آرائهم ومواقفهم. حيث يذكر القرآن: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” التوبة “71” والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع لا يقتصر علي الأمور الدينية والعبادات والعقائد فحسب بل كل النشاط الإنساني في التفكير والنقد والمعارضة والتقييم في شئون السياسة والثقافة والاقتصاد.
وكان الرسول والصحابة في عهد الخلافة يستمعون إلي آراء غيرهم من المسلمين وحتي غير المسلمين. وهناك أمثلة عديدة لهذا الأمر قد لا يتسع المجال لذكرها هنا. ولكن نذكر منها ما حدث في غزوتي بدر والخندق. حين تراجع الرسول صلي الله عليه وسلم عن رأيه وأخذ بما أشار به حباب بن المنذر وسلمان الفارسي. أما أبو بكر الصديق فقد بدأ خلافته بقوله للناس: “إني قد وُليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة والكذب خيانة. والضعيف فيكم قوي عندي حتي أرجع إليه حقه إن شاء الله. والقوي فيكم ضعيف عندي حتي آخذ الحق منه إن شاء الله. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم” أما الأمثلة عند الخليفة العادل عمر بن الخطاب فهي لا تعد ولا تحصي. ويكفي قوله الشهير: “أصابت امرأة وأخطأ عمر”.
علاء معتمد
احداث مصر
حرية المايوه.. وحرية الرأي
اضيف بتاريخ: Tuesday, January 10th, 2012 في 01:34