العنوان مستوحي من عنوان لكتاب “مفاوضات مع الموتى” تمت ترجمته هنا من سنوات للروائية وكاتبة المقال الكندية مارجريت آتوود التي تنتقد اليمين الصاعد في الولايات المتحدة.
هل يمكن أن يأتي يوم قريب أتوقف فيه عن الكتابة. شعراً ومقالاً بسبب الرقابة والخوف من المصادرة؟
نعم. أظنه قريباً جداً. المثقف في مجتمعات منزوعة الأوكسجين لا يحارب طواحين الهواء بل يحاول تحريكها. أقلق بشكل شخصي علي كتابتي وكتبي.
نعرف أن الناس قد يقتلون بسبب أفكارهم أو يتم نفيهم أو سجنهم. في تاريخ فرنسا مثلاً طوابير سجن العلماء والمفكرين والكتاب مخزية. كانوا يكدسون الكتب المصادرة في عهد لويس الرابع عشر في سجن الباستيل حتي اضطروا لبناء جناح خاص لها. تم سجن المفكر لاروشفوكو وفونتينل وبعض الاباء الكهنة والفيلسوف فولتير الذي قرأت له رواية “كانديد” أيام الجامعة. أحرقوا لفولتير كتابه “رسائل فلسفية” بقرار من البرلمان “لمخالفته للدين وحسن الأخلاق” وهو من أسهم بكتاباته في الدفاع عن قيم العدالة وفهم الدين من منظور العمل لأجل الآخرين وليس إدانتهم وتكفير الآخر المختلف كما شاع في عصور التعصب والظلام الأوروبية . كذلك تم التصدي لموسوعة الانسيكلوبيديا التي كتبها رموز حركة التنوير الفرنسية وصودر في السجن كتاب بليز باسكال “رسائل ريفية” الذي كتبه كرد علي موقف المنظمة اليسوعية من جماعة تدعي الجانسينيين كان باسكال اشتغل بينهم وقيل أنه أقام في أحد أديرتهم ذات وقت. بعد إدانة المنظمة اليسوعية لهم بدأ يرد في كراسات ساخرة هي “الرسائل” التي صودرت أما بعد الثورة فقد لقيت ماري أوليمبي حتفها بالمقصلة لما اعتبر تطرفاً منها وهي صاحبة “إعلان حقوق النساء والمواطنين”.
لدي قراءة تحبيذ نادر بكار المتحدث الرسمي لحزب النور السلفي ب “الأدب الإسلامي” ولأسماء محددة أو اعمال محددة لأسماء بعينها وبخاصة محمود شاكر وعلي أحمد باكثير ومصطفي صادق الرافعي وبعض شكسبير. أشعر أن الوقت اقترب ليتم سجني أو إهدار دمي. ربما وقتها أو قبلها نكون انتفضنا في ثورة شعبية عارمة جديدة. المعرفة المسبقة باستحالة تقبل السلطة والمحيط الخارجي لافكار وتجريب معين قد يئد كل هذا في مهده. يئد الخيال ويردم الأمل لكن من يدري. قد يدفع القهر بأنواعه الخيال لابتكار أشكال تعبيرية جديدة. ربما تزيد التعاسة بالمحاصرة الاليكترونية التي عرفتها الكاتبة والناشطة نوارة نجم التي سرقت منها واختفت فجأة كل حساباتها الإليكترونية ومدونتها وقد نتعرض للسجن مثل الشاعر وناشط 6 أبريل أحمد دومة الذي كانت الصحف تتسابق بعد الثورة للاحتفاء به. في كل الأحوال سيحتاج المثقف والمواطن للتفاوض أو للثورة من أجل انتزاع الحق في الحياة كأحياء أحرار وليس كمواطنين أقرب للرجل الآلي ينفذون أجندات “داخلية” للكراهية!.
غادة نبيل
احداث مصر
التفاوض مع الموتى
اضيف بتاريخ: Sunday, January 8th, 2012 في 03:12