دي ثورة مش انتفاضة ولا حركة اصلاحية”.. رأيت هذه اللافتة مرفوعة في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي وأري انها تلخص السبب الأساسي الذي أوصلنا إلي ما نحن فيه الآن من مواجهة بين من قاموا بالثورة ومن كان يجب عليهم أن يتخذوا خطوات ثورية سريعة منذ فبراير الماضي ولم يتخذوها.
للثورة منطقها وطريقها الخاص وللاصلاح أن الانقلاب منطقه وطريقه أيضا وهما منطقان وطريقان مختلفان لا يلتقيان فالثورة تقوم للقضاء علي نظام يري الشعب انه لم يعد يلبي طموحاته ولا يحقق ما يصبو اليه من حياة كريمة وهذا المنطق يستهدف اقامة نظام جديد مختلف يقيمه من ثار ومن يؤمن بالثورة وبأهدافها وهذا يختلف تماما عن حركة الاصلاح التي تبقي علي النظام كما هو وتدخل بعض الاصلاحات عليه فقط تطال بعض رموز النظام السابق وأساليبه في الحكم دون تغيير جذري..اتضح هذا الفارق مبكرا بعد اسقاط رأس النظام في فبراير الماضي حينما طالبت الثورة باسقاط الدستور ووضع دستور جديد يتماشي مع ما يتطلع اليه الشعب من حرية وعدالة ومساواة فإذا بنا نسير في طريق الاصلاح متمثلا في ترقيع الدستور القائم الذي انتج النظام الفاسد وابعد الشعب عن مقدرات بلاده وسلب منه حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو ما كان سببا رئيسيا في اندلاع الثورة بعد ان اختمرت عواملها داخل الشعب المصري سنين طويلة.
اتضح هذا ايضا حينما طالبت الثورة مبكرا بالعدالة الاجتماعية وكان المخرج السريع الذي طرح هو الحدان الأدني والأقصي للأجور بحيث تتقارب المسافات بدلا من الهوة الشاسعة الحالية التي تفصل بين من هم في أعلي السلم الاجتماعي ومن هم في القاع وكان المنتظر اجراءات ثورية تعيد الحق إلي اصحابه ليقتنعوا ان الثورة تحقق ما طالبوا به ولكن انتظارهم طال مع منطق الاصلاح.
ما أقوله ليس جديدا ولا اختراعا فهو معروف لكل دارس في علم السياسة وكتبه الكثيرون طوال الشهور الماضية منبهين إلي ما يمكن ان تجرنا اليه تلك الحالة من الانفصال بين منطق الثورة ومنطق الاصلاح وكان اقربه ما نبه اليه الشاعر الكبير فاروق جويدة في أهرام الجمعة الماضي حين كتب مقالا بالغ الأهمية بعنوان “الثورة في خطر” مشيرا إلي بطء محاكمات الفساد التي طالت ولا تتناسب وتيرتها مع حجم الفساد الذي طال كل مناحي الحياة ودفعت رائحته التي زكمت الأنوف الشعب الي القيام بثورته آملا ان تعود اليه حقوقه بعد ان ينال المفسدون عقابهم الرادع فإذا به يري رموز الفساد تعامل معاملة خاصة في السجون ويرتع بعضها خارج الاقفاص كأنه غير مذنب.. هنا يتضح الفارق بين منطق الثورة ومنطق الاصلاح.
ثم تأتي قضية الأموال المنهوبة والمهربة في الخارج حيث كان الأمل كبيرا في استعادة مليارات الجنيهات لكي تعود الي أصحابها الحقيقيين من ابناء الشعب المصري وكان المنتظر ان تكون هناك خطوات ثورية في هذا الملف ولكن لم يحدث ومرة أخري وقعنا في مطب الاصلاح بدلا من الثورة.
مادامت الفلول باقية ولديها الأموال المنهوبة التي تصرف منها بسخاء ستواصل محاولاتها للقضاء علي الثورة وإعادة عقارب الساعة إلي الوراء وسيستمر شباب الثورة في دفاعهم عما آمنوا به من ضرورة عودة الحقوق الي اصحابها من افراد الشعب المطحون ولن تعود عقارب الساعة إلي الوراء ابدا فالثورات تسير الي الامام دائما وان واجهت مطبات وعقبات ومحاولات عرقلة.
لويس جرجس
احداث مصر
ثورة أم حركة إصلاح؟
اضيف بتاريخ: Tuesday, November 22nd, 2011 في 10:07
كلمات جريدة احداث: احداث, مصر, ميدان التحرير