هل يمكن تحديد هوية الإنسان بحسب المكان الذي يعيش فيه أو يولد فيه أو بحسب صفاته الأخلاقية أو المعتقد الديني الذي يعتنقه.. فكثيراً ما نسمع: إنسان قاهري. وإنسان بحراوي. وإنسان صعيدي. وشخص مسلم. وآخر مسيحي. وإنسان صادق. وإنسان كاذب… إلخ.. والواقع أن كل هذه المسميات خاطئة. ولكنها مرتبطة بالحدث أو الصفة أو المكان ولا تعني في حقيقتها جوهر الإنسان.
* لأنه من الممكن أن أبدل جنسيتي فأصبح ألمانياً أو أمريكياً أو إنجليزياً. ولا يعني ذلك أني بدلت إنسانيتي. وأصبحت شيئاً آخر. فأنا علي الدوام إنسان.. كما أنك إنسان. وكما الألماني إنسان. والانجليزي. والأمريكي… إلخ.. إنسان بغض النظر عن مواقعنا الجغرافية. أو ميولنا العنصرية. أو الفئة والطبقة التي نتبعها وننتمي إليها.
وها نحن هنا في مصر نعيش في موقع جغرافي واحد. ونتكلم لغة واحدة. ونشرب ماءً واحداً. ونأكل طعاماً واحداً.. ولكن قلوبنا شتي.. فنحن مختلفون كأشد شعوب العالم تنافراً. علي الرغم من اللغة الواحدة. والتاريخ الواحد. والدين الواحد.. والهموم الواحدة.. ولكننا مختلفون في التعبير وفي الإحساس بمشاكلنا كأشد أنواع الاختلاف. حتي لأصحاب الجماعة الواحدة أو الائتلاف الواحد. سني. وشيعي. وإخواني. وسلفي. وصوفي. ومسلم. ومسيحي.. إلخ.
والحقيقة أن إرادة الله شاءت أن يوجد هذا الاختلاف والتباين في الطبيعة وفي جميع الخلائق. بين الليل والنهار. والحر والبرد. والكبير والصغير. والبعيد والقريب. وحتي في كل ائتلاف عام خلقه الله سبحانه. ففي عالم الطير هناك الصقر والنسر والغراب والبومة. إلي جانب البلبل والعصفور والشحرور.. وفي عالم الحيوان هناك الأسد والنمر والذئب والضبع. إلي جانب الأرنب والفأر.. إلخ.. ولو تأملنا عالم الإنسان. فهناك الأوروبي. والأفريقي. والآسيوي. والأبيض والأسود. الطويل والقصير. النحيف والسمين.. المسلم. والمسيحي. واليهودي.. إلخ.. ولكن ما يهم في القضية هو الالتفاف حول هدف واحد. مع اختلاف الطبائع. ولذلك أطلقت كل جماعة علي نفسها وحسب فئتها النوعية المتقاربة.. ائتلاف.
وعلينا أن نتدارك هذا الأمر ونحن مقبلون علي انتخاب المجلس النيابي. أو مجلس الشعب الجديد بفئاته وائتلافاته المتباينة أو المتناحرة “إن صح التعبير”.
ولندرك أيضاً أن هناك تعبيراً خاطئاً يسمي “تطابق وجهات النظر” لأنه لو صح أن تشابه ما أقوله أنا مع ما تقوله أنت. فإن أحدنا ليس له لزوم. فلا يجب أن ننظر إلي الاختلاف علي أنه كارثة. بل هي سُنَّة الله في الخلق..
وأنا أنادي بضرورة أن يكون هذا الخلاف في الرأي بهدف تحقيق مصلحة مصر.. ولا يجب أن يكون الهدف هو مصلحة الحزب أو الائتلاف. ولنكن في مجلس الأمة أو الشعب. كمن يقف في الكعبة. ننظر في اتجاهات مختلفة. في مواضع متباينة.. ولكن بهدف أن تتجه بناظريك وقلبك وعقلك إلي الهدف الأسمي. إلي الله وناحية بيته الحرام.
* فليختلف ممثلونا الجدد. ممثلو الأمة ما اختلفوا في الرأي. وفي الموقف. وفي المشهد.. لكنهم يقفون علي قلب رجل واحد.. لا يري إلا مصلحة مصر والمصريين.
بقلم :محمد بلح
احداث مصر
نختلف .. ولكن تبقى مصلحة مصر
اضيف بتاريخ: Saturday, November 19th, 2011 في 06:13