ليس دائماً تأتي الرياح بما تشتهي السفن.. وليس دائماً رأيي صواباً ورأي غيري هو الخطأ.. هكذا علمتنا تجارب الحياة.. فما آلت إليه الثورات العربية من أوضاع مزرية أشبه بحالة انفصام وخصام بين جموع الثائرين واختلافات داخلية وانحراف عن المسار الحقيقي يجعلنا نشعر بالقلق والريبة تجاه تلك الثورات وتحقيق ما قامت من أجله. بل يجعلنا نشعر أحياناً وكأنها أضغاث أحلام.. لكن إيماننا بالله يعزز ثقتنا ويقوي عزائمنا للصبرعلي ما نحن فيه حتي يقضي الله أمراً كان مفعولاً. فقد قامت الثورات العربية لتقضي علي النظم الديكتاتورية لكن يبدو أننا انتهينا من ديكتاتورية الرئيس والنظام وانتقلنا لديكتاتورية الأحزاب والثوار. فكل حزب وكل فئة تري أنها الصواب وما سواها خطأ ولا أحد يقتنع سوي برأيه. الكل يفكر بفلسفة “البعد الواحد” كل فئة وكل حزب يريد دستوراً وقوانين تتوافق مع أجندتها وسياستها فقط أما مصلحة الوطن..!!
الثوار والأحزاب لا يهدأون أبداً ويرفضون ان يقال لهم: شكر الله سعيكم!! ويأبون الا ان يكون لهم دور في المشهد الحالي. فالكل يريد ان يحكم. الكل يريد ان يسيطر. ولا أحد يريد ان يكون من الشعب والرعية. وان كان الأمر كذلك. اذا صار الكل حاكماً فمن يا تري سيكون محكوماً؟؟ من سيكون الشعب؟؟ لا شك ان هذه التصرفات الصبيانية وهذا العبث الذي نراه يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان الشعوب العربية مازال أمامها وقت طويل حتي تفهم معني الحرية والديمقراطية. فالحرية ليست في تعدد الأحزاب أو ان تفعل ما تشاء وقتما تشاء ولكن الحرية تأتي من التوافق والانسجام بين الحاكم والشعب والاتفاق علي سبل الاصلاح والتنمية لتحقيق العدالة الاجتماعية. أما هذا الصراع والزخم والغثاء الحزبي الذي أراه فليس له وصف عندي سوي أنها فوضي سياسية وليست وطنية كما يدعون. والا فما تفسير ما قامت به بعض الأحزاب من إدراج “فلول الوطني” علي قائمتها رغم رفض الشعب واصدار قانون بمنعهم.. ليس لذلك تفسير سوي ان هذه الأحزاب لا تحترم الشعب ولا تحترم القانون. وبهذه السلوكيات فهي تمارس “دعارة سياسية” فجة وتعدياً علي حرمات المصريين واعتقالاً لارادتهم واستهزاء بمطالبهم ولا تختلف كثيرا عن “الوطني المنحل” بل هي الأسوأ لأنها مازالت تفسد وتلوث أجواء الحياة السياسية في مصر. وعليها ان تتوقف عن هذا العبث أو ان ترحل من حياتنا غير مأسوف عليها.
“الفزاعات” والتخويف من فئة بعينها كالاسلاميين نفس السياسة القذرة التي استخدمها النظام البائد. فمازال السوس ينخر في العظام ولن نتقدم قيد أنملة.. فإذا كنا ارتضينا الديمقراطية وحكمها فعلينا ان نترك الشعب يختار ويقرر مصيره ولا مجال لهذه الطرق الملتوية والخبيثة ولا مجال للتآمر وزعزعة الأوضاع التي لا تحتمل أي زعزعة.. ولينجح من ينجح سواء مسلم أم مسيحي أم يهودي. المهم نزاهة الانتخابات واختيار من يريده جموع الشعب.. ولكن ازاي؟؟ لازم يطلع لنا شوية “كلمنجية” في الفضائيات ياكلوا ودانا بشوية “العبط” اللي بيقولوه والكل يعلم أهدافهم “وقف المراكب السايرة” و”البكاء علي الأطلال”.
علينا ان نفهم ونعي جيداً ان مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات. فينبغي ان ننحي الخلافات. فالخلاف كله شر خاصة في تلك المرحلة الحرجة. وان نتخلص من النوازع الذاتية وحب السلطة والأنانية ولنتحد من أجل مصر.. حفظ الله الوطن.
محمد لاشين
احداث مصر
شكر الله سعيكم
اضيف بتاريخ: Saturday, November 12th, 2011 في 00:59