جاءت الثورات المصرية مناهضة لثقافة الإفساد وإجرام السلطة التي مارسها النظام الحاكم لسنوات طويلة. عاش فيها الإنسان المصري حالة من الضياع المنهجي. تلك الحالة التي أفقدته التواصل مع ذاته من ناحية ومن ناحية ثانية مع معطيات المجتمع الذي يعيش فيه. فضاعت روح الانتماء وانكسرت الإرادة. ولانت الهمم. وتمططت الضمائر والذمم. وباتت اللامبالاة أو ما يعرف يسأل عنها الاجتماعي هي السمة الغالبة لخصائص الشاب المصري. فلم يكن هناك إنتاج قابل للتصدير. ولا أعمال دخلت ذاكرة التاريخ. ولا تعليم ولا إبداع تألق للعالمية. وكأن الإبداع في مصر انتهي منذ السبعينيات من القرن الفائت. وبيت القصيد في ذلك كله هو حالة الفساد المنظومي أو الإفساد المنظم التي لمسها الإنسان المصري في شتي ميادين الحياة صحة وتعليما وخلافه. وجاءت الثورة لتضع أيدينا علي مواطن الفشل والضياع. أملا في استمرار الشخصية المصرية المتفردة وتنمية قدراتها علي التعايش والتواصل مع مجتمع العولمة. إلا أن كثيرا من الناس أدركوا الثورة إدراكا خاطئا. وراحوا يعبثون بكل ما هو نظامي أو منظم. فلم يثوروا فقط من أجل إسقاط نظام مبارك وإنما سعوا دون وعي لإسقاط النظام الحياتي للشعب. وأماطوا اللثام عن الوجه الأسوأ في العلاقات الاجتماعية. فوضعوا جل همهم في تغيير قيادات الحكومة والحزب الوطني المنحل. متجاهلين حالة الفساد والفبركة الممنهجة التي مارسها المصريون حكومة وشعبا. حتي صار الفساد ثقافة متأصلة في السلوك الإداري.. ولم تزد الثورة هذا السلوك إلا عمقا حتي بات الانفلات والفوضي هما السمة الغالبة للمرحلة الراهنة.. وأصبح المسئولون عن النظام يدا لا تعرف العقاب وإنما التسكين والطبطبة. فنسي رجال الشرطة واجبهم في تأمين الشارع وتسيير حركته. ووضع التعليم الذي هو هدف الثورة في مأزق تاريخي محتوم. إذ أنه انتظم شكلا واختل مضمونا ومنهجا. حيث سمح المسئولون عن التعليم لحملة الدبلومات المتوسطة بالعمل في التدريس مستندين علي شهادات خبر مفبركة بالعمل في هذا المجال واتجه آخرون إلي الاعتصام والإضراب مطالبين بحقوق مادية.. متناسين أن العمل واجب أخلاقي والأجر رزق مكفول من السماء. مما يبشر بارتفاع معدلات التسرب الدراسي وتزايد الأميين. وما ينتج عن ذلك من تفشي لظواهر التسول وأطفال الشوارع وعمالة الأطفال وغيرها. وأقحم أساتذة الجامعات الطلاب في التحريض ضد إسقاط أو تشويه أساتذة آخرين. لقد استقطب الأساتذة الطلاب إلي حلبة الصراع علي السلطة.. فضاعت الهيبة وضاع الهدف.. فهم بذلك يساهمون في إسقاط جيل كامل من حسابات الثورة.
وصف القسم
أحداث مصر اليوم 2019 شاهد اخر اخبار الاحداث المصرية الاخيرة الان
بحث جريدة أحداث
COPYRIGHT (C) 2024موقع جريدة احداث اليوم : احد مواقع شبكة مصريات